قال المغرب يوم الخميس إنه علق التعاون القضائي مع فرنسا ليوقف جميع الإجراءات من نقل السجناء إلى التحقيقات المشتركة جراء خلاف دبلوماسي بسبب مزاعم بشأن انتهاكات لحقوق الإنسان. واتصل الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند هاتفيا بالعاهل المغربي الملك محمد السادس في وقت سابق من الاسبوع في مسعى لتهدئة الخلاف النادر بين فرنسا والمغرب حليف باريس الذي تعرض لانتقادات من جانب منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان بشأن انتهاكات الشرطة وحرية الصحافة واستقلال القضاء. وبدا أن المسؤولين الفرنسيين أصيبوا بالدهشة بسبب تصاعد الخلاف. وقال محللون إن المغرب يحاول الضغط على باريس قبل التصويت السنوي للأمم المتحدة على نزاع الصحراء الغربية في إبريل نيسان. كانت الرباط قد استدعت السفير الفرنسي إلى مقر وزارة الخارجية يوم السبت للاحتجاج على توجه الشرطة الفرنسية إلى السفارة المغربية في باريس في محاولة لاستجواب رئيس المخابرات المغربية بشأن مزاعم تتهمه بممارسة التعذيب بعد دعاوى قضائية أقامها ضده في فرنسا نشطاء مغاربة. وقالت وزارة العدل المغربية في بيان انه نظرا لارسال الشرطة الفرنسية ومعها أمر قضائي خاص بمسؤول مغربي في مقر السفير بطريقة استفزازية تقرر تعليق كل اتفاقات التعاون القضائي بين البلدين إلى حين إجراء مراجعة. وأضاف البيان "تقرر تعليق تنفيذ جميع اتفاقيات التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا وذلك من أجل تقييم جدواها وتحيينها بما يتيح تدارك الإخلالات التي تشوبها." وقال إن الرباط استدعت قاضي الارتباط المغربي في فرنسا الذي ينسق المسائل القضائية في انتظار حلول "تضمن الاحترام المتبادل التام للاتفاقيات الثنائية" بين البلدين. وقال مصطفى الخلفي وزير الإتصال الناطق الرسمي بإسم الحكومة للصحفيين "المغرب عبر عن استغرابه من الإقدام على هذه الخطوة والتي جاءت ضد الأعراف الدبلوماسية بين البلدين وضد الاتفاقيات التي تؤطر التعاون القضائي بين البلدين وبموضوع شكاية تم التعرف عليها عن طريق الصحافة بالرغم من وجود قنوات دبلوماسية." وأضاف أن المغرب لم يحصل على توضيحات من فرنسا عن استدعاء مدير المخابرات المدنية المغربية. وقال محامون ومسؤولون إن الإجراء يعلق التعاون في المسائل الجزائية مثل التحقيقات المشتركة ونقل السجناء وتسليم المجرمين. ويوقف أيضا الإجراءات المدنية للفرنسيين المغاربة الذين يبلغ عددهم حوالي 700 ألف مثل الزواج وقضايا حضانة الأطفال والطلاق. وحاول وزير الخارجية الفرنسي إنهاء الخلاف في وقت سابق. وقال لوران فابيوس بعد ان تحدث مع وزير الخارجية المغربي "أجرينا ايضاحات مفيدة وأسفنا على الحوادث التي يمكن ان تكون وقعت وتأسفنا على الاتجاه الذي أخذته الامور. آمل ان يكون كل هذا من الماضي اذا لم يكن هذا قد حدث بالفعل." وقالت الأممالمتحدة في عام 2012 إن هناك تعذيبا ممنهجا لأفراد يشتبه انهم ارتكبوا جرائم ضد الامن القومي في المغرب وحثت على إنهاء سوء المعاملة في السجون ومراكز احتجاز الشرطة. ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش المغرب إلى التحقيق في اتهامات الشرطة بتعذيب نشطاء مدافعين عن الديمقراطية لانتزاع اعترافاتهم قسرا. وقال جوزيف برهام وهو محام عن أحد الذين قدموا شكوى في باريس إن التعليق سيمنع نقل السجناء إلى فرنسا. وقال إن عددا من موكليه الموجودين في السجن بتهم الاتجار بالمخدرات طلبوا نقلهم إلى فرنسا بعد أن زعموا تعرضهم للتعذيب عقب القبض عليهم. وأضاف "أدرك المغاربة أن السجناء يتقدمون بشكاوى قانونية بمجرد العودة إلى فرنسا." لكن محللين قالوا إن الخلاف الدبلوماسي قد يكون مرتبطا أيضا بنزاع الصحراء الغربية. ونزاع الصحراء الغربية احد أقدم النزاعات الإقليمية في أفريقيا وهي قضية حساسة بالنسبة للمغرب منذ توسطت الأممالمتحدة لوقف إطلاق النار في عام 1991 لتنهي الحرب بين المغرب وحركة البوليساريو التي تدعمها الجزائر. وستصوت الأممالمتحدة في ابريل نيسان على تمديد مهمة بعثة الاممالمتحدة في الصحراء الغربية لعام آخر. وتؤيد فرنسا منذ فترة طويلة موقف الرباط من مشكلة الصحراء الغربية. ودفعت باريس الولاياتالمتحدة في العام الماضي لتعديل مشروع قرار يهدف لارسال قوات حفظ سلام دولية لمراقبة حقوق الإنسان في الأراضي المتنازع عليها. ودفع مشروع القرار المغرب إلى إلغاء مناورات عسكرية مشتركة مع الولاياتالمتحدة. كما أغضب الممثل الاسباني خافيير بارديم المغرب حين نقل عن سفير فرنسي قوله إن باريس اختارت أن تتجاهل انتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية وهي مستعمرة اسبانية سابقة ضمها المغرب إلى اراضيه عام 1975. وأقر رومان نادال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية يوم الأربعاء بأن بارديم التقى مع سفير فرنسا لدى الأممالمتحدة جيرار آرو في 2011 لبحث قضية الصحراء الغربية. لكنه قال "ممثلنا في الأممالمتحدة ... لم يقل ما نسب إليه." من عزيز اليعقوبي وجون ايرش (شارك في التغطية للنشرة العربية زكية عبد النبي من الرباط - تحرير مصطفى صالح)