اتهم سكان فروا من بلدة معلولا ذات الغالبية المسيحية في ريف دمشق الى العاصمة جهاديين قالوا انهم دخلوا بلدتهم، باطلاق تسمية "الصليبيين" عليهم، وباجبار احدهم، تحت تهديد المسدس، على اشهار اسلامه. وروت ماري التي كانت تشارك امس الثلاثاء في دمشق في مأتم ثلاثة مسيحيين قتلوا خلال مشاركتهم في القتال في معلولا من ضمن اللجان الشعبية الموالية للنظام، ان المقاتلين الجهاديين، بعد ان فجروا حاجز القوات النظامية عند مدخل البلدة الاربعاء، "نزلوا من الحارة الغربية وبدأوا يكبرون ويقولون +جبهة النصرة آتية اليكم يا صليبيين". واضافت ان المقاتلين بقوا في ساحة البلدة ثلاث ساعات، وهم يصورون ويكبرون ويطلقون النار في الهواء. وشارك في الماتم مئات الاشخاص، وسار الموكب في شوارع الاحياء المسيحية في دمشق القديمة، على راسه فرقة موسيقية تؤدي الحان الموت، وبرفقة مسلحين يطلقون النار في الهواء من دون توقف تكريما "للشهداء". الطلقات الرشاشة غطت على الهتافات التي خرجت من الجمع: "معلولا هي جرح المسيح". وتقع معلولا المعروفة بآثارها المسيحية القديمة ومغاورها المحفورة في الصخر في منطقة القلمون على بعد حوالى 55 كلم شمال دمشق. وهي من اقدم المناطق المسيحية في العالم، وتقع على خارطة المواقع السياحية البارزة في سوريا. وهي المكان الوحيد في العالم الذي لا يزال سكانه يتكلمون اللغة الآرامية، لغة المسيح. وينتمي غالبية سكانها البالغ عددهم حوالى 4500، الى الكنيسة الكاثوليكية. ويقول المرصد السوري لحقوق الانسان ان العديد من شبان معلولا المسيحيين كانوا منضوين ضمن اللجان الشعبية الموالية للنظام التي شكلت مع بدء النزاع وتتولى اجمالا حماية الاحياء التي يقطن فيها افرادها. كما انضم اليهم بعد بدء المعركة مسيحيون من دمشق من قوات الدفاع الوطني، الميليشيا التي شكلها النظام ودربها لمساندة الجيش، بحسب المرصد. وقال عدنان نصرالله (62 عاما) الذي كان في الماتم ايضا انه يسكن قبالة مدخل المدينة، وانه سمع انفجارا كبيرا الاربعاء دمر القوس الذي يرتفع عند مدخل معلولا. "بعد ذلك، رايت اشخاصا يعصبون رؤوسهم بشريط كتب عليه النصرة يطلقون النار"، مشيرا الى انهم اطلقوا النار في اتجاه بعض الصلبان المرفوعة فوق كنائس واديرة. واضاف انه راى بعض هؤلاء "يضعون مسدسا في راس احد جيراني ويجبرونه على اشهار اسلامه، ثم سخروا منه". وروى نصرالله انه امضى 42 عاما في واشنطن حيث كان يملك مطعما باسم "معلولا"، وانه عاد قبل بدء النزاع في منتصف آذار/مارس بوقت قصير الى بلده للاستثمار فيه، لكنه خسر كل شيء. وقال "كان لدي حلم بان اروج للسياحة في بلدي. بنيت فندقا صغيرا ومصنعا لتوليد الكهرباء على الرياح لتامين الكهرباء لكل سكان معلولا. كل ذلك ذهب ادراج الرياح". وراى ان اسوأ ما حصل يكمن في موقف سكان معلولا المسلمين. "خرجت النساء على الشرفات واطلقت هتافات الترحيب، وكذلك الاولاد. اكتشفت ان صداقتنا كانت سطحية". الا ان شقيقته انطوانيت رفضت تعميم الاتهام. وقالت "النازحون الذين قدموا من حرستا ودوما (ريف دمشق) واستقبلناهم في بلدتنا هم الذين نشروا سم التفرقة، لا سيما بين الشباب". وروت رشا ان خطيبها ويدعى عاطف خطف بينما كان يقاتل من ضمن اللجان الشعبية. وقالت انها عندما عرفت السبت باخبار معلولا وكانت في دمشق، اتصلت بعاطف على رقم هاتفه المحمول، فاجابها احدهم قائلا "اهلا رشروش.... انا من الجيش الحر. سالته: اين عاطف؟ قال لي: ذبحناه". واشارت الى انها عرضت عليهم دفع فدية لاسترداده، لكن محدثها قال لها "نحن لا نمزح... ذبحناه، وقطعناه اربا. هذا شبيح ويحمل سلاحا"، مضيفا "طلبنا منه ان يتحول الى الاسلام، لم يرض". وقالت رشا انها اتصلت في وقت لاحق "بالجهات المعنية وعرفنا انه مخطوف مع غيره، وانهم لا يزالون على قيد الحياة". وعاطف هو احد ستة مقاتلين من اللجان الشعبية خطفوا في معلولا ولم يعرف مصيرهم بعد. وافاد مصدر امني سوري اليوم الاربعاء وكالة فرانس برس ان الاشتباكات مستمرة في معلولا وان الجيش يسعى الى استعادتها. واعلنت "جبهة تحرير القلمون" المؤلفة من الوية وكتائب عدة الثلاثاء استعدادها للانسحاب من معلولا وتحييد البلدة شرط عدم دخول الجيش النظامي اليها. وجبهة تحرير القلمون هي من ابرز المجموعات التي شاركت في معركة معلولا ضد القوات النظامية واللجان الشعبية الموالية له، وتمكنت من دخولها، مع جبهة النصرة الاسلامية المتطرفة ليلة السبت. وقال متحدث باسم الجبهة في شريط فيديو نشر على الانترنت "حقنا للدماء ولسلامة عودة اهالي معلولا، يعلن الجيش الحر تحييد مدينة معلولا عن الصراع بين الجيش الحر والنظامي وجعلها مدينة محايدة شرط عدم دخول الجيش النظامي وشبيحته الى هذه المدينة". واضاف "يلتزم الجيش الحر بالانسحاب من المدينة وتأمين عودة الاهالي الى بيوتهم سالمين"، موضحا ان معلولا هي "رمز التعايش السلمي"، و"نموذج للحمة الوطنية بين افراد الوطن الواحد". واتهم المتحدث النظام ب"استهداف الكنائس والاديرة وبيوت الاهالي بكافة انواع الاسلحة".