القاهرة - سجلت سوق الصرف فى مصر موجة ارتفاعات قياسية للعملات العربية والاجنبية منذ بداية العام الحالي أمام الجنيه المصري خاصة بالنسبة لأسعار اليورو والفرنك السويسري والين الياباني التى سجلت جميعها أعلى مستوياتها على الاطلاق مقابل العملة المصرية. وقال مصرفيون فى تصريحات للبيان الاقتصادي إن أداء الجنيه المصري تأثر منذ بداية العام بالتداعيات التى خلفتها الازمة المالية على الاقتصاد العالمي، مشيرين إلى أن علاقة العملة المصرية بالدولار الاميركي كانت محددة في كثير من الاحيان لأدائه في سوق الصرف المحلية. وأظهرت تقارير رسمية صادرة عن البنك المركزي المصري ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري فروقاً كبيرة في أسعار صرف الجنيه المصري مقابل العملات الاخرى ما بين الارتفاع والانخفاض، حيث هوت عملات «اليورو» إلى مستويات 90. 6 جنيهات مصرية والجنيه الاسترليني 75. 7 جنيهات مصرية والفرنك السويسري إلى 86. 4 جنيهات في يونيو الماضي وذلك فى أعقاب أزمة ديون اليونان. وأوضحت التقارير ان هذه العملات عادت وسجلت مستويات قياسية لم تحققها من قبل أمام الجنيه المصري، حيث حقق الفرنك السويسري خلال الاسبوع الماضي أعلى مستوى له على الإطلاق مسجلا 94. 5 جنيهات واليورو 90. 7 جنيهات والاسترليني 29. 9 جنيهات وحتى الين الياباني قفز إلى أعلى مستوى له في تاريخه أمام الجنيه المصري لتسجل المائة ين نحو 7 جنيهات. وعلى صعيد العملة الأميركية فقد بدأ الدولار الأميركي العام الحالي عند سعر 47. 5 جنيهات، وواصل صعوده التدريجي ليحقق نحو 35 قرشاً ارتفاعاً منذ بداية العام، ويسجل 82. 5 قبل نحو إسبوعين وهو أعلى مستوى له في 4 سنوات مقابل الجنيه المصري قبل أن يتراجع قليلاً عند مستويات 76. 5 جنيهات نهاية الاسبوع الماضي. ورصدت التقارير أداءً مماثلاً وإن كان أقل حدة في الحركة للعملات العربية مقابل الجنيه المصري، حيث ارتفع الدرهم الإماراتي من 44. 1 جنيه في مطلع العام 2010 إلى 57. 1 جنيه. كما ارتفع الريال السعودي من 45. 1 جنيه ليصل حالياً إلى 54. 1 كما ارتفع الدينار الكويتي من 20. 19 جنيهاً إلى 58. 20 جنيهاً. وقال إسماعيل حسن رئيس البنك المركزي المصري الأسبق إن أسعار العملات الرئيسية -بخلاف الدولار- مقابل الجنيه تتحدد من خلال علاقة الجنية المصري بالدولار الأميركي. أي انها تتأثر بعاملين الأول علاقة خارجية وهي العلاقة بالدولار. والثاني علاقة الدولار بالجنيه المصري، حيث تحدد علاقة العملات بالجنيه بحاصل ضرب علاقتها بالدولار لا علاقة الدولار بالجنيه. وأشار إلى أن التغيرات والتذبذبات الكبيرة تتلافاها الاقتصادات الخارجية من خلال ما تتمتع به بعض الاقتصادات من مرونة تتيح لها التحرك في عمليات التجارة الخارجية لتلافي الآثار السلبية لتغير قيمة العملات. وقال إنه بالنسبة لمصر يمكنها تلافي آثار تذبذب العملات العالمية من خلال تحقيق درجة عالية والاكتفاء الذاتي لبعض السلع الاستراتيجية، حيث نتأثر بمدفوعات وارداتنا وحصائل صادراتنا بالاسعار العالمية للسلع دون أن نكون قادرين علي التأثير في هذه الأسعار. وقال: إننا لا نستطيع التحرك بين الاسواق أيضا ومن ثم نتأثر بشكل مباشر بتغير الاسعار وتغير قيمة العملات. ومثال على ذلك بعض السلع مثل السكر والقمح والزيت. ودعا حسن إلى ضرورة العمل على زيادة إنتاج السلع خاصة الاستراتيجية ومن شأن ذلك ليس فقط مواجهة تغير العملات وانما زيادة الانتاج والدخل وتوفير فرص العمل. وقال إنه من الضروري أن يتحرك الاقتصاد بديناميكية بحيث إنه في حالة ارتفاع اليورو يجب تشجيع التصدير لدول اليورو للاستفادة من السعر المرتفع، وفي المقابل تحويل الواردات إلى الدول المصدرة بالدولار لتحقيق ميزة أيضاً في الاسعار. وحول ما يثار حالياً من وجود حرب عملات في العالم وتداعيات ذلك على مصر والعملة المصرية قال الخبير المصرفي محمود الكردي إن هذا الصراع يتركز بين 5 مناطق في العالم وهي الولاياتالمتحدة ومنطقة اليورو والصين واليابان مضافاً إليها الهند وهذه المناطق تمثل أكثر من 80% من التجارة العالمية. وأضاف ان صادرات الصين ووارداتها للولايات المتحدة الأميركية قيمتها 6. 3 تريليونات دولار سنوياً بمعدل 300 مليار دولار شهرياً، وكل طرف يعمل جاهداً على تخفيض عملته أمام الآخر لكسب جولة التصدير للآخر وهي حرب حامية الوطيس. وأوضح أن تجارة اليابان الخارجية تصديراً واستيراداً تمثل نحو 15% من التجارة العالمية. كما أن منطقة اليورو عامة وألمانيا خاصة تعمل جاهدة على خفض اليورو أيضاً. إلا أن واقع الحال يشير إلى ارتفاع سعر اليورو أمام الدولار ليسجل 4. 1 دولار مقابل 2. 1 دولار منذ عدة أشهر. وأشار إلى أنه وسط كل ذلك فإن مصر لا علاقة لها بحرب العملات بين هذه المجموعات من الدول المتنافسة على الأسواق العالمية لأن حجم تجارتنا الخارجية لا يتعدى واحداً في العشرة آلاف من التجارة العالمية البينية، وكل القوى الاقتصادية الكبرى تعمل على تخفيض عملاتها لكسب أكبر مكاسب في هذه الحرب الدائرة. ومجموعة العشرين الاقتصادية تبحث في كيفية الوصول لحل يتناسب مع كل الاطراف. ولفت إلى أن مجموعة العشرين تعهدت في اجتماعاتها مؤخراً بتجنب حرب العملات وأقرت تشديد القواعد المنظمة للنظام المالي العالمي، كما تعهد قادة المجموعة في البيان الختامي لقمتهم بالمضي قدما نحو توفير أنظمة لأسعار الصرف تحددها قوى السوق، كما أعلنوا التزامهم بعدم خفض أسعار صرف العملات بهدف تعزيز القدرة التنافسية.