الكويت (رويترز) - كان الاداء المتواضع هو السمة العامة والرئيسية التي غلبت على أداء بورصة الكويت في 2010 لكن افاق العام الجديد تبدو مشرقة بفعل عدد من العوامل أهمها بدء تنفيذ خطة التنمية الحكومية وارتفاع أسعار النفط واستعداد كثير من أسهم الشركات للانطلاق من جديد بعد أن بلغت القاع. وقال اقتصاديون ومحللون لرويترز ان أداء البورصة في 2010 لم يكن كله عثرات بل تضمن أيضا بعض الايجابيات التي ربما لم تجد طريقها للظهور نظرا لتواضعها واختفائها وسط جو عام من التراجع. وقال حسين العتال رئيس مجلس ادارة المجموعة المالية الكويتية ان أكبر دليل على ضعف أداء السوق خلال 2010 هو أن ثلث الشركات المدرجة تقريبا يتم تداول أسهمها بأقل من القيمة الاسمية وهي مئة فلس للسهم الواحد. لكنه أوضح أن هذا الضعف لم يمنع وجود حالة من الرواج "الانتقائي" الذي أصاب أسهم بعض الشركات التشغيلية أو ذات الطبيعة الخاصة والذي لم ينسحب على مجمل السوق. من جانبه قال جاسم السعدون رئيس مركز الشال للاستشارات الاقتصادية ان حركة السوق في 2010 اتسمت بتناقض بين قراءات المؤشرين السعري والوزني فقد تراجع الاول بينما ارتفع الثاني بشكل كبير. وقال ان هذا التباين يظهر أن "السوق أصبح انتقائيا يكافئ الشركات الملتزمة ويعاقب الشركات التي تراهن فقط على المضاربة." وقال السعدون لرويترز "المستثمر وصل لمرحلة أنه بات يميز بين الشركات الورقية (الوهمية) والشركات الحقيقية." وبدأ المؤشر السعري وهو المؤشر الرئيسي في بورصة الكويت عام 2010 بمستوى 3 .7005 نقطة وواصل أداءه المتذبذب الى أن بلغ أعلى مستوى له في العام وهو 7575 نقطة في السابع من ابريل نيسان الماضي ثم بدأ رحلة جديدة من التراجع الى أن وصل الى أدنى مستوى له في 2010 وهو 6319.7 في الخامس من يوليو تموز ثم عاود الارتفاع مرة أخرى ليغلق على مستوى 6853.2 الخميس الماضي أي أنه أقل من مستوى بداية العام بأكثر من 152 نقطة. لكن المؤشر الوزني الذي يقيس أداء الاسهم الكبيرة كان أداؤه أفضل اذ بدأ العام بمستوى 385.75 نقطة ليقفل في نهاية تداولات الخميس الماضي على مستوى 477.53 نقطة أي أعلى من مستوى البداية بواقع 91.78 نقطة. وقال ميثم الشخص مدير الاستثمار والمحلل المالي في شركة بيت الاستثمار العالمي (جلوبل) ان المؤشر الوزني وصل في نهاية 2010 الى مستويات تفوق ماكان عليه في 2008 أي أنه عوض كل الخسائر التي سجلها في 2009 مشيرا الى أن هذا المؤشر "يعكس حالة الاسهم الكبيرة التي تعكس هوية السوق." وانتقد العتال من المجموعة المالية الكويتية ما وصفه بتقصير الجهات الرقابية الحكومية في القيام بواجباتها تجاه الشركات المتعثرة "فهناك شركات فقدت 75 في المئة من رأسمالها والوزارة (وزارة التجارة) لم تحرك ساكنا... ومن أمن العقوبة أساء الادب وكل هذه الامور تصب في منحى واحد وهو عدم رواج سوق الكويت للاوراق المالية." وقال مدير بورصة الكويت حامد السيف لرويترز يوم الثلاثاء ان لجنة السوق تدرس حاليا انشاء سوق ثالث بجوار السوقين الرسمي والموازي يكون على نمط أسواق "خارج المقصورة" ويتم من خلاله تداول أسهم الشركات المتعثرة بدلا من ايقاف أسهمها عن التداول. وقال السيف ان هذا السوق الذي قد يرى النور في 2011 وسيكون مفتوحا حتى للشركات الجديدة الراغبة في تجريب التداول. وأكد العتال أن التوتر السياسي الذي تعيشه الكويت والتنازع بين أعضاء مجلس الامة (البرلمان) والحكومة يؤثر سلبا على سوق الاوراق المالية. وقال "هناك جو مكهرب بين السلطتين.. وهناك قوانين لم تطبق." ومن المقرر أن يخضع رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الصباح لاستجواب من قبل عدد من النواب في 28 ديسمبر كانون الاول الجاري على خلفية قيام قوات الامن الكويتية باستخدام القوة لتفريق تجمعات وندوات شعبية اعتبرتها الحكومة مخالفة للقانون. وأشاد ميثم الشخص بمكاسب القيمة الرأسمالية للسوق الكويتية خلال 2010. وقال ان القيمة الرأسمالية للسوق بدأت بمستوى 30.238 مليار دينار (107 مليارات دولار) في بداية عام 2010 ووصلت في نهاية تداولات الاسبوع الماضي 36.719 مليار دينار وهو ما يشير الى أن هناك مكاسب في القيمة الرأسمالية للسوق تقدر بأكثر من ستة مليار دينار. ووصف هذه المكاسب بأنها "ممتازة في ضوء الضبابية التي تحيط باثار الازمة ( العالمية على السوق الكويتي)." وأضاف الشخص ان هذا الارتفاع جاء أساسا من قطاع البنوك الذي ارتفع خلال 2010 على وقع اقرار خطة التنمية الحكومية بالاضافة الى وقف عمليات تجنيب المخصصات المالية التي كانت تقوم بها البنوك لمواجهة الديون المشكوك في تحصيلها. وبدأت الحكومة في 2010 تنفيذ خطة تمتد حتى عام 2014 تعتزم خلالها انفاق 30 مليار دينار على المشروعات التنموية والبنية التحتية والاسكان. وأشار السعدون من مركز الشال الى أن أحد أسباب تدني قيم التداول اليومية في 2010 لاسيما في شهور الصيف هو بدء تنفيذ قانون هيئة سوق المال الذي أدى الى تراجع كبير في عمليات "التداول الوهمي الذي كان يحدث في اللحظات الاخيرة" والذي أدى أيضا الى اضعاف عمليات المضاربة المفتعلة التي كانت تهدف فقط لرفع الاسعار. ويفرض قانون هيئة سوق المال عقوبات مشددة على من يقومون بمثل هذه العمليات الوهمية. وقال السعدون "نحن بالفعل دخلنا في منطقة تطبيق قانون هيئة سوق المال"قبل أن يكون القانون نافذا بشكل كامل كما هو متوقع في 2011 "وهذا هو التداول الصحي." ومن المقرر أن يكتمل تنفيذ قانون هيئة سوق المال في الكويت في الثلاثة أشهر الاولى من 2011 بعد أن يتم اصدار لائحته التنفيذية وتشكيل ما يحتاجه من لجان ومؤسسات تضطلع بتنفيذه. وأشار السعدون الى أن مستقبل حركة بورصة الكويت سيرتبط بشكل كبير على المدى القصير بتطورات صفقة زين التي تسعى من خلالها مؤسسة الامارات للاتصالات (اتصالات) لشراء 46 في المئة من أسهم زين من خلال تجمع تقوده مجموعة الخرافي الكويتية في صفقة تقدر قيمتها بأقل من 12 مليار دولار. وقال ميثم الشخص انه اذا تمت صفقة زين فسيدخل الكويت أكثر من ثلاثة مليارات دينار من الخارج وبافتراض أن ثلث هذا المبلغ فقط سيدخل السوق فهذا يعني أن مليار دينار سوف يعاد استثمارها في السوق مرة أخرى. وتوقع السعدون أن يكون أداء السوق ايجابيا في 2011 لانه أصبح انتقائيا "بمعنى أن الشركات التي ما تسوى (ذات القيمة المتدنية) تفقد قيمتها والشركات التي تسوى (ذات الاداء الجيد) تأخذ قيمة مضاعفة.. وهذا الاتجاه الانتقائي معناه أنه لايوجد خوف على السوق في 2011." وقال ان مؤشرات الاقتصاد الكلي كلها مرضية فهناك فائض في الموازنة العامة وهناك نسبة نمو مرتفعة متوقعة كما أن هناك توقعات بارتفاع النفقات العامة نتيجة لتنفيذ مشروعات خطة التنمية وكل هذه العوامل يفترض أن تجعل مؤشر البورصة ايجابيا. واتفق رئيس جمعية المتداولين في سوق المال محمد الطراح مع الرأي السابق وقال ان السوق اتسم في 2010 بالتذبذب لكنه في 2011 سيكون أكثر استقرارا نظرا لوجود العديد من العوامل الايجابية مثل ارتفاع أسعار النفط وتنفيذ خطة التنمية وهو ما سيتسبب في انتعاش السوق بشكل كبير. وقال ميثم الشخص انه سيجري تنظيف السوق من الشركات المتعثرة كما أن كثيرا من هذه الشركات سوف تكون قد وجدت حلولا جذرية لمشاكلها وبعضها سيتمكن من زيادة رأسماله بشكل ناجح. وأضاف "عام 2011 سيكون أنظف كثيرا." (الدولار يساوي 0.2826 دينار كويتي)