قبل حلول موعد الانتخابات الاتحادية في ألمانيا، حاورت بي بي سي مع العديد من مختلف الخلفيات الجتماعية بشأن حياتهم في ألمانيا الحديثة. وجاءت الحلقة الخامسة والأخيرة من هذه السلسلة، لتطلعنا على مشروع فريد من نوعه عمل على اندماج السيدات التركيات داخل المجتمع الألماني. فتحدثنا إلى دوروثيا فيشر، وهي سيدة تدير أحد الحمامات التركية في العاصمة الألمانية برلين. وأضافت فيشر أن هذا الحمام، على حد قولها، يعتبر الحمام الوحيد في العالم الخاص بالسيدات، ويقع في القلب من منطقة كروزبيرغ، وهي منطقة تتميز بتعدد العرقيات فيها وتضم جالية تركية كبيرة. فمع أن الحمامات في تركيا وغيرها من الدول تكون لديها ساعات وأقسام مخصصة للرجال وأخرى للسيدات، إلا أن أي سيدة أو فتاة تأتي إلى حمام فيشر تعلم أنها لن ترى فيه أي رجل. فلا يسمح ?ي من الذكور الدخول إلى ذلك الحمام على الاطلاق. ففي هذا المكان الذي يكون من الطبيعي فيه للنساء التجرد من الملابس، وتتخلص السائحات مما قد يرتدينه لتغطية رؤوسهن وغير ذلك من الزينات التي قد تجعلهن يظهرن في الشارع بشكل مميز. وخلال ثلاث ساعات، تكون أمامهن الفرصة للتعرف على صديقات أخريات من جميع مناحي الحياة ومن شتى أنحاء العالم، أو ممن ينتمين الى عقائد دينية أخرى او ممن لا يؤمن بعقيدة. ويتجذر هذا المفهوم في فكرة سائدة في برلين بوصفها جنة للتسامح. وبرزت الصعوبات التي يواجهها الأتراك في ألمانيا إلى الضوء الشهر الماضي، عندما جرى الكشف عن أن المستشار الألماني السابق هيلموت كول كان قد دعا في السابق إلى خفض أعداد الأتراك إلى النصف وترحيل الباقين إلى بلادهم مرة أخرى لأنهم لم يتمكنوا من الاندماج في المجتمع بشكل جيد . ويعتقد أن ما يقرب من ثلاثة ملايين ممن هم من أصل تركي يعيشون حاليا في ألمانيا، ممثلين ما يقرب من 3.7 في المئة من تعداد السكان في البلاد. أما بالنسبة للسيدات اللاتي ينتمين إلى عائلات مسلمة محافظة، يكون من الصعب عليهن أن يلتقين بالألمان في أي مكان عام يختلط فيه الرجال بالسيدات. وفي عام 1981، كان ذلك المكان الذي يقع فيه الحمام الآن عبارة عن مصنع للشيكولاتة، وكان مكانا تلجأ إليه السيدات التركيات، ويبدو أنه الأول من نوعه في غرب برلين. وشغلت السيدات ذلك المصنع لغرضين، أحدهما حمايته من الهدم، والآخر جعله ملجأً لأي سيدة تعاني من أي نوع من أنواع التفرقة العنصرية، كالمثليات أو من يقعن ضحية للعنف المنزلي. وبعد سبعة أعوام، افتتح ذلك الحمام، والذي لا يعتبر أول حمام تركي يستقبل السيدات فقط في ألمانيا فحسب، بل يعتبر أول حمام يجري افتتاحه في ألمانيا كلها. وقالت فيشر إن ذلك الحمام كان ضروريا من الناحية العملية، حيث كان عدد كبير من التركيات في برلين في ذلك الوقت يعشن في شقق سكنية لا تحوي أماكن للاغتسال، واهتممن بوجود ذلك الحمام الذي لا يزال يعرف باسم مصنع الشيكولاته . ومنذ ذلك الحين، استقر العديد في منازل جديدة تحوي حمامات خاصة، إلا أن السيدات والفتيات التركيات لا زلن يمثلن نسبة تتراوح ما بين 20 إلى 30 في المئة من مرتادي هذا الحمام. وقالت فيشر، التي قدمت إلى برلين من مقاطعة بافاريا عام 1981 التقينا العديد من الصديقات التركيات هنا . لكن، كيف يكون ذلك الحمام مكانا يتقبله الآباء والأزواج الأتراك، الذين قد يشعرون بالقلق حيال تأثير المجتمع النسائي في ألمانيا على أفكار السيدات التركيات وهويتهن؟ ففي الأول من شهر مايو/ حزيران من كل عام، يفتح الحمام أبوابه للعامة من النساء والرجال أيضا على حد سواء، حيث أظهر هذا النشاط في العلاقات نجاحا، إذ يذهب الرجال إلى هناك لشراء قسائم الهدايا. وفي عصر الانترنت، يبلغ مرتادو الحمام من خارج ألمانيا نسبة تتراوح ما بين 40 إلى 50 في المئة، والعديد منهم زائرون من أبناء دول الشمال الذين يمرون بالعاصمة الألمانية برلين. وطبقا لما قالته هيلغا رويل، التي تشارك فيشر في إدارة المكان منذ عام 2006، قد يصل عدد الزائرات للحمام في أحد أيام الشتاء المزدحمة إلى 120 سيدة، وقد تقف بعض السيدات ممن لم يستطعن الحجز مقدما في طوابير انتظار تمتد لساعات في محاولة للدخول. ولا يعتبر هذا الحمام سوى الجزء الظاهر من مشروع أكبر حجما يتمثل في إقامة مركز للسيدات لا يهدف للربحية، فهو يقدم عددا من الدروس ابتداء من دروس اللغة الألمانية وحتى فصول التمارين الرياضية، فيما يقدم أيضا كل المعلومات الضرورية التي تحتاجها أي سيدة تأتي إلى برلين للمرة الأولى.