يخشى خبراء ان تتحول عملية البحث عن حقول من الغاز في البحر الابيض المتوسط، الى سبب لنزاع جديد بين لبنان واسرائيل خصوصا مع اعلان البلدين عن خطوات عملية في هذا المجال. واعلن وزير الطاقة والمياه اللبناني في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل في مؤتمر صحافي الجمعة ان وزارته "وضعت جدولا زمنيا لاطلاق عمليات المناقصة لتبدأ بالتنقيب عن الغاز والنفط في المياه" الاقليمية. واشار الى ان الوزارة "في صدد ان تختار قبل منتصف شهر شباط/فبراير الاستشاري العالمي الذي ستتعاقد معه (...) لمساعدتها في تحضير المراسيم التطبيقية والاعمال التحضيرية لاطلاق تراخيص التنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية" المقرر مبدئيا في تشرين الثاني/نوفمبر من هذا العام. واوضح ان عشر شركات عالمية تقدمت في هذا المجال، معتبرا ذلك "دليلا اضافيا على الاقبال العالمي على موضوع النفط في لبنان". ويؤكد باسيل لوكالة فرانس برس ان "لبنان يمتلك، بحسب المعلومات التي نملكها، ثروة كبيرة من الغاز موزعة في البحر، وخصوصا عند حدوده الجنوبية". ويضيف ان "اسرائيل منزعجة لان لبنان انتقل من الكلام الى الفعل للمرة الاولى، لكننا نؤكد اننا سنحمي هذه الثروة (...) ولن نسمح لاسرائيل بان تعتدي عليها". واعلنت شركة "نوبل اينرجي" الاميركية للطاقة نهاية العام الماضي ان حوض المتوسط يضم حقلا يحتوي على نحو 450 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي. وقالت ان "حقل ليفياثان يمكن ان يجعل من اسرائيل دولة مصدرة للغاز". وسارع وزير البنى التحتية الاسرائيلي عوزي لاندو الذي تتعاون بلاده مع الشركة الاميركية الى التحذير من ان اسرائيل ستدافع "بكل ما يلزم من قوة" عن الحقل وحقول اخرى في الحوض. ويؤكد الخبير الجيولوجي والاستاذ الجامعي اللبناني علي حيدر ان "كمية الغاز الموجودة بين لبنان واسرائيل كبيرة (...) لذا فان الدافع الاقتصادي للخلاف، وحتى للحرب، متوفر". ونشرت "نوبل اينرجي" التي تمتلك حصة كبيرة في ليفياثان، خريطة اظهرت ان جزءا من الموقع المنشود يرقد عند الحدود بين لبنان واسرائيل. ويشير حيدر الى ان "اسرائيل لا تعترف بالخرائط اللبنانية، ومن هذا المنطلق قمنا بدراسة خرائط جيولوجية اسرائيلية رسمية، وتبين من ذلك ان ربع الى ثلث ليفياثان على الاقل يقع في الجانب اللبناني". ويشدد على ان الخلاف الرئيسي بين لبنان واسرائيل هو حول كيفية ترسيم الحدود. ويقول "نمد الخط الحدودي بشكل مائل واسرائيل تمده بشكل مستقيم والفارق بضع درجات فقط. لكن اي انحناء بسيط يخسر لبنان مليارات الدولارات، وانحناء آخر يكسبه المليارات". وبحسب حيدر، فان اسرائيل تعتبر ان الخط الحدودي البحري قائم "صعودا من راس الناقورة، وتحديدا بشكل عامودي فوق خط وهمي يمتد من راس حيفا حتى صخرة الروشة وسط بيروت، كونهما ابعد نقطتين بحريتين عن البر في اسرائيل ولبنان، ما يمنح الدولة العبرية الافضلية جنوبا". ولم يتم ترسيم للحدود البحرية بين الدولتين اللتين هما في حالة حرب. وارسل لبنان العام الماضي خرائط الى الاممالمتحدة ترسم حدوده البحرية كما يراها مطالبا بمنع "اي تعد اسرائيلي على المنطقة الاقتصادية اللبنانية" في البحر. كما دعا وزير الخارجية علي الشامي هذا الاسبوع البعثة اللبنانية لدى الاممالمتحدة الى طلب عقد "لقاء عاجل" مع الامين العام للمنظمة الدولية بان كي مون لمطالبته بان تساهم قوة الاممالمتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) في ترسيم حدود لبنان البحرية. واقر مجلس النواب اللبناني في آب/اغسطس 2010 قانونا للموارد النفطية يتيح التعامل مع الاحتياطات المحتملة للنفط والغاز في المياه الاقليمية ينتظر اصدار المراسم التطبيقية الخاصة به ليدخل موضع التنفيذ. ويقول باسيل "لم نستعجل باصدار قانون النفط فقط لان اسرائيل بدات تلوح باعمال التنقيب، بل لاننا نملك ثروات نريد ان نستغلها". ويتابع "هناك برنامج يستغرق سنة (...) وخلال هذه الفترة سنحضر البنية التحتية البشرية والمالية والبيئة الخاصة بذلك". وكانت "نوبل اينرجي" اعلنت قبيل اقرار قانون النفط اللبناني ان انتاج الغاز من اسرائيل في مواقع محاذية للبنان قد يبدأ في 2012. ويحذر حيدر من ان لبنان الذي يعاني من عجز مالي كبير يبلغ حوالى خمسين مليار دولار "لا يستطيع التريث اكثر، لان اسرائيل قد تعمد الى سحب الغاز". وشدد على اهمية البحث منذ الآن مع دول مجاورة مثل تركيا في تسويق الغاز المحتمل العثور عليه. والعمل جار حاليا على تشكيل حكومة جديدة في لبنان بعد سقوط الحكومة السابقة في 12 كانون الثاني/يناير على خلفية ازمة سياسية لا تزال قائمة. وقد يؤثر استمرار الفراغ الحكومي لوقت طويل على مسألة النفط.