وقعت الحكومة السودانية الجنوبية والمتمردون بقيادة نائب الرئيس السابق رياك مشار مساء الخميس اتفاقا لوقف اطلاق النار يدخل حيز التطبيق خلال 24 ساعة، وفق ما افادت مراسلة وكالة فرانس برس. وتم توقيع الاتفاق الذي يهدف الى انهاء مواجهات دامية في جنوب السودان مستمرة منذ اكثر من شهر، امام دبلوماسيين اجانب وصحافيين في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا. كما وقع الجانبان على اتفاق ينص على اطلاق سراح احد عشر معتقلا مقربا من رياك مشار. وشكلت هذه المسألة موضع مشاورات شاقة منذ مطلع كانون الثاني/يناير. الا انه لم يتم تحديد اي موعد لاطلاق سراح هؤلاء. ورحب الرئيس الاميركي باراك اوباما بالاتفاق قائلا "ارحب بالتوقيع اليوم (الخميس) على اتفاق يضع حدا للاعمال العدائية في جنوب السودان ويشكل مرحلة اولى في بناء سلام دائم". كما رحب البيت الابيض بالاتفاق واصفا اياه بانه "خطوة اولى مهمة" على طريق تسوية هذه الازمة الدامية. كذلك اعلن المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني ان الولاياتالمتحدة تامل في ان "يطبق الطرفان بسرعة وبشكل كامل" بنود هذا الاتفاق. ويشهد جنوب السودان منذ اكثر من شهر معارك عنيفة تدفع مئات الاف السكان الى النزوح، فيما يتفاوض الخصوم على وقف لاطلاق النار في فنادق اديس ابابا الفخمة. وامضى وفدا حكومة جوبا والتمرد الذي يقوده نائب الرئيس السابق رياك مشار واللذان يتواجهان عسكريا منذ 15 كانون الاول/ديسمبر في الدولة الفتية، اسابيع عدة مدفوعة التكاليف في فندق شيراتون في العاصمة الاثيوبية. وقال كبير المفاوضين باسم المتمردين تابان دينغ خلال مراسم التوقيع ان "هذين الاتفاقين يمثلان المكونات لايجاد مناخ مؤات لسلام شامل في البلاد". من جهته قال كبير المفاوضين عن حكومة جنوب السودان نهيان دينغ نهيال "نأمل ان نتمكن من التوصل سريعا الى اتفاق (شامل) يضع حدا لحمام الدم". ورحب كبير وسطاء الهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق افريقيا (ايغاد) سيوم مسفين الخميس بهذين الاتفاقين في ما يشكل "خاتمة" مرحلة اولى من المفاوضات. واضاف "علينا قريبا اجراء بحوار سياسي والعمل على مصالحة وطنية". وفي واشنطن، رحب البيت الابيض باتفاق وقف اطلاق النار الذي تم التوقيع عليه بين طرفي النزاع في جنوب السودان واصفا اياه ب"خطوة اولى مهمة" على طريق تسوية هذه الازمة الدامية. واعلن المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني ان الولاياتالمتحدة تامل في ان "يطبق الطرفان بسرعة وبشكل كامل" بنود هذا الاتفاق. ويتهم رئيس جنوب السودان سلفا كير مشار وانصاره بمحاولة تنفيذ انقلاب، لكن مشار ينفي ويتهم خصمه باستخدام هذا الامر ذريعة للقضاء على معارضيه. ومشار مختبئ في مكان سري في جنوب السودان. ورغم ان الطرفين كررا استعدادهما، بعد ازالة العراقيل، لوقف المعارك، فانهما يكثفان الهجمات بعنف شديد. وتم تسجيل اعمال تجنيد لاطفال وعمليات اغتصاب وقتل ومجازر اتنية وغيرها. في هذا الوقت، تسود صالونات الشيراتون اجواء اكثر "تحضرا". فقد امضت الوفود ساعات في ارتشاف القهوة وتذوق المأكولات الاكثر كلفة في العاصمة الاثيوبية على وقع بيانو الفندق. وما قلل الضغط هو تسديد الهيئة الحكومية لدول شرق افريقيا (ايغاد) التكاليف، كونها الوسيطة في المفاوضات، بمساعدة مانحين على غرار الاتحاد الاوروبي. ومرة واحدة منذ بدء المفاوضات ابدى الوفدان نوعا من التوافق، عندما رفضا معا في الاسبوع الفائت التفاوض في ملهى ليلي تابع للشيراتون. فقاعة الاجتماع المعتادة لم تكن شاغرة. لكن المفاوضات استمرت نهارا، خارج دوام عمل الملهى، الا ان الطرفين اعتبرا المكان كثير الضجيج وسيء الاضاءة. وفيما بدأت الفواتير ترتفع بشكل كبير، غيرت الوفود هذا الاسبوع الفندق، للانتقال الى مؤسسة افتتحت حديثا، لكن اسعارها اكثر اعتدالا (130 دولارا مقابل 450 على الاقل في الشيراتون). كما حذر الوسطاء من وقف المفاوضات في حال عدم الاتفاق على وقف لاطلاق النار. فبسبب انعقاد قمة الاتحاد الافريقي ستكون الفنادق مليئة الاسبوع المقبل في اديس ابابا. واعتبر المحامي ديفيد تشنغ من جنوب السودان وهو ناشط في صفوف المجتمع المدني انه، في جميع الاحوال، فان هذه العملية "مختلة". وقال "هناك نوع من الدينامية المختلة في مفاوضات من هذا القبيل: يتم التكفل بحاجات المشاركين ويقيمون في ظروف مريحة مع نفقات يومية كبيرة"، ما قد يردعهم عن ابرام اتفاق بسرعة. وتابع "ان وجودهم المريح في هذه الفنادق فيما يعاني اخرون على الارض بسبب حربهم العبثية يظهر ببساطة مدى ابتعاد القادة السياسيين والعسكريين عن السكان".