بعد مرور 80 يوما على اطول ازمة سياسية في اوكرانيا، بدأت المعارضة تحشد انصارها مجددا الاحد بكييف، لكن الكرة باتت في ملعب السلطة. ودعت احزاب المعارضة الى تجمع في ساحة الاستقلال التي يحتلها محتجون ومحاصرة بمتاريس منذ اكثر من شهرين. وعند منتصف النهار احتشد حوالي 70 الف متظاهر في الساحة بحسب مراسلين لوكالة فرانس برس. وقال الكسندر زافيروخا (29 عاما) القادم من مدينة غوسياتين في غرب اوكرانيا لوكالة فرانس برس "نأمل ان تقدم السلطة تنازلات وان تاتي الاتفاقات مع المعارضة بنتائج. لان النظام يشبه القراصنة الصوماليين الذين يخطفون رهائن ثم يفاوضون". وراى هذا الموظف الشاب ان لقاء الجمعة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والاوكراني فيكتور يانوكوفيتش "لا يمكن ان ينتج عنه اي شيء جيد". واضاف "لقد سمعنا مستشارا لبوتين يقول انه في الميدان (كما يطلق على ساحة الاستقلال في كييف) لا يوجد سوى خارجين عن القانون ومتطرفين". ومضت المتظاهرة انا ريبينوك (سكرتيرة) في الاتجاه ذاته. وقالت "يجب ان يبقى الناس في الشارع حتى النهاية، والا فانه ستحصل اعمال انتقامية. ويجب على المعارضة ان تكون اكثر تصميما، وان لا تكتفي بالخطب على المنبر. لا بد من انتخابات رئاسية مسبقة ودستور جديد .. والا فان كل شيء سيبقى كما في السابق". وامام الرئيس يانوكوفيتش الذي يطالب المحتجون برحيله، نظريا عدة خيارات لكن في الان ذاته هو واقع بين العديد من القوى. والضغط الاوضح هو ضغط روسيا التي اتجه اليها في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر متخليا فجأة عن توقيع اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي رغم انه كان هو من روج له لثلاث سنوات. واثر هذا التغيير منحت موسكو مساعدة مادية هامة بقيمة 15 مليار دولار من القروض وخفض سعر الغاز الروسي الى الثلث. لكن بقبوله هذه المساعدة في الوقت الذي كانت فيه بلاده على حافة التوقف عن سداد ديونها، سلم يانوكوفيتش لبوتين ورقة هامة يمكنه استخدامها في اي وقت من خلال ربط الافراج عن دفعات المساعدة لكييف بالوضع السياسي في اوكرانيا. ولذلك فان المعارضة والشركاء الغربيون لاوكرانيا يترقبون بفارغ الصبر لمعرفة نتائج لقاء الرئيسين بوتين ويانوكوفيتش. وتم اللقاء مساء الجمعة في سوتشي لمناسبة افتتاح الالعاب الاولمبية الشتوية، لكن لا شيء تسرب مما قيل او تقرر في اللقاء. وتنتظر روسيا كما ينتظر الاتحاد الاوروبي ان يعين يانوكوفيتش رئيس حكومة جديدا بدلا من ميكولا ازاروف الذي استقال في 28 كانون الثاني/يناير ويربط كل منهما مساعدته بما سيحصل. ويبدو من غير المرجح ان يعثر على مرشح مقبول من روسيا التي تريد من كييف احترام تعهداتها ازاءها، ومن الغرب الذي يطالب بحكومة وحدة وطنية "تقنية" تكون للمعارضة المؤيدة للتقارب مع الاتحاد الاوروبي تاثير حقيقي فيها. واذا كان الغربيون الذين يقول بعضهم انهم يؤيدون عقوبات محددة ضد ياكونوفيتش او المقربين منه، يشيرون الى مساعدة "هامة" يمكن ان يقدموها لكييف، فان الاميركيين يتحدثون في السياق ذاته عن تعاون مع صندوق النقد الدولي الذي يصعب على اوكرانيا القبول بشروطه القاسية. من جانبها تطالب المعارضة التي زاد تشددها مع تمدد فترة الازمة، الان اولا بتعديل دستوري للعودة الفورية الى دستور 2004 ما يعني تقليصا كبيرا لصلاحيات الرئيس مقابل تعزيز صلاحيات البرلمان والحكومة. وفي معسكر الحكم لا يبدو انه هناك نية للقيام بعملية امنية ضد المعارضة في الايام القادمة. ويؤكد الرئيس ياكونوفيتش على استعداده للحوار والتسوية وحتى لتعديل دستوري، لكنه يقترح صياغة دستور جديد وهو ما سيطلب عدة اشهر. وترى المعارضة في ذلك مناورة لكسب الوقت. لكن في الاثناء لا يمكن تخيل حل "على الطريقة الجورجية" من خلال مسيرة سلمية للمعارضين تحتل البرلمان حيث ان الحي الحكومي محمي بمتاريس وقوات وزارة الداخلية وقوات مكافحة الشغب.