قتل ستة مسيحيين واصيب 33 اخرون بجروح الاربعاء في سلسلة جديدة من الاعتداءات في مناطق متفرقة من بغداد اثارت الذعر في اوساطهم وتدفع بالعديد منهم الى التفكير في الفرار من البلاد التي يعيشون فيها منذ الفي عام. وقالت مصادر امنية وعسكرية لوكالة فرانس برس ان "قذائف هاون وحوالى عشر عبوات ناسفة استهدفت منازل في احياء متفرقة من بغداد بين الساعة 06,00 (03,00 ت غ) والساعة 08,00 (05,00 ت غ)" ما ادى الى مقتل وجرح هذا العدد. واشارت الى ان غالبية "الاعتداءات وقعت في حي الدورة (جنوب) وكمب سارة (وسط) والكرادة (وسط)" بغداد. وفي وقت لاحق، وصف مجلس الامن الدولي الاعتداءات بانها "مروعة"، وشدد السفير الفرنسي جيرار آرو على ان مسيحيي العراق "في الخطوط الامامية" في العملية الديموقراطية" في هذا البلد. وقال ان ثمة "ارادة متعمدة في القضاء على المسيحيين في العراق" من جانب "المتطرفين". واضاف ان "الدفاع عن مسيحيي العراق ليس مطلبا اخلاقيا فحسب بل هو ايضا ضرورة سياسية (...) انها معركة التطرف ضد الديموقراطية، ومسيحيو العراق في الخطوط الامامية لهذه المعركة". كما وصف الرئيس الحالي لمجلس الامن السفير البريطاني مارك ليال غرانت الاعتداءات بانها "مروعة". واضاف ان مجلس الامن "يدين باشد العبارات" هذه الاعتداءات ويعلن دعمه للحكومة العراقية، كما يجدد "التزامه من اجل امن العراق". وفي الفاتيكان، طلب الكردينال تارسيسيو برتوني من السلطات العراقية ان "تاخذ في الاعتبار بجدية" مشكلة الدفاع عن المسيحيين. ووصف الهجمات الاخيرة ضد منازل ومحلات يملكها مسيحيون بانها "مؤلمة للغاية". وقال ان الفاتيكان "يفكر، كما فعل السينودس (حول الشرق الاوسط الذي عقد من العاشر الى الرابع والعشرين من تشرين الاول/اكتوبر في الفاتيكان)، بهذه المشكلة الخطيرة لاضطهاد المسيحيين (...) وخصوصا في العراق". وكان مسلحون فجروا مساء الثلاثاء ثلاثة منازل لمسيحيين في حي المنصور (غرب) دون وقوع ضحايا. ووصل رائد وسام (42 عاما) صباح الاربعاء مع عشرات من المسيحيين من حي الدورة الى كاتدرائية سيدة النجاة للسريان الكاثوليك وسط بغداد للطلب من الاسقف مساعدتهم في الفرار بعد الاعتداءات الجديدة. وقال وسام "تحاول زوجتي اقناعي بمغادرة البلاد منذ سنتين، فلم اوافق، لكنني اليوم مقتنع بانها محقة، لا اريد ان اشعر بالذنب اذا حدث امر سيء لاحد ابنائي". وتأتي هذه الاعتداءات على المسيحيين بعد عشرة ايام من مجزرة تبناها تنظيم القاعدة استهدفت كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك وسط بغداد. وقتل 46 مسيحيا بينهم كاهنان وسبعة من عناصر الامن، في هجوم 31 تشرين الاول/اكتوبر وهو اعنف الاعتداءات بحق المسيحيين في العراق. وكان تنظيم القاعدة في العراق اعلن في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر ان هجمات اخرى ستستهدف المسيحيين. واضاف وسام "كنت نائما فاستيقظت على صوت انفجار قوي جدا قرابة الساعة السادسة صباحا. صعدت الى السطح لكي ارى ماذا يحدث، ثم سمعت ثلاثة انفجارات اخرى استهدفت منازل مسيحيين". وقال "اطفالي الاثنان كانا يصرخان فنقلتهما زوجتي الى احدى الزوايا البعيدة عن النوافذ المحطمة لحمايتهما، وسمعنا اصوات انفجارات اخرى، فقررت الذهاب الى كنيسة سيدة النجاة". وتابع بهلع "لا نعرف ماذا يمكن ان يحدث لنا نحن خائفون، لا يمكننا أن نفكر في العودة الى المنزل حاليا، حاولت ارغام نفسي على البقاء فالعراق بلدنا لكنني اكتفيت". واوضح وسام "جئت برفقة عائلتي وعائلة اخي، حوالى عشرة اشخاص (...)، غادرت نحو ثماني عائلات منازلها الى اماكن اخرى، نحن جئنا الى الكنيسة لانه ليس لدينا مكان آخر". من جهتها، قالت ام هيلين (40 عاما) بصوت مرتجف "كنت نائمة، واصبت بالصدمة جراء انفجار قوي قربنا في كمب سارة. كانت السابعة صباحا، شاهد زوجي من خلال النوافذ المكسورة سيارة ابن خالي الذي استشهد في الهجوم على كنيسة سيدة النجاة، متوقفة امام منزله المجاور". واضافت "كانت القنبلة في السيارة وحاول احد الجيران اخماد الحريق فانفجرت قنبلة اخرى كانت في شجرة قرب المنزل، فاستشهد الجار وهو مسلم". وتابعت "لم يصبنا اي اذى لكن بعض العائلات الاخرى اصيب افرادها. طلبت من اقاربي البقاء في منزلي واتصلنا بالكنيسة فطلبوا منا التوجه اليهم، لكننا لم نفعل فمغادرة المنزل يوما او يومين ليس حلا". وختمت قائلة ان "هذا الهجوم المباشر يجعلني افكر بالمغادرة، البقاء هنا ليس فقط خطيرا علينا انما خطر على المسلمين ايضا (...) لا نريد مغادرة بلدنا لكنهم يرغموننا على ذلك". بدوره، قال ايمانويل كريم جار ام هيلين "كنت استعد للتوجه الى العمل فسمعت انفجارا قويا كان قريبا جدا فصعدت الى السطح لانني كنت خائفا". واضاف "تركنا المنزل وذهبنا الى الكنيسة، هذا يجبرنا على مغادرة البلاد الى الابد، لا نشعر بالامان، وليس هناك من يحمينا، والحكومة ليست جيدة لتضمن امننا (...) من الافضل لنا ان نغادر".