دبي - تصدرت الإمارات دول المنطقة في مشاريع العقارات والأبنية من حيث حجم الإنفاق، حيث بلغ 2.3 تريليون درهم تقريباً، ليرتفع الإنفاق نحو 3 أضعاف عن السوق السعودية التي بلغ حجم إنفاقها على هذه المشاريع نحو 848 مليار درهم فقط، وجاءت في المرتبة الثانية. وأشارت البيانات إلى أن الكويت احتلت المرتبة الثالثة بحجم الإنفاق، وبمعدل وصل إلى 625 مليار درهم، لتأتي بعدها قطر ب205 مليارات درهم، ومن ثم البحرين ب135 مليار درهم، وتأتي عمان في المرتبة الأخيرة بحجم إنفاق وصل إلى 101 مليار درهم، ليصل إجمالي حجم الإنفاق في هذه الدول مجتمعة إلى 4.3 تريليون درهم، وتستحوذ الإمارات بالتالي على نصف حجم الإنفاق على مشاريع العقارات والبناء في المنطقة. وتوقعت البيانات الرسمية الصادرة عن غرفة تجارة وصناعة دبي وجهات حكومية أخرى، أن تشهد سوق المقاولات انتعاشاً ملحوظاً في العام 2011، وذلك مع التحسن الذي يشهده القطاع في الفترة الجارية، والإعلان عن مشاريع كبيرة، وأكد حميد سالم، مدير عام جمعية المقاولين في الإمارات في تصريحات خاصة للرؤية الاقتصادية التعافي التدريجي لقطاع المقاولات والإنشاءات بالدولة في العام المقبل، وقال إن الأمر مرتبط بالتعافي العام، وحجم النمو الاقتصادي بشكل عام، وبالتالي فإن عملية النمو ستنعكس على قطاع المقاولات، والذي يعد من أهم القطاعات العاملة في السوق الإماراتية. وتابع سالم إن التزام نخيل بتسديد مستحقاتها لشركات المقاولات، أسهم بشكل كبير في عودة الثقة إلى هذا القطاع، وأصبحت هناك ثقة من جهة شركات المقاولات التي عانت من خسائر كبيرة في الفترات الماضية، كما أنه أعطى قوة للسوق، والتوجه نحو مواصلة تنفيذ الأعمال التي عانت خلال الفترات السابقة من مشاكل مادية مختلفة. واعتبر أن الحجم الكبير في مشاريع العقار والبناء يأتي من توجه الكثير من الشركات في فترة الطفرة إلى الاستثمار في المشاريع العقارية، وبين أن مشكلة توقف المشاريع تعود بالدرجة الأولى إلى شركات التطوير العقاري التي تحتاج إلى وضع آليات لمتابعة تنفيذ المشاريع، والتحول من الاستثمار في العقارات المكلفة أو المقدمة لذوي الدخل المرتفع، للاستثمار في مجالات العقارات الاقتصادية التي تقدم إلى الأشخاص من ذوي الدخل المتوسط والمحدود، وذلك نظراً لأن هذه الشريحة تعد الأكبر والقادرة حالياً على تحريك السوق من خلال عمليات البيع والشراء. وأوضحت البيانات أن التنوع الاقتصادي المطرد الذي حققته الإمارات على مر الأعوام السابقة أسهم بصورة رئيسة في الطفرة التي شهدها قطاع البناء والتشييد، إلا أن الأزمة الاقتصادية العالمية التي بدأت في الربع الأخير من العام 2008 أدت إلى التوقف المفاجئ لطفرة القطاع، ومنذ ذلك الوقت، تم إلغاء الكثير من المشاريع الإنشائية أو تأجيلها. وقال سالم إن الأزمة ومن خلال دراسة المنحنى البياني لها فإنها وصلت خلال الفترة الماضية إلى القاع، وتسببت في خسائر كبيرة لشركات المقاولات، كما أنها أدت إلى خروج شركات من السوق، ولهذا فإن المرحلة الأسوأ قد مرت في اعتقادي، وبدأت تظهر بوادر الانتعاش من المشاريع التي أعلن عنها مؤخراً، إلا أنه وعلى كل الأحول على شركات المقاولات أن تعمل على إعادة هيكلة أعمالها لتتمكن من التعامل مع أي أزمات مالية يمكن أن تواجهها خلال الفترات المقبلة. كما بين أن الاستثمار في مجال المشاريع العقارية السياحية يعد إيجابياً جداً في الفترة المقبلة، وعلى الشركات العقارية وضعه في الاعتبار وذلك نظراً للمكانة الكبيرة التي تحتلها الإمارات في الوقت الجاري على الخارطة السياحية العالمية، إضافة إلى الاهتمام الكبير الذي يقدم محلياً لتعزيز ودعم قطاع السياحة. وقال إن توقف المشاريع أو التأخر في تنفيذها أو أي مشاكل تعوق تنفيذ المشاريع، يسبب ذلك خسائر كبيرة لشركات المقاولات التي تتحمل الكثير من الأعباء، حيث إنها تضع موازناتها على أساس المشاريع، والتي تقوم على توظيف العمالة والتعاقد مع الجهات المختلفة، ولذلك فإن مواصلة تنفيذ المشاريع تحمي هذه الشركات من الخسائر، ولكن ما يحدث حالياً هو أن شركات التطوير العقاري أخذت تعاني من مشاكل مادية دفعتها إلى تأجيل تنفيذ عدد من المشاريع أو إلغاء بعضها، ما كبد شركات المقاولات خسائر كبيرة من دون أن تحصل على تعويض مناسب لهذه الخسائر. وأشارت البيانات إلى أن أسعار مواد البناء بدأت في الانخفاض منذ بداية العام 2009 وذلك على خلفية البيئة الاقتصادية السالبة، وتدهور الطلب على العقارات في أنحاء العالم المختلفة، وأوضحت أن سوق الإمارات من الأسواق التي شعرت بتأثيرات الأزمة المالية العالمية في المنطقة، ولذلك فقد انخفضت أسعار مواد البناء في الإمارات بصورة أسرع من الأسواق في الدول الأخرى في مجلس التعاون، كما أشارت إلى أن هبوط أسعار المواد وتكاليف العمالة يأتي ذلك في مصلحة الكثير من المطورين العقاريين، حيث يمكنهم ترشيد الكثير من النفقات. وبينت أنه في الأشهر الأخيرة، بدأت شركات عقارية في الدخول إلى أسواق جديدة، وحول بعضها التركيز من المشاريع الخاصة إلى مشاريع القطاع العام، وشكلت تحالفات جديدة سعياً إلى الفوز بالعمل في بيئة تتزايد المنافسة فيها، وتوقعت البيانات أن يستمر هذا التوجه مع تحرك حكومة الإمارات نحو تحفيز الاقتصاد من خلال الإنفاق بكثافة على مشاريع البنية التحتية. وأكد سالم أن السوق الحالية تقدم فرصاً استثمارية جيدة، مع تراجع أسعار مواد البناء والإيجارات والخدمات الأخرى المستخدمة في مجال المقاولات، ودعا الراغبين في الاستثمار في هذه المجالات خلال الفترة المقبلة إلى التعامل مع هذه الفرص بحذر، وإعداد الدراسات المتأنية عن المخاطر والفوائد التي سيتم جنيها من خلال تنفيذ المشاريع، ولاسيما أن القطاع يتأثر بالحركة الاقتصادية في القطاعات الأخرى، وبما أن هناك انتعاشاً اقتصادياً في القطاعات الأخرى ونسب نمو في الدولة، فإن قطاع المقاولات أيضاً لابد له أن يتأثر بشكل إيجابي بمعدلات النمو الأخرى.