اشاد الفاتيكان والصحافة البريطانية الاثنين بزيارة البابا بنديكتوس السادس عشر الى بريطانيا واعتبراها "ناجحة" لا سيما بعدما ندد بالتجاوزات الجنسية التي ارتكبها كهنة بحق اطفال وعسى الى تخفيف التوتر بين الكنيستين الكاثوليكية والانغليكانية. وكان البابا قام باول زيارة دولة لرئيس الكنيسة الكاثوليكية في تاريخ المملكة المتحدة واول رحلة بابوية الى بريطانيا ذات الغالبية الانغليكانية منذ زيارة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني في العام 1982. لكن بعد رحلة لاربعة ايام زار فيها البابا اسكتلندا وانكلترا، وصف المتحدث باسم الفاتيكان فيديريكو لومباردي هذه الزيارة بانها "رائعة" وشكلت "نجاحا روحيا". وقال لومباردي "مئات الاف الاشخاص التقوا البابا شخصيا في الشارع وخلال الاحداث الرئيسية وايضا، عبر شاشة التلفزيون والانترنت، كثيرون غيرهم رأوه وسمعوا ما لديه ليقوله". واضاف "اعتقد ايضا بان الرسالة التي يحملها حول المساهمة الايجابية للكنيسة الكاثوليكية والايمان المسيحي في المجتمع تم تلقيها بشكل جيد للغاية". وخلال الزيارة، توقف البابا مجددا عند الفضيحة التي هزت الكنيسة الكاثوليكية اثر اتهام بعض الكهنة بممارسة الاستغلال الجنسي للاطفال، اذ التقى بعض الضحايا واعرب عن "حزنه العميق حيال الضحايا الابرياء لهذه الجرائم المشينة". ولعل الصورة التي ستعمر طويلا من هذه الرحلة البابوية، ستكون مباركة البابا وتقبيله للاطفال خلال القداديس التي احياها، مما ساهم في تغيير صورته في اذهان الناس. وشبهت صحيفة صنداي تايمز البابا ب"جد مقدس" مرفقة الموضوع الذي احتل صفحتين بصورة لقداس السبت في حديقة هايد بارك اللندنية. وتظاهر عدد من الاشخاص بلغ عددهم 10 الاف على الاقل بحسب منظمي مسيرة "اعترضوا على البابا" واقل من نصف هذا العدد بحسب الشرطة، في لندن الاحد. والزيارة التي استمرت اربعة ايام وانتهت الاحد قادت البابا البالغ من العمر 83 عاما الى ادنبره حيث استقبلته الملكة اليزابيت الثانية، قبل ترؤسه قداسا في الهواء الطلق في غلاسكو وانطلاقه الى رحلة يومين مثقلين بالنشاطات في لندن. وتوج البابا زيارته بتطويب الكاردينال الانغليكاني الشهير الذي اعتنق الكاثوليكية في القرن التاسع عشر جون هنري نيومان، امام جمهور من المؤمنين قدرت اعداهم بحوالي 55 الف شخص وتوجها بقداس في الهواء الطلق قرب برمنغهام في وسط انكلترا. وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ان البابا جعل الناس في بريطانيا يعتمدون نظرة جديدة الى الايمان. وقال في مطار برمنغهام قبل مغادرة البابا بريطانيا عائدا الى روما "لقد وضعت البلد باكمله امام تحد حقيقي ليجلس ويفكر، وهذا لا يمكن ان يكون الا امرا جيدا". وكتبت صحيفة "صنداي تلغراف" في افتتاحيتها ان البابا اظهر "شجاعة كبيرة" من خلال "رميه التحدي على مجتمعنا المفرط في العلمانية واصراره... على ان الدين لا يزال يملك دورا حيويا يؤديه في ثقافتنا". وكتبت كاثرين بيبنستر من اسبوعية "ذي تابلت" الكاثوليكية "سمحت الزيارة قبل كل شيء بتوحيد الكاثوليك واظهار البابا بطابع اكثر انسانية الذي لطالما وصف بانه سلطوي ولا يظهر اي مشاعر او ود". واضافت انه "تبين ان رأس الكنيسة الكاثوليكية رجل في ال83 خجول وودي ومسن" مشيرة الى الطريقة التي كان يحيي فيها الجماهير خصوصا الشباب والمسنين". وقالت اندريا تورنييلي، صحافية متخصصة في شؤون الفاتيكان تعمل لصالح الصحيفة الايطالية "ايل جورنالي"، ان الزيارة البابوية تميزت بلحظات رمزية جعلتها ناجحة. واشارت الصحافية الى ان البابا حظي باستقبال للمرة الاولى في "لامبيث بالاس"، المقر اللندني لاقامة رئيس الانغليكانيين في العالم اسقف كانتربيري روان وليامز. وتوجه البابا ايضا الى جمهور من الحاضرين في مجلسي البرلمان في بريطانيا ضم رئيسي الوزراء السابقين مارغريت تاتشر وتوني بلير، كما حضر قداسا في دير وسمتنستر، وهي اماكن تمثل "قلب لندن الانغليكانية" بحسب تورنييلي. وقالت صحيفة "تايمز" انه قبل اول زيارة رسمية للبابا لبريطانيا كان بنديكتوس الساس عشر يعتبر "المانيا متشددا". وتابعت الصحيفة انه اظهر شخصية مختلفة تماما ولعبت ملاحظاته الرامية الى تخفيف حدة التوتر بين الانغليكان والكاثوليك دورا كبيرا في هذا التحول. واضافت الصحيفة "اصبحنا الان نريد ان نضم البابا الينا وان نطلب منه ان يبارك اولادنا". وذكرت صحيفة "دايلي مايل" ان زيارة البابا التي استمرت اربعة ايام الى هذا البلد حيث غالبية السكان من الانغليكان "كللت بنجاح اكبر مما كانت الكنيسة الكاثوليكية تتوقع". وكتبت صحيفة "ذي صن" ان "زيارة البابا كان لها ابعاد اهم مما كان متوقعا". ورغم الارتياح الكبير عموما لزيارته تساءل محللون عن العلاقات على الاجل الطويل بين الكنيسة الكاثوليكية وبريطانيا. وبحسب بيبنستر لم يقم الفاتيكان بالخطوات اللازمة لاجراء مصالحة مع الجناح الاكثر ليبرالية في الكنيسة. واضافت "لا يزال المثليون الكاثوليك والنساء يتساءلون +كيف ينظر الينا الفاتيكان والبابا بنديكتوس السادس عشر والى دورنا ليس في المجتمع بل في الكنيسة+". وقالت صحيفة "ذي غارديان" ان البابا لم ينجح في احداث تقارب بين المؤمنين والملحدين في مجتمع يتجه نحو العلمانية اكثر واكثر. واضافت الصحيفة "لكي يكون هناك تواصل بين كنيسته وبريطانيا كان على البابا ان يتطرق الى الوقائع الحالية وعلى البلاد ان تستمع اليه". واظهرت صحيفة "ذي اندبندنت" ايجابية اكبر اذ ذكرت ان زيارة البابا لفتت الانتباه الى الكاثوليكية في بلد لا يكترث كثيرا بالدين.