دبي (رويترز) - وقف الجيش الامريكي وحلفاؤه الاوروبيون يتفرجون فيما أرسل دكتاتور عربي يائس دباباته وطائرات الهليكوبتر لسحق انتفاضات شعبية والانتقام. كان هذا حال العراق تحت حكم الرئيس الراحل صدام حسين بعد حرب الخليج قبل 20 عاما بالتمام والكمال لا ليبيا يوم الاثنين حيث لاتزال النتيجة غير واضحة. وبعد أن طرد ائتلاف قادته الولاياتالمتحدة الغزاة العراقيين من الكويت قمع صدام المتمردين الشيعة والاكراد في مارس اذار 1991 على الرغم من أن الرئيس الامريكي انذاك جورج بوش كان قد شجعهم على التمرد. ويوم السبت فرض مجلس الامن التابع للامم المتحدة عقوبات تتصل بالسفر والاصول على الزعيم الليبي معمر القذافي وبطانته واعتمد حظرا على الاسلحة ودعا المحكمة الجنائية الدولية الى محاكمة كل من هو مسؤول عن قتل محتجين مدنيين. لكنه أحجم عن اعلان منطقة حظر جوي للدفاع عن الجيوب التي يسيطر عليها المحتجون في وجه قوات القذافي وهو الاقتراح الذي طرحه ابراهيم الدباشي نائب مندوب ليبيا بالاممالمتحدة والذي كان من أوائل الدبلوماسيين الليبيين الذين نددوا بالاخ العقيد وانشقوا عليه. وقال مالكولم تشالمرز من معهد رويال يونايتد سيرفسز وهو مؤسسة بحثية عسكرية بريطانية "الامور تتحرك بسرعة شديدة على الارض في ليبيا الان بحيث يمكن أن ينتهي هذا الامر بأيدي الليبيين أنفسهم وهذه هي أفضل نتيجة ممكنة." واستطرد قائلا انه يجب وضع خطط طواريء لاعلان منطقة حظر جوي اذا اقتضت الضرورة. وبموجب شروط الاستسلام التي أنهت حرب الخليج عام 1991 حظر الجيش الامريكي تحليق الطائرات العراقية ذات الاجنحة الثابتة لكنه لم يمنع طائرات الهليكوبتر التي استخدمتها قوات صدام لالحاق الدمار بالمتمردين الشيعة والاكراد. بعد ذلك طبقت القوى الغربية حظرا جويا اكثر صرامة فوق كردستان العراق وتأكدت من تراجع قوات صدام جهة الجنوب لاقناع مئات الالاف من الاكراد الذين أصابهم الذعر وفروا الى جبال ايران وتركيا بأن العودة امنة. ومكن هذا الاكراد من الحصول على الحكم الذاتي -حين كان الاقتتال فيما بينهم متوقفا- بشمال العراق في تحد لصدام. لكن العراق سابقة شائكة لان الولاياتالمتحدة كانت تطبق منطقة الحظر الجوي التي أعلنت فوق الجنوب بشكل انتقائي واستغلتها عام 1992 لتدمير الدفاعات الجوية العراقية في الاعوام السابقة لغزوها العراق عام 2003 . ويبدو الحصول على موافقة مجلس الامن التابع للامم المتحدة على القيام بعمل عسكري في ليبيا صعبا الان وسيصور القذافي اي تدخل غربي على أنه اعتداء للاستعمار الجديد ويستغله لتقويض المسوغات الوطنية لخصومه. وفقد القذافي السيطرة على معظم أنحاء ليبيا التي سيطر عليها محتجون يطالبون بانهاء حكمه الممتد منذ 41 عاما لكنه تعهد بالقتال حتى اخر قطرة في دمه. واذا تحول هذا الى صراع طويل ودموي مع لجوء القذافي لاستخدام الطائرات والدبابات ضد المدنيين والجنود الذين تمردوا عليه فان الدعوات الى القيام بعمل عسكري دولي قد تتزايد. ووردت تقارير غير واضحة عن استخدام القوة الجوية الليبية ضد المدنيين وهو ما نفاه أحد ابناء القذافي. واتجه طياران ليبيان منشقان بطائرتيهما الى مالطا في 21 فبراير شباط وقالا انه صدرت لهما أوامر بقصف المحتجين. وقال رانج علاء الدين ودانييل كورسكي على موقع (اوبن ديموكراسي) على الانترنت "في الوقت الحالي يحتاج الليبيون بشدة الى اجراء يحد من قدرة القذافي على قتل شعبه" وأضافا أن عقوبات الاممالمتحدة ليست كافية وأنه يجب حرمان الزعيم الليبي من قدرته على استخدام القوة الجوية. ويقول تشارلز هيمان وهو محلل دفاعي بريطاني اخر انه قد يتم فرض منطقة حظر جوي هذا الاسبوع بقيادة القوى الاوروبية وليس الولاياتالمتحدة. وأضاف "أعتقد أن (الرئيس الامريكي باراك) أوباما يلتزم الصمت لانه يريد أن يتحمل الاوروبيون مسؤولية هذا." ويتحدث الزعماء الغربيون بمزيد من الجرأة الان بعد أن خفضت عمليات الاجلاء أعداد رعاياهم الذين تقطعت بهم السبل في حقول النفط والمدن الليبية انخفاضا حادا. وفي اتصال هاتفي مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل قال أوباما "حينما لا تكون لدى زعيم من وسائل البقاء الا استخدام العنف الشامل ضد شعبه فانه يكون قد فقد الشرعية في أن يحكم وينبغي أن يفعل الشيء الصواب للبلاد من خلال المغادرة الان." وقال روبرت سبرينجبورج الاستاذ بالكلية البحرية للدراسات العليا في مونتيري بكاليفورنيا ان واشنطن فشلت في الانحياز الى صف الاحتجاجات الداعية للديمقراطية بالعالم العربي او التوصل الى سبل عملية لمساندتها. وأضاف "بالنظر الى هذا سيبدو من قبيل النفاق بالنسبة للبعض أن تلعب الولاياتالمتحدة دورا نشطا في ليبيا بالنظر الى أنها كانت شديدة السلبية في مصر وتونس وبالبحرين واليمن." والعقوبات الامريكية وسيلة بطيئة وغير مضمونة للمساعدة في ازاحة القذافي لو لم يفعلها الليبيون أنفسهم. وسيكون شن غارة عسكرية أمريكية تستهدف القذافي على غرار غارات القصف التي أمر رونالد ريجان الرئيس الامريكي انذاك بتنفيذها ضد الزعيم الليبي عام 1986 خيارا ينطوي على "مجازفة كبيرة". وقال سبرينجبورج "البديل الثالث سيكون خنق قدرات القوات في المناطق المحررة من خلال القوات المصرية والتونسية. وستفضل المعارضة نفسها هذا. أظن ان التونسيين والمصريين سيكونون مستعدين وان العالم لن يعترض." وفي مصر التي يديرها المجلس الاعلى للقوات المسلحة بعد أن أطاح محتجون بالرئيس السابق حسني مبارك قال مصدر عسكري مصري ان جميع الخيارات مفتوحة في ليبيا بما في ذلك استخدام القوات البرية اذا فوضها مجلس الامن الدولي بذلك. وسيكون فرض منطقة حظر جوي تحت مظلة الاممالمتحدة اكثر قبولا من مبادرة للولايات المتحدة او حلف شمال الاطلسي خاصة اذا أيدت الجامعة العربية او حتى الاتحاد الافريقي هذا الاجراء. وقال ديفيد كورترايت من معهد كروك لدراسات السلام الدولي بجامعة نوتردام في انديانا ان على أوباما السعي للحصول على تفويض من مجلس الامن الدولي لبدء التخطيط لمنطقة الحظر الجوي هذه وأن يطلب مساندة الدول العربية. وقال كورترايت "حتى اذا لم ترسل مصر او المغرب الا بضع طائرات فسيكون هذا مهما جدا على صعيد الشرعية السياسية للعملية." وقال اندرو بروكس الضابط السابق بالقوات الجوية البريطانية ومحلل شؤون الفضاء ان فرض منطقة حظر جوي "سيكون قابلا للتنفيذ" في وجود طائرة انذار مبكر محمول جوا وبضع طائرات مقاتلة. وأضاف "السؤال هو ما هو الثمن السياسي وبأي سلطة سياسية.." وتحدث عن الحوادث المحتملة اثناء العمليات التي قد تسفر عن وقوع خسائر بشرية غير مقصودة بين المدنيين. وكان السياسي العراقي الشيعي احمد الجلبي الذي قاد جماعة معارضة مدعومة من المخابرات المركزية الامريكية (سي.اي.ايه) في شمال العراق في التسعينات قد دعا الجامعة العربية الى لعب دور في أي منطقة حظر جوي تفرض على ليبيا. وقال "المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية هائلة لانه تم السماح للقذافي بالتسلح مثلما تم السماح لصدام بالتسلح."