اعلنت رئاسة جنوب السودان، المدعومة من الجيش الاوغندي، انها استعادت السبت مدينة بور، احدى البؤر الرئيسية للمعارك التي تجتاح البلاد منذ منتصف كانون الاول/ديسمبر الماضي وهو ما اكده ايضا المتمردون موضحين مع ذلك ان الامر يتعلق بانسحاب "تكتيكي". في الوقت نفسه اكدت رئاسة جنوب السودان ثقتها في سرعة التوصل خلال ايام الى اتفاق لوقف اطلاق النار مع حركة التمرد التي يقودها نائب الرئيس السابق رياك مشار. وقال المتحدث باسم الجيش فيليب اغير ان "قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان(الجيش) دخلت بور" عاصمة ولاية جونقلي التي تبعد نحو 200 عن جوبا، عاصمة جنوب السودان. واضاف ان "قوات الجيش الشعبي دحرت اكثر من 15 الف من رجال رياك مشار (...) واحبطت مخططاته للزحف الى جوبا ومهاجمتها". واقر لول رواي كوانغ متحدثا باسم المتمردين من اديس ابابا، حيث تجرى المفاوضات حول اتفاق محتمل لوقف اطلاق النار، بان قوات مشار "انسحبت تكتيكيا من مدينة بور الاستراتيجية والتاريخية بهدف اعادة تنظيم صفوفهم والتحضير لمهمات اخرى". واضاف "لقد انسحبنا من دون اطلاق رصاصة واحدة". من جهته حيا اتني ويك انتني المتحدث باسم رئيس جنوب السودان سلفا كير الجيش على "الانجاز الذي حققه" داعيا في الوقت نفسه رجاله الى احترام "دولة القانون". وكانت الاممالمتحدة نددت الجمعة من جديد بتجاوزات كثيرة ارتكبها الفريقان في هذا النزاع الذي تشهده هذه الدولة الفتية منذ 15 كانون الاول/ديسمبر الماضي. واكد الجيش الاوغندي الذي تدخل رسميا في البداية لاجلاء الاوغنديين لكنه اعترف لاحقا بالقتال الى جانب قوات جوبا في مواجهة المتمردين، استعادة مدينة بور بل ونسب لنفسه هذا الانتصار. و قال المتحدث باسم الجيش الاوغندي بادي انكوندا على موقع تويتر ان "الجيش الاوغندي حرر مدينة بور في جنوب السودان" مشيرا الى "ارتياح كبير للاوغنديين المحاصرين" بسبب النزاع. وكان جيش جنوب السودان يحاول استعادة بور منذ نحو ثلاثة اسابيع. وهكذا انتقلت السيطرة على عاصمة ولاية جونقلي الدائمة الاضطراب للمرة الرابعة منذ منتصف الشهر الماضي. وادت المعارك الهادفة الى السيطرة على بور الى فرار عشرات الالاف من سكانها الذين فضل الكثير منهم عبور مياه نهر النيل المحفوف بالمخاطر على البقاء وسط القصف المتبادل للفريقين. واسفرت المعارك الدائرة في جنوب السودان، الدولة التي استقلت حديثا في تموز/يوليو 2011، عن نزوح 450 الف شخص بحسب الاممالمتحدة بينما تحدثت بعض المصادر عن سقوط ما بين الف وعشرة الاف قتيل. ويتهم سلفا كير خصمه رياك مشار وحلفاءه بمحاولة القيام بانقلاب الامر الذي ينفيه مشار الذي يتهم بدوره كير بانه يسعى الى تصفية منافسيه. والجمعة قال الامين العام المساعد للامم المتحدة لحقوق الانسان ايفان سيمونوفيتشي ان "المعلومات التي تصلنا تشير الى مذابح جماعية واعدامات بدون محاكمات وعمليات تدمير واسعة النطاق واعمال نهب وتخريب وتجنيد اطفال كجنود". واضاف "يمكننا الان ان نعتبر هذا النزاع نزاعا مسلحا داخليا. من الناحية القانونية هذا يعني انه اضافة الى انتهاكات حقوق الانسان وجرائم محتملة ضد الانسانية يمكن ايضا ان نتحدث عن جرائم حرب". ومنذ البداية يضاعف المجتمع الدولي الجهود لاقناع طرفي النزاع بتوقيع اتفاق لوقف اطلاق النار. وقد بدا الجانبان مباحثات في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا تحت رعاية دول شرق افريقيا منذ نحو اسبوعين. من جهة اخرى ابدت رئاسة جنوب السودان السبت تفاؤلا بشان امكانية التوصل الى اتفاق خلال 48 ساعة. وصرح اتيني ويك اتيني الناطق باسم الرئيس سلفا كير، للصحافيين بان "كبير المفاوضين ما زال هنا (في جوبا) لكنه سيتوجه الى اديس ابابا للتوقيع على انهاء الاعمال العدائية" مؤكدا ان "الحكومة مستعدة للتوقيع على وقف الاعمال العدائية (...) غدا (الاحد) او الاثنين". وقبل ذلك اعلن مابيور غرانغ احد مفاوضي حركة التمرد في العاصمة الاثيوبية ان وفده مستعد للتوقيع على مسودة اتفاق لوقف اطلاق النار اقترحته دول شرق افريقيا التي ترعى المفاوضات. وقال "اطلعنا على مشروع اتفاق لوقف الاعمال القتالية قد نوقع عليه لكننا في انتظار ان يوافق عليه الطرف الاخر". لكن لم يتسن الحصول على اي تفاصيل عن فحوى مشروع الاتفاق هذا. كما يصعب التكهن بما اذا كان الطرفان مستعدين للتوافق على وثيقة واحدة. والطرفان حتى الان يختلفان خصوصا حول مسالة الافراج عن اسرى مقربين من رياك مشار اعتقلوا في بداية المعارك. اذ ان المتمردين يطالبون بالافراج عنهم قبل التوقيع على اي اتفاق لوقف اطلاق النار في حين ترفض الحكومة ذلك معتبرة انه يجب محاكمتهم كما جرت العادة. واعرب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي، الهيئة التنفيذية للمنظمة الافريقية، السبت عن خيبة امله لعدم تحقيق تقدم في اديس ابابا حتى الان. وقال ارستوس مونتشا ان "شروط اتفاق وقف اطلاق النار تزداد طولا" و"لا يمكن القول اننا حققنا تقدما" داعيا الطرفين الى تقديم تنازلات ومشككا في فرص التوصل قريبا الى اتفاق. والمعارك مستمرة للسيطرة على عواصم اقليمية اخرى مثل بنتيو (ولاية الوحدة) وملكال (النيل الاعلى).