لا تتوقف دبي عن ابتكاراتها التي تجذب بها السائحين وعشاق التسوق من مختلف دول العالم، فقبل نحو خمسة أعوام دشنت هذه المدينة الخليجية الصحراوية أكبر مدينة ثلجية بالشرق الاوسط، في مركز الامارات للتسوق، لاغراء هواة التزلج على الجليد. وقبل سنوات قليلة، أقامت في مركز تسوق اخر، أول مقهى ثلجي في الخليج، وهو مقهى يستقبل زواره في درجة حرارة تقل عن 40 تحت الصفر، ليجلسوا على مقاعد ثلجية، ويتناولون مشروباتهم على موائد جليدية. وفي مركز ''دبي مول'' أقامتالإمارة، أكبر حوض سمك في العالم اسمته دبي أكواريوم، ضم الآف الأنواع من الأسماك والكائنات البحرية النادرة والمفترسة، لتجذب به مئات المتسوقين والسائحين يوميا. وجاءت أخر تقاليع دبي بمشروع يتيح للمتسوقين ''الطيران في الجو'' كأنهم طيور بلا أجنحة، و''السير في الهواء'' مخالفين قوانين الطبيعة؛ حيث أقيم المشروع في مركز ''مردف سيتي سنتر'' للتسوق، ويحمل اسم ''آي فلاي دبي''، ويوفر اغرب تجربة يمكن أن يمر بها السائح في حياته، حيث الطيران داخل قاعة أسطوانية مغلقة ليرتفع جسده إلى اكثر من 10 أمتار عن سطح الأرض، وهو ارتفاع يعادل ارتفاع مبنى من ثلاثة طوابق. يعد المركز الأول من نوعه في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط، وهو أحد ابتكارات دبي لإغراء المتسوقين وجذب السائحين إلى مراكزها التجارية، ولا تحتاج التجربة أية مهارات خاصة، ولا تتطلب أجساما أو أوزانا محددة، كل المطلوب أن يطلق السائح جسده للرياح وينسى انه إنسان ليطير في الهواء. ويشاهد من يمر في مركز التسوق، متسوقون يضعون مشترياتهم جنبا، ويطلقون أذرعهم وسيقانهم للهواء، ويطيرون في الهواء، لما يزيد عن ساعة متقطعة، ثم يعودون ليواصلون رحلة تسوقهم. ولا يقتصر الأمر على المتسوقين والسائحين الرجال، بل يمكن للأسرة بنسائها وأطفالها أن تطلق أجسامها للرياح، وتتحول إلى أسرة طائرة كسرب من الطيور المهاجرة، وفور ان يلقي المتسوق بجسده في صالة الطيران يجد نفسه فوق مضخة هواء ضخمة، فيسبح في الجو، منخفضا ومرتفعا، وفق رغبته، ومتاح له التحليق وهو مستلق على ظهره، أو مقلوبا، وبعض المتسوقين المهرة يسيرون في الجو بحركات تدهش المتجولين في مركز التسوق. وفي هذا الوقت ترى فلاشات التقاط الصور تضيء من كافة جوانب صالة الطيران لتلقط الكاميرات المثبتة بالجدران اجمل اللحظات التي يمر بها ''المتسوق الطائر'' اثناء السباحة في الهواء بالإضافة إلى كاميرا فيديو تصور تجربتك منذ بدايتها وحتى نهايتها. وتبدأ تجربة الطيران بان يستقبلك مدرب ويصطحبك الى غرفة مخصصة لعرض فيلم لا تزيد مدته عن 15 دقيقة تشاهد من خلاله تجربة كاملة لأسرة اجتازت السباحة في الهواء بالإضافة الى بعض إشارات التخاطب باليد التي يتم التخاطب بها اثناء السباحة في الهواء، ويخرج المتدرب من هذه الغرفة إلى حجرة الملابس ليرتدي زي يشبه ملابس رواد الفضاء تتمثل في زي خاص واقي للصدمات وخوذة ونظارة لحماية العينين من الهواء المندفع، ثم ينتقل المتسوق الى صالة اسطوانية شفافة ذات جدران مصنوعة من مادة الاكريليك، ليبدأ تجربة التحول إلى طائر، وأمام هذه الصالة تجد المتسوقين المتشوقين للطيران، وبعضهم تبدو عليه علامات التردد والقلق قبل خوض التجربة. ويقول مدير آي فلاي توماس جاتيف: هذا المركز هو الأول من نوعه للطيران والسقوط الحر في الشرق الأوسط، موضحا انه يعتمد على تقنيات رياح الانفاق المبتكرة التي تمكن المشاركين من السباحة في الهواء دون اللجوء الى القفز من الطائرات، ويضيف: يعتمد المركز على تقنية الأنفاق الهوائية باستخدام مروحتين عملاقتين متماثلتين يزيد قُطْر الواحدة منها عن ثلاثة أمتار وتعمل بقوة 800 حصان فتنتج تدفقاً هوائياً تصل سرعته إلى 200 كيلو متر في الساعة ويزيد ارتفاع الصالة الاسطوانية التي يطير فيها الزائر عن عشرة امتار وقطرها يصل الى ثلاثة امتار واستغرق تصميمها اكثر من 900 ساعة عمل . ويؤكد ان المركز يضمن السلامة والامان لكافة المشاركين، بتوفير الملابس الخاصة بالسقوط الحر الى جانب تواجد نحو 15 مدربا محترفا في فنون السباحة والتحليق في الهواء لمساعدتهم وتدريبهم بشكل يؤهلهم للقيام بهذه التجربة بمفردهم، لافتا الى ان المركز لا يفرض اي قيود على عمر المشارك فالفرصة متاحة لمن هم في عمر الخامسة وكافة أفراد الأسرة، ويشير إلى أن رياضة القفز الحر في المركز لا تقتصر على الذكور فقط بل تشهد إقبالا كبيرا من قبل النساء من كافة الجنسيات العربية والأجنبية خاصة من تقل أعمارهن عن 40 عاما . ويضيف أنه تم تخصيص يوم الأربعاء من كل أسبوع للنساء فقط، بدءا من الساعة الحادية عشرة صباحا وحتى الساعة العاشرة ليلاً، ومن تريد من النساء ممارسة هذه الرياضة خلال أيام الأسبوع بخلاف الأربعاء فيمكنها ذلك ، فإدارة المركز تغلق القاعة بالستائر لتمارس المرأة هذه الرياضة بحرية، وأوضح انه لا يوجد عوائق فيما يتعلق بوزن المرأة أو عدم خبرتها في هذا المجال باجتيازها للتجربة حيث يتم التحكم في ذلك من خلال تحديد قوة الهواء الموجود في الأنفاق الهوائية وكذلك قدرتها على ترك نفسها ليحملها الهواء ألي اعلي دون خوف او قلق . أمأ مدير التسويق في المركز حسين موسى، فيشير الى ان تجربة الطيران متاحة ايضا للأطفال، من عمر ثلاث سنوات، ولكن العمر المناسب للاستمتاع بالتجربة هو الخمس سنوات. ويكمل أن التجربة داخل المركز تتشابه كثيرا مع تجربة القفز بالمظلات، والطيران الحر في الفضاء، والفارق في المساحة، وكذلك الخوف الذي يرافق المرء في الهواء الطلق وحتى المحترفين. ويشير الى ان التجربة تتكلف 50 دولارا، ويتضمن المبلغ حصة التدريب واستخدام معدات التحليق، ورحلتين ومساعدة من المدرب. وامام قاعة الطيران، جلس محمد نادر، وهو مصري مقيم في دبي، ينتظر وقت خوض التجربة، وقال ''لم اتوقع في حياتي اني يمكن أن أطير في الجو مثل العصافير، أو أسير في الهواء دون خوف من السقوط''،ويضيف، ''لقد شاهدت متسوقين كثيرين في مركز التسوق وهم يلقون بأنفسهم في قاعة الطيران ويحلقون في الهواء، كأنهم ريشة في الهواء، وجذبتني التجربة، وكنت في البداية خائفا جدا لكن الآن استمتع بالطيران أسبوعيا، أنا وأسرتي''. أما حازم علي، وهو لبناني يعيش في إمارة الشارقة القريبة من دبي، قال ''اصبح التسوق في دبي متعة كبيرة للشباب والأسر المقيمة بالإمارات او القادمين للسياحة، فنحن أتناء التسوق يمكن أن نتزلج على الجليد وكأننا في شتاء أوربا، ثم نتناول مشروبا ساخنا في المقهى الثلجي الذي يشعرك كأنك في القطب الشمالي، ثم نلقي بأنفسنا في الهواء لنتحول الى طيور تحلق في الهواء''.