واصل المجتمع الدولي الاحد جهوده في محاولة لاحتواء توسع المعارك التي تهدد جنوب السودان بحرب اهلية فيما استمرت المواجهات العنيفة بين الجيش والمتمردين وخصوصا في ولاية الوحدة النفطية. ويسيطر المتمردون بقيادة نائب الرئيس السابق ريك مشار على قسم من ولاية الوحدة التي تحوي الموارد النفطية للبلاد وتمكنوا من السيطرة على عاصمتها بنتيو التي تبعد الف كلم شمال جوبا. وافاد مسؤول محلي في بنتيو ان شوارع المدينة لا تزال مليئة بالجثث منذ سقوطها في ايدي انصار مشار بعد انشقاق قيادي عن الجيش النظامي السوداني الجنوبي. واضاف هذا المسؤول لفرانس برس رافضا كشف هويته "لا يزال هناك ثلاثون جثة لم يتم دفنها بعد". واكد المتحدث باسم الجيش النظامي فيليب اغير ان "ولاية الوحدة منقسمة حاليا" بين قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان وانصار ريك مشار. واضاف "لا نسيطر على بنتيو ونجهل عدد الاشخاص الذين قتلوا او اصيبوا". من جهته، اكد سفير جنوب السودان في الخرطوم ماين دوت وول ان المنشات والصادرات النفطية الحيوية لاقتصاد البلاد كونها تؤمن 95 في المئة من عائداتها، لم تتاثر بالمعارك. بدوره، يعول السودان على نفط جنوب السودان المجاور ويحصل على عائدات كبيرة من رسوم عبور النفط في الانابيب الواقعة ضمن اراضيه. وفي هذا الاطار، اعتبر محللون ان الخرطوم يمكن ان تتدخل في حال شعرت بان مصالحها مهددة. وتدخل الامين العام للامم المتحدة بان كي مون والرئيس الاميركي باراك اوباما طالبين وقف المعارك. وقال بان الاحد "اطلب ان يوقف جميع القادة السياسيين والعسكريين وقادة الميليشيات المعارك ويضعوا حدا للعنف بحق المدنيين". وكان اوباما صرح السبت بان "اي محاولة للاستيلاء على السلطة بالوسائل العسكرية ستؤدي الى انهاء دعم الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي" لجنوب السودان. وكانت واشنطن الداعم الاكبر للدولة الوليدة منذ استقلالها في 2011. واعلن مسؤول في وزارة خارجية جنوب السودان ان الموفد الاميركي الى المنطقة دونالد بوث سيصل مساء الاحد الى جوبا، لافتا الى ان نيجيريا سترسل بدورها موفدا. وقبل الموفدين الاميركي والنيجيري، انهى وفد من وزراء خارجية دول شرق افريقيا وساطة استمرت ثلاثة ايام التقى خلالها السبت رئيس جنوب السودان سلفا كير الذي كان وعد ب"اجراء حوار من دون شروط" مع خصمه ريك مشار. وفي العاصمة جوبا وحدها، خلفت المعارك 500 قتيل على الاقل اضافة الى عشرات الاف النازحين في مختلف انحاء البلاد، بحسب حصيلة جزئية. ويستخدم الخصمان اللذان خاضا حربا طويلة من اجل استقلال بلادهما (1983-2005) مقاتلين من قبيلتيهما، دينكا بالنسبة لسلفا كير ونوير لريك مشار. وحذرت اللجنة الدولية للصليب الاحمر الاحد من اعمال العنف بحق المدنيين، وندد ممثلها في جوبا ملكر مابيك ب"جرائم" و"سوء معاملة" يمارسها الجانبان. واضافة الى مدينة بنتيو، يسيطر المتمردون منذ الخميس على بور عاصمة ولاية جونقلي التي تبعد مئتي كلم شمال العاصمة. واعترف اغير ان "بور لا تزال تحت سيطرة قوات بيتر غاديت (حليف مشار)، مشيرا الى ان "جيش تحرير جنوب السودان يواصل تقدمه نحوها، لكنه لم يستعدها حتى الان". واعلنت بعثة الاممالمتحدة في جنوب السودان انها بدأت اجلاء "طاقمها غير الاساسي" في جوبا على ان ترسل تعزيزات عسكرية الى بور وبنتيو "لمواصلة اداء مهمتها المتمثلة في حماية المدنيين السودانيين الجنوبيين". وامرت دول عدة بينها الولاياتالمتحدة وبريطانيا وكينيا واوغندا ولبنان باجلاء رعاياها. وكان اربعة جنود اميركيين اصيبوا السبت خلال محاولة اجلاء فاشلة في بور. كذلك، باشرت الشركات النفطية اجلاء موظفيها من البلاد على غرار شركة الصين النفطية الوطنية بعد مقتل خمسة موظفين سودانيين جنوبيين يعملون في قطاع النفط. وبحسب الاممالمتحدة فان عشرات الالاف من المواطنين تركوا منازلهم ولجأ الكثير منهم الى قواعد المنظمة الدولية. وقالت سوزان ناكدين وهي ام لثلاثة اطفال لجأت الى احدى قواعد الاممالمتحدة في جوبا مع الاف اخرين "انا خائفة، انا لااريد ان افكر بأنه سيتم اجباري كي اكون لاجئة مرة ثانية" مشيرة الى انها كانت لاجئة اثناء الحرب الاهلية التي قسمت السودان الى بلدين.