لأول مرة يحتفل المصريون بذكرى انتصارات اكتوبر بعد ثورة 25 يناير المجيدة، كان دومًا الضوء مسلط على رموز بعينها، وكأنهم وحدهم حققوا هذا الإنتصار التاريخي على العدو الصهيوني، في الوقت نفسه؛ هناك أبطالاً ظلوا لفترات في الظل.. لا يعرف أحد عن بطولتهم شيئًا.. مصراوى إلتقى بأحدهم.. ليكشف عن أسرار جديدة في حرب العاشر من رمضان. اللواء بحري متقاعد ''يسري قنديل''، أحد قادة حرب أكتوبر المجيدة، كان على رأس البحرية المصرية في جنوب البحر الأحمر، والتي عملت على قطع خطوط اتصال العدو من خلال إغلاق كافة الممرات والمنافذ المائية، لمنع وصول الإمدادات الخارجية إلى ميناء إيلات، خاصة القادمة من دول شرق أسيا، والبترول الإيراني الذي كان يصل إليها عبر مضيق باب المندب، والبحر الأحمر، وخليج العقبة. يتحدث بطل الحرب اللواء يسري قنديل عن فترة الإعداد الإستراتيجي لعملية القتال المسلح في المنطقة وما تبعه من أحداث؛ وأوضح أن قيادة القوات البحرية قامت بزيارتين لليمن الجنوبية واليمن الشمالية آنذاك، واستطلعت الجزر جنوب البحر الأحمر وتصويرها جوًا وقدمت تقريرًا بذلك إلي القيادة العامة للقوات المسلحة، مما أدى إلى زيارة للمشير أحمد إسماعيل والوفد المرافق له إلى السودان والصومال وأثيوبيا في مارس 1973، للحيلولة دون حصول إسرائيل على تسهيلات عسكرية بالجزر الإثيوبية جنوب البحر الأحمر. أما الإتجاه الثاني، فتمثل في عمل التحصينات اللازمة تحسبًا لرد الفعل الجوي من قبل القوات الإسرائيلية؛ حيث أن البحرية الإسرائيلية لم تكن قادرة علي تحقيق عمل بحري مضاد وفعال. وأوضح قنديل؛ أن مصر استغلت الترتيبات العلنية المتعلقة بإصلاح الغواصات بباكستان لكي تأخذ الغواصات المصرية مواقعها في مسرح البحر الأحمر في سرية، مع الإيحاء بأنها غير صالحة للعمليات العسكرية بحاجتها للإصلاح، وتم إبراز ذلك بتكثيف اتصال البحرية المصرية عن عمد مع السلطات الباكستانية لسرعة نقل التجهيزات الخاصة بأحواض إصلاح الغواصات إلى ميناء كراتشي، واستغلال المناورة التعبوية السنوية للقوات البحرية في رفع درجات الإستعداد والتجهيز لتحميل الألغام وإتخاذ الوحدات مواقع عملياتها تحت ستارالتجهيز التمهيدي للمناورة ثم تنفيذ الفتح الفعلي علي أنه تحركات داخل إطار المناورة وفي حدودها. ويستكمل بطل أكتوبر: بناء على تقدير الموقف بمسرح البحر الأحمر، كان قرار قائد القوات البحرية يتمثل في تلغيم مدخل خليج السويس باستخدام كاسحة وسرب "لنشات" هجومية سريعة قبل بداية العمليات، وبث كمائن من الألغام في الممرات المؤدية إلى مراسي العدو ومنابع البترول في خليج السويس باستخدام الصاعقة البحرية، علاوة علي تعطيل العمل بحقل بلاعيم باستخدام الضفادع البشرية، واستخدام الممرات في منطقة مدخل البحر الأحمر الجنوبي لممارسة حق الزيارة والتفتيش ومنع السفن المتجهة إلى ميناء ايلات من الإبحار شمالا، فضلاً عن استخدام الغواصات شمال شرق بورسودان لمهاجمة السفن الإسرائيلية التي قد تنجح في الدخول من باب المندب في حالة تطور الموقف بهذه المنطقة لأي سبب. وأضاف قائلاً؛ " قبل ساعة العبور، تسللت الغواصات المصرية بهدوء إلى مناطق عملياتها للتعرض لخطوط المواصلات الإسرائيلية في وسط البحر الأحمر، بعد أن بثت وحدات التلغيم حمولتها من ألغام بمياه المدخل الجنوبي لخليج السويس، وقامت ناقلات البترول المصرية بحركاتها الرتيبة المألوفة مقتربة من مناطق عمليات مجموعة باب المندب لإمداد وحداتها بحاجتها من الوقود، وفي الساعة الثالثة والنصف أعلنت مصر في بيان عالمي أصدرته وزارة الخارجية عن مناطق العمليات الحربية في مسرحي البحر المتوسط والبحر الأحمر، وأصدرت أيضا حكومة اليمن الجنوبية إعلانًا مشابهًا يشمل مياه منطقة باب المندب وأصبحت العمليات البحرية المصرية ضد إسرائيل تُغطي أكثر من نصف مليون كيلو متر مربع من مياه البحرين المتوسط والأحمر". وعن ساعة الحسم؛ يقول قنديل: في الساعة الثانية عشر من ظهر السادس من اكتوبر، أرسلت قيادة القوات البحرية إشارة للوحدات البحرية العاملة بالبحر الأحمر، قامت بموجبها بفتح المظاريف السرية وبها المهام المكلفة بها في التعرض للنقل البحري الإسرائيلي بالبحر الأحمر، وبدأت المدمرات من أماكن تمركزها بميناء عدن في ممارسة حق الزيارة والتفتيش من منطقة عملها بين جزيرتي بريم جنوبًا وجبل الطير شمالاً، وأخطرت جميع السفن المدنية بمناطق مرور المدمرات بعدم الإبحار شمالاً عند خط العرض 2300 شمالاً بين جدة وبورسودان لعدم التعرض لخطر الاشتباكات، حيث بدأت العمليات الحربية بهذه المنطقة بين مصر واسرائيل. وأضاف اللواء يسري قنديل؛ أثناء مرور المدمرة "الفاتح" علي الخط الواقع بين جزيرتي جبل الطير وبريم، تم إعتراض السفينة الحربية الأمريكية "لاسال" يوم9 أكتوبر، إلا أنها لم تمتثل وأطلقت عليها النار من المدفع 4 بوصة أمام مقدم السفينة مما أجبرها علي رفع علم أمريكا، أما في الواحدة بعد منتصف الليل من اليوم التالي، اعترضت المدمرة "الفاتح" السفينة الصاروخية الأمريكية عند جزيرة جبل الطير وأبلغتها إعلان حالة الحرب بين مصر واسرائيل وأخطرتها بعدم الإبحار شمال الخط 23 فامتثلت واتجهت جنوبًا نحو جيبوتي. ويؤكد اللواء يسري قنديل؛ أن القوات البحرية المصرية تمكنت بإستخدام سلاحي المدمرات والغواصات علاوة علي سلاح الألغام البحرية من تنفيذ هذه المهمة بنجاح للمرة الأولي وبفاعلية تامة وعلي أعماق بعيدة محققة آثارًا عسكرية وإقتصادية ومعنوية علي إسرائيل وقواتها المسلحة، خاصة في مجال الإمداد بالبترول عبر باب المندب وخليج السويس، مما ترتب عليه تعطيل حركة الملاحة البحرية من وإلي ميناء إيلات بالكامل، وتوقفت عمليات نقل البترول الخام من خليج السويس الذي كان يسد معظم احتياجات إسرائيل. وأوضح قنديل؛ أنه خلال الفترة من 6 أكتوبر73 إلي فبراير من العام التالي، اعترضت المدمرات ما يقرب من 200 سفينة تجارية وقامت بتفتيش سفينتين مشتبه فيهما، إحداهما ناقلة بترول، وكانت تحمل علم اليونان، وسفينة نقل أغنام كانت تعمل بين السعودية والصومال. اقرأ أيضًا: الرئيس مبارك يتصل هاتفياً بأحد أبطال أكتوبر الذى رفض مليون جنيه ''رشوة''