لم يخف سكان بانغي عاصمة افريقيا الوسطى الاحد رغبتهم برؤية القوات الفرنسية تدخل مدينتهم للجم المسلحين فيها، في حين اعلن وزير الدفاع الفرنسي ان عملية نزع اسلحة المجموعات المسلحة ستبدأ الاثنين. واعلن وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان الاحد ان عملية نزع اسلحة المجموعات المسلحة في افريقيا الوسطى ستبدأ "غدا" الاثنين محذرا من ان فترة الافلات من العقاب قد انتهت. وفي برنامج اذاعي متلفز بالاشتراك مع صحيفة لوفيغارو قال لودريان ان نزع الاسلحة "سيبدأ صباح الغد وحتى الان قمنا بدوريات في المدن والغابات"، مضيفا ان "فترة الافلات من العقاب انتهت وننتقل الى مرحلة القاء الاسلحة، وعلى الجميع القاء الاسلحة" والا "نستعمل القوة لنزعها". من جهته اعلن الناطق باسم قيادة الاركان الفرنسية الكولونيل جيل جارون ظهر الاحد من باريس ان حوالى 1600 جندي فرنسي اصبحوا منتشرين الاحد في افريقيا الوسطى حيث لم يقع اي اشتباك مع المليشيات منذ الخميس، متحدثا عن "توتر" عندما يقترب الجنود الفرنسيون من المجموعات المسلحة في بانغي. وبعد ليلة هادئة نسبيا تخللتها عيارات نارية متقطعة، لم تشهد المدينة الاحد حركة نشطة. وظلت معظم الكنائس التي ما تكون عادة مكتظة خلال قداس الاحد خالية باستثناء بعض اماكن العبادة التي توجه اليه الاف النازحين خلال الايام الاخيرة. وسير الجنود الفرنسيون في عملية "سنغاري" دوريات راجلة ومؤللة الشوارع والجادات ومفترقات الطرق الاستراتيجية. في حين اختفى تقريبا المسلحون ومقاتلو سيليكا سابقا بسياراتهم المكشوفة من الشوارع. وردا على سؤال قناة فرانس 3 قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ان "الهدوء عاد الى بانغي رغم بعض التجاوزات هنا وهناك". واضاف "تم احصاء 394 قتيلا خلال الايام الثلاثة الاخيرة" بعد المجازر الاتنية الدينية التي شهدتها بانغي الخميس في حين اعلن الصليب الاحمر المحلي في حصيلة سابقة عن سقوط نحو 300 قتيل. واكد فابيوس ان "بعض العمليات جارية في مجمل انحاء البلاد وعمليات نزع اسلحة (المتمردين السابقين) سيليكا ستبدأ". وبالموازاة مع انتشاره في العاصمة بدأ الجيش الفرنسي ايضا السبت بالتموضع في شمال غرب البلاد حيث تستمر المواجهات ذات الطابع الاتني والديني منذ ايلول/سبتمبر وحيث ما زال التوتر شديدا جدا. ودخلت قافلة من المدرعات الفرنسية صباح السبت برا قادمة من الكاميرون، مدينة بوار (غرب) حيث استقبل السكان الجنود استقبال الابطال. واوضح احد سكان بانغي صباح الاحد لفرانس برس "اننا ننتظر ان يدخل الفرنسيون الى احيائنا كي لا نعد نشاهد كل اولئك المسلحين" مؤكدا "عندما نرى سيارة مكشوفة (لمقاتلين مسلحين) نغير طريقنا". وما زال الخوف يسيطر على سكان المدينة. وقال ساكن اخر "مللنا من الخوف، نريد ان يتوقف كل هذا". واعلن رئيس افريقيا الوسطى الانتقالي ميشال جوتوديا -الذي تولى السلطة في اذار/مارس بعد ان كان يقود ائتلاف سيليكا الذي حله بعد ذلك- في رسالة بثتها الاذاعة الحداد الوطني ثلاثة ايام اعتبارا من الاحد ترحما على ضحايا "تلك الاحداث المأساوية". وقال جوتوديا ان "في الوقت الذي اخاطبكم فيه اصبح الوضع تحت سيطرة قوات الدفاع والامن (...) ولا شيء يعيق استئناف النشاط" داعيا مواطنيه الى "الاهتمام بشؤونهم بلا خوف". واعرب زعيم المتمردين سابقا عن تعازيه "لكل سكان افريقيا الوسطى وخصوصا سكان بانغي الذين عانوا من احداث اليومين الاخيرين". وتتخبط افريقيا الوسطى في الفوضى ودوامة اعمال عنف دينية واتنية بين مسيحيين ومسلمين منذ ان اطاح ائتلاف سيليكا، غير المتجانس واغلب مقاتليه من المسلمين، بالرئيس فرنسوا بوزيزيه. وتضاعفت اعمال العنف في بانغي وداخل مناطق عدة في بلاد تعد 4,6 مليون نسمة، ما دفع بالفرنسيين الى الاسراع في التدخل. وبعد الحصول على الضوء الاخضر من الاممالمتحدة انطلقت عملية سنغاريس مساء الخميس دعما للقوة الافريقية في افريقيا الوسطى (ميسكا) واعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند السبت ان عديد القوات الفرنسية بلغ 1600 جندي لكنه لن يتجاوز هذا العدد. وقال ان جنود عملية سنغاريس اوكلت اليهم مهمة اولوية تتمثل في وقف المجازر و"نزع اسلحة المليشيات والمجموعات المسلحة التي تبث الرعب بين السكان". واضاف انهم سيبقون في البلاد "طالما كان ذلك ضروريا لاداء هذه المهمة" وحتى اجراء انتخابات بينما كانت باريس حتى الان تتحدث فقط عن تدخل محدود زمنيا بنحو ستة اشهر تقريبا. وبعد ان عانوا طيلة اشهر تجاوزات مقاتلي سيليكا السابقين القادمين من شمال البلاد ومعظمهم من المسلمين، حاول الكثير من سكان افريقيا الوسطى ومعظمهم من المسيحيين الانتقام، وانتقل ذلك الغضب تدريجيا نحو المدنيين المسلمين الذين تعرضوا الى مجازر وما يواكبها من دوامة عمليات الانتقام. وتسللت مجموعات مسلحة مناهضة لسيليكا الخميس الى بانغي وشنت هجوما على عدة احياء، وبدات التجاوزات قبل ساعات من تصويت الاممالمتحدة الذي منح القوة الافريقية والجيش الفرنسي تفويضا لفرض الامن في جمهورية افريقيا الوسطى.