تحاول وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون التي تتوجه الى الشرق الاوسط الاثنين اعطاء زخم لمحادثات السلام التي انطلقت قبل اسبوعين ويطغى عليها الخلاف على تمديد مهلة تجميد الاستيطان الاسرائيلي. ودعا الرئيس الاميركي باراك اوباما الجمعة اسرائيل الى تمديد مهلة التجميد الجزئي لاعمال البناء التي تنتهي في 26 ايلول/سبتمبر فيما تعهد ان ادارته ستبقى شديدة الالتزام بالمفاوضات الجديدة. وما يدل على الدبلوماسية الاميركية النشطة في هذا المجال، مشاركة وزيرة الخارجية الاميركية والمبعوث الاميركي الخاص الى الشرق الاوسط جورج ميتشل في المحادثات التي تجري في شرم الشيخ بمصر الثلاثاء وفي القدس الاربعاء. وتاتي الزيارة بعد تجدد العنف الاحد حيث قتل ثلاثة فلسطينيين بنيران دبابة اسرائيلية على الحدود مع غزة بعدما تبنى ناشطون اطلاق صاروخ على اسرائيل كما قالت مصادر طبية. وستلتقي كلينتون رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعدما استقبلتهما في واشنطن في 2 ايلول/سبتمبر عند اطلاق اول محادثات مباشرة بين الطرفين منذ عشرين شهرا. لكن الخلاف حول مسالة تمديد مهلة التجميد الجزئي للاستيطان يهيمن على اجواء المحادثات لا سيما بعدما اشار مسؤولون اسرائيليون الى انهم لن يمددوا مهلة التجميد كما هي عليه فيما حذر الفلسطينيون من ان مواصلة الاستيطان ستعني انتهاء المفاوضات. واكد نتانياهو لموفد اللجنة الرباعية الى الشرق الاوسط توني بلير مساء الاحد ان "الفلسطينيين يريدون الا نبني شيئا على الاطلاق في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) بعد 26 ايلول/سبتمبر، وهذا لن يحصل". واضاف "اسرائيل لن تواصل تجميد (الاستيطان)، لكنها لن تبني كذلك عشرات الاف المساكن وفق المخططات. لن نجمد حياة سكان" الضفة الغربية "ولن نجمد البناء". وقال "ليس منطقيا ان يحدد الفلسطينيون شروطا مسبقة ويهددوا بالانسحاب من المفاوضات. هذه ليست طريقة للتقدم في اتجاه السلام". من جهتها شددت السلطة الفلسطينية الاثنين على ان موقفها من الاستيطان واضح وهو ان "السلام والاستيطان لا يلتقيان". وقال عضو الوفد الفلسطيني المفاوض محمد اشتية لوكالة فرانس برس في اتصال من عمان ان "موقفنا واضح وابلغناه قبل قمة شرم الشيخ للادارة الاميركية ان السلام والاستيطان لا يلتقيان". واضاف قبيل توجهه مع الرئيس الفلسطيني والوفد الفلسطيني المفاوض الى شرم الشيخ "سنذهب بقلب مفتوح وعقل مفتوح الى شرم الشيخ، لكن اذا قامت اسرائيل بالبدء في الاستيطان فان ذلك يعني عدوانا على عملية السلام وعلى الشعب الفلسطيني". واكد المسؤول الفلسطيني "نحن لا نقبل الحديث عن استيطان جزئي او مخفف او بطيء، ومطلبنا ابلغناه للادارة الاميركية بالوقف التام للاستيطان". ويعتبر الفلسطينيون ان اقامة نصف مليون اسرائيلي في الضفة الغربيةالمحتلة منذ 1967 يحول دون قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة وتتمتع بتواصل جغرافي. وفي هذا الصدد اعلنت حركة "السلام الان" المناهضة للاستيطان انه سيكون بالامكان بناء نحو 13 الف مسكن على الفور في الضفة الغربيةالمحتلة لدى انتهاء مهلة التجميد الموقت للاستيطان في 26 ايلول/سبتمبر. وقالت المنظمة غير الحكومية الاسرائيلية في بيان "اذا لم يتم تمديد تجميد البناء، فان المستوطنين يمكنهم نظريا بناء نحو 13 الف مسكن بدون ان يتطلب ذلك موافقة اضافية من الحكومة". وفي واشنطن، توقع روبرت دانين نائب مساعد وزيرة الخارجية الاميركية سابقا لشؤون الشرق الادنى ان يكون الاستيطان "المسالة الرئيسية" خلال الجولة الثانية من المفاوضات. وقال لوكالة فرانس برس ان "التحدي الابرز هو التوصل الى حلحلة ما لانتهاء مهلة التجميد الجزئي للاستيطان لانه بدون حل هذه المسالة، سينتهي كل شيء قاموا باطلاقه". وعبر دانين، الخبير حاليا في مجلس العلاقات الخارجية عن اعتقاده بان "اسرائيل والفلسطينيين يضعون انفسهم حاليا في مواقف متحصنة جدا" بخصوص المستوطنات. وعبر دانين عن شكوكه في امكان حل هذه المسالة خلال زيارة كلينتون مشيرا الى ان محادثات مكثفة اضافية حول المستوطنات يمكن ان تحصل اذا التقى عباس ونتانياهو على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة في اخر اسبوع من ايلول/سبتمبر. واشار دانين الى انه لا يزال هناك "مجال للامل" لانه يبدو ان المحادثات سجلت انطلاقة جيدة. وقال اوباما خلال مؤتمر صحافي الجمعة ان نتانياهو وعباس قدما الى البيت الابيض "بروح من الجدية والمودة فاقت بصراحة توقعات كثير من الناس". وشدد على ان نتانياهو وعباس اكدا هدف اقامة دولتين تعيشان جنبا الى جنب ووافقا على اجراء مفاوضات كل اسبوعين. واقر الرئيس الاميركي باراك اوباما الجمعة بان الطريق الواجب سلوكه نحو حل سلمي سيكون مزروعا بالعقبات. وبغية تذليل اولى العقبات، كشف اوباما انه قال ل"نتانياهو انه ما دامت المحادثات تذهب في الاتجاه الصحيح فان تمديد تجميد" الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية "سيكون له معنى". وتهدف المفاوضات الجديدة التي اطلقت برعاية اميركية الى التوصل الى اتفاق اطار خلال سنة على مسائل اساسية مثل امن اسرائيل وحدود الدولة الفلسطينية المقبلة ومصير اللاجئين الفلسطينيين ومستقبل القدس.