واخيرا دقت ساعة الخلاص لعمال المنجم الثلاثة والثلاثين العالقين منذ اكثر من شهرين على عمق 700 متر تحت الارض في تشيلي، والذين سيصعدون الى سطح الارض الواحد تلو الاخر ابتداء من منتصف ليل الثلاثاء (الاربعاء في الساعة 3,00 ت غ)، في عملية انقاذ غير مسبوقة. فقد استخدمت الدولة التشيلية وسائل جبارة لانقاذ هؤلاء العمال الناجين بأعجوبة والذين باتوا نجوما عالمييين. وانتدبت الحكومة وزيرا يداوم يوميا في مكان الحفر، واستخدمت ثلاث حفارات لحفر بئر الاخلاء ورافعات وكبسولات للانقاذ صنعت خصيصا في ورش البحرية. وتلقى ال"33" من بين ما تلقوا رسائل دعم من فنانين ومايوهات تحمل تواقيع لاعبين نجوما في كرة القدم، وسبحات صلاة باركها البابا، واجهزة ايبود قدمها رئيس شركة آبل ستيف جوبز لمساعدتهم على الصمود في محنتهم المستمرة منذ 68 يوما تحت الارض. واعتبر وزير الصحة خايمي ماناليس "انهم 33 شخصا راشدا ويتمتعون باستقلالية تامة وقد تمكنوا من مواجهة محنة لم نشهد مثيلا لها من قبل في تاريخ البشرية". وبعد سبعة ايام على الانهيار الذي ادى الى احتجاز ال "33" في عمق منجم الذهب والنحاس في سان خوسيه (شمال) في الخامس من آب/اغسطس، اعتبر وزير المناجم لورنس غولبورن ان امكانية العثور عليهم على قيد الحياة "ضعيفة جدا". لكن ضغط عائلات عمال المناجم التي خيمت في الموقع منذ اليوم التالي، حمل عمال الانقاذ على متابعة جهودهم حتى نقل مسبار في 22 آب/اغسطس الرسالة المكتوبة على ورقة صغيرة باتت شهيرة "نحن على ما يرام، ال33، في الملجأ". وبعد تحضير بئر الاخلاء الذي يبلغ طوله 622 مترا واجراء تجارب على كبسولة الانقاذ التي سترفع عمال المناجم الى سطح الارض، اعرب غولبورن الاثنين عن أمله في ان "تبدأ عملية الانقاذ في الساعة الصفر الاربعاء". وقد بدأ عمال المناجم يعربون عن نفاد صبرهم في الايام الاخيرة. وقال البرتو سيغوفيا شقيق داريو سيغوفيا "انه يشعر بالقلق من اقتراب يوم الخروج على غرار جميع رفقائه. وهم يصلون كثيرا لتبديد توترهم". واعرب آخرون عن قلقهم من فكرة الصعود في قفص معدني ضيق يبلغ قطره 53 سنتيمترا. وطلب الفريق الطبي من ال"33" اجراء تمارين "تحاكي الضغط النفسي" للصعود. وستجتاز الكبسولة التي تنقلها رافعة، ال622 مترا في غضون خمس عشرة دقيقة. لكن السلطات تتوقع، مع الاستعداد لكل رحلة، ان يحتاج انقاذ كل عامل الى حوالى الساعة، اي ما يعادل يوما او يومين لانجاز العملية. وسيحمل كل عامل لواقط كهربائية تتابع باستمرار حركة خفقات القلب والتنفس والتهوية واستهلاك الاوكسيجين والحرارة. واذا ما طرأت مشكلة، يستطيع ان يفك الكبسولة ثم ينزل بهدوء. وينتظر ذوو ال "33" الذين يواجه بعض منهم منذ اكثر من شهرين درجات الحرارة المرتفعة خلال النهار وصقيع الليالي في صحراء اتاكاما، بفارغ الصبر ايضا ان يستقبلونهم بالاحضان. ولن يعلن الامر باخراج العمال، لكن السلطات ذكرت ان مجموعة من اربعة الى خمسة عمال تعتبرهم "الاكثر استعدادا" سيكونون اول الخارجين. وسيليهم عشرة عمال يعتبرون الاضعف جسديا او نفسانيا، ثم الاقوياء القادرون على تحمل فترة انتظار طويلة. وسيجرى لل"33" فحص طبي فور عودتهم الى سطح الارض ثم يلتقون عائلاتهم قبل نقلهم الى مستشفى كوبيابو الذي يبعد اقل من ربع ساعة بالمروحية، حيث سيبقون يومين لاجراء فحوص طبية متقدمة الا اذا حصلت مضاعفات. ثم سيواجه العمال الضغط الاعلامي الهائل الذي سيمارسه حوالى 1700 صحافي جاءوا لتغطية "النهاية السعيدة" لهذه القصة التي ترددت اصداؤها في كافة انحاء العالم والتي تفتح شهية منتجي الافلام السينمائية.