في غضون ثمانية أيام حطم العداء الكيني ديفيد روديشا الرقم القياسي العالمي لسباق ال800م مرتين، وحقق ثلاثة انتصارات متتالية في برلينوبروكسل، حيث نال جائزة السباق في الدوري الماسي، ورييتي. سجل روديشا في لقاء رييتي الايطالي لالعاب القوى (29 آب/اغسطس) زمنا مقداره 01ر41ر1 دقيقة، ناسخا رقمه السابق 09ر41ر1 دقيقة الذي حققه في لقاء برلين في 22 آب/اغسطس، حين حطم رقما صمد 13 عاما، سجله الدنماركي من اصل كيني ويلسون كيبكيتير (11ر41ر1 د) في 24 آب 1997 في مدينة كولن الالمانية. عامذاك، حقق كيبكيتير (بطل العالم للمسافة ثلاث مرات في اعوام 1995 و1997 و1999) رقمين عالميين في غضون 11 يوما. لكن روديشا (21 سنة) تفوق عليه وبات يحمل 5 من اصل افضل 11 رقما عالميا. واللافت انه سجلها كلها في سنة واحدة، ممهدا الطريق نحو بلوغ عتبة ال40ر1 دقيقة، كونه الوحيد المؤهل للدنو من "هذا الحاجز الفني - النفسي". واعتمد روديشا "ارنبه المعتاد" مواطنه سامي تانغوي الذي قاد السباق وانهى ال400 م الاولى بزمن 20ر48 ثانية، ما سهل مهمة الاول في تحسين رقمه القياسي بنسبة 8 أجزاء في المئة من الثانية، علما انه اجتاز ال400م الاولى ب80ر48ث. وكشف انه حاول تصدر كوكبة المقدمة باكرا أي قبل بلوغ ال500 "خشية الاخفاق في تعزيز رقمي العالمي، بعدما ظننت ان ايقاع السباق بطيء. وتجاوزت ال600م مسجلا 59ر14ر1 أي قريب من رقمي في برلين (54ر14ر1د)، وكانت ال200م الاخيرة صعبة جدا". بعد الفوز في برلين والتفوق في بروكسل (50ر43ر1د)، شعر روديشا ان حالته البدنية جيدة، فقرر المحاولة في رييتي مستفيدا من ارتفاع موقعها عن سطح البحر، وهو المكان المفضل لابطال كثر لتتويج موسمهم بانتصار كبير او تحسين ارقامهم القياسية. وتبقى امامه مهمة الفوز نهاية الاسبوع في سبليت مسرح كأس العالم (تشارك فيها منتخبات القارات). وقد يشارك في دورة العاب الكومنولث المقررة من 3 الى 14 تشرين الاول (اكتوبر) المقبل في نيودلهي. خلال بطولة العالم لالعاب القوى التي اجريت العام الماضي في برلين، قطع روديشا وعدا على نفسه، وهو ان يحطم الرقم العالمي في ال800م. والمصادفة السعيدة أن روديشا حققه أمنيته للمرة الاولى على المضمار الأولمبي في لقاء برلين الدولي (22 آب) مسرح بطولة العالم 2009. لكن معايير المنافسة اختلفت بين التاريخين. اذ حين كان روديشا يجري تمارين الاحماء العام الماضي، تشاءم من المطر المنهمر والحرارة المتدنية، فهو عموما لا يحب المنافسة تحت المطر. وبالتالي اخفق في نصف نهائي السباق بعد ارتكابه خطأ فنيا فخرج باكرا في اول اختبار له بين الكبار، بعد ان فاته "القطار الاولمبي" عام 2008 بسبب مشكلة بدنية. وبعد نحو اسبوعين، سجل روديشا زمنا ممتازا في لقاء رييتي (01ر42ر1د). وهذا الموسم، استفاد روديشا من طقس جيد في معظم مشاركاته، فتصدر دائما كوكبة المقدمة. وفي لقاء أوسترافا الذي نظم في ايار/مايو الماضي، اثنى كيبكيتير على اداءه، وطلب منه المثابرة "لانك بطل ال800م المقبل والرقم القياسي العالمي لن يفلت منك". عموما، يدرك روديشا قدراته الفنية، ولطالما سمع اطراء وتشجيعا. فنجل العداء السابق دانيال روديشا "كبرياء افريقيا" الاختصاصي في سباق ال400 م وقد مثل بلاده في اولمبياد 1968 في سباق البدل وحصد وزملاؤه الميدالية الفضية، بطل العالم للناشئين عام 2006، موهوب منذ صغره، ومميز بخطواته الكبيرة. وقد شبه دائما بمواطنه بيلي كونشيللا، بطل العالم عامي 1987 و1991، خصوصا من ناحية القامة الفارعة (طول كل منهما 90ر1م). وبعدما فوت روديشا فرصتي دورة بكين الاولمبية (2008) ومونديال برلين (2009)، يحلم بالتعويض في محطتي دايجو (بطولة العالم 2011) ولندن (اولمبياد 2012). وهو جهد كثيرا في الشتاء الماضي لتحقيق مبتغاه، منفذا تدريبات نوعية قاسية اختارها مدربه الايرلندي كولم اوكنل، الذي لم يرافقه الى لقاء برلين بسبب ظروف عائلية. لكنه استمتع في رييتي ب"طيران" تلميذه النجيب نحو رقم عالمي جديد، مؤكدا ان "الانجازين الحارين" في المانيا وايطاليا ثمرة جهد الشتاء البارد. ويتقدم روديشا نحو زمن ال40ر1د خطوة خطوة، موضحا ان "تحقيقه ممكن جدا مستقبلا" في ضوء سيطرته الحالية على ال800م، التي تؤكد ان اوكنل كان ثاقب النظر حين نصح الفتى الكيني بالتخصص في هذه المسافة. كان روديشا ينافس في المسابقة العشارية ضمن بطولة اقليمية، حين شاهده اوكنل يخوض سباق ال400م، فلتف اداؤه نظره ودعاه للتدرب تحت اشرافه. واستشرف اوكنل امكان نجاح روديشا في ال800 من خلال طريقة التدريب التي يتبعها وتكوينه الجسماني. لذا، يؤكد العداء البطل ان اوكنل هو الشخص الاهم في مسيرته. ويبدي الكيني دانيال كومان، الذي برز بين العامين 1996 و1998، اعجابا بتصميم مواطنه روديشا وذكائه وتركيزه. ويعتبره ابرز عداء للمسافات المتوسطة انجبته كينيا منذ عقود. وحين شاهده كونشيللا خلال بطولة افريقيا (30 تموز/يوليو الماضي)، توقع ان يحقق يوما رقما خرافيا مقداره 00ر38ر1د! لقد أصاب كيبكيتير الذي أوقف مسيرته بالاعتزال عام 2005، في توقعه ان روديشا هو الرياضي الذي يستطيع تحطيم رقمه القياسي للسباق، ولم يفاجأ حين علم بانجاز "مواطنه" خصوصا انه كان منذ العام الماضي يتوقع ان ينال روديشا من الرقم الصامد. واعرب عن سروره "لان الانجاز بات في عهدة من يستحقه".