قررت الجزائر توجيه ضربة كبيرة في قضية فساد واسعة كشفت في الخارج ضد شركتها العامة للمحروقات سوناطراك، ووصلت الى درجة اصدار مذكرة توقيف دولية ضد احد وزرائها السابقين في سابقة في هذا البلد. ويلاحق القضاء شكيب خليل المدير العام السابق لسوناطراك الذي اصبح وزيرا للطاقة لعشر سنوات، وزوجته وابنيه. وهم متهمون خصوصا بغسل اموال واستغلال السلطة وتشكيل عصابات اجرامية، كما اعلن النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر بلقاسم زغماتي الاثنين لوسائل الاعلام الجزائرية. وتردد اسم فريد بجاوي كثيرا خلال الاسابيع الاخيرة في الصحافة الجزائرية والايطالية للاشتباه في كونه الوسيط في تقاضي رشاوى مقابل الحصول على عقود نفطية في الجزائر لصالح شركة سايبم الفرعية في مجموعة ايني العملاقة. وافادت الصحف الايطالية ان عمولات بقيمة 123 مليون دولار (92 مليون يورو) اودعت في حسابات في سنغافورة وهونغ كونغ باسم بجاوي الذي يبدو انه مقيم في دبي ولديه جواز سفر فرنسي. وبجاوي مدرج على لائحة مذكرات التوقيت الدولية الجزائرية وكذلك مطلوب من قبل نيابة ميلانو. وقد يتم تسليمه الى بلده بموجب القانون الدولي. ومن اصل 22 متهما هناك شركتان ايطاليتان احداهما سايبم التي تخضع للتحقيق في ايطاليا لدفعها في 2007 و2009 رشاوى من اجل الحصول على ثمانية عقود في الجزائر تقدر بثمانية مليارات يورو، وشركة اوراسكوم التي يملكها المصري نجيب ساويرس. ولم يذكر النائب العام اي تفاصيل عن ساويرس مكتفيا بالقول ان القضية مثل "اخطبوط له اذرع كثيرة". واوضح المصدر نفسه ان مذكرات التوقيف الدولية دخلت حيز التنفيذ قبل اسبوعين والتحقيق ما زال في بداياته. واثارت هذه القضية اهتمام كل الصحف الجزائرية التي نشرت صور الوزير الاسبق الذي كان الصحافيون يعتبرونه قبل ذلك محميا من النظام. لكن التعليقات بدت قليلة. وفي افتتاحية نادرة، اشادت صحيفة ليبيرتيه التي تصدر بالفرنسية برد فعل القضاء الجزائري. لكنها عبرت عن اسفها "للبطء في مجال الاتصال". وقالت "لو ان القضاء الايطالي المتابع لهذا الملف الكبير للفساد لم يتكلم لبقي التحقيق سريا هنا". وعلى كل حال اكد النائب العام الاثنين ان الجزائر لم تنتظر تحقيق القضاء الايطالي للتحرك. وقد شهدت سوناطراك التي تؤمن 95% من صادرات المحروقات الجزائرية سلسلة من فضائح الفساد منذ كانون الثاني/يناير 2010، بعد اقالة رئيسها ومديرها العام محمد مزيان الذي كان يتولى هذا المنصب منذ سبع سنوات. وادين مزيان بعد الاستئناف في كانون الاول/ديسمبر 2011 بالسجن سنتين واحدة نافذة بتهمة الاختلاس ثم ادين مسؤولون اخرون في الشركة الوطنية في هذه القضية التي اطلق عليها اسم "سوناطراك1". وفي العاشر من شباط/فبراير فتحت نيابة الجزائر ما سمي بقضية سوناطراك 2 والتحقيق في قضية فساد مرتبطة بعقود بين ايني وسوناطراك، ووعد الوزير الجديد يوسف يوسفي بابداء "الصرامة" بحق كل شخص متورط فيها. وكان وزير النفط الحالي يوسف يوسفي وعد بان يكون صارما حيال اي شخص متورط. واكد رئيس الدولة عبد العزيز بوتفليقة قبله ان الدولة "لن تتردد في محاسبة اي شخص يعتبره القانون مذنبا". ويحمل شكيب خليل جواز سفر اميركي ويقيم مع عائلته في الولاياتالمتحدة كما ذكرت الصحف التي رأت ان تسليمه الى الجزائر مستبعد لان الاميركيين لا يسلمون رعاياهم. وفي مطلع تموز/يوليو اعلن وزير العدل الجزائري محمد شرفي امام البرلمان ان التحقيق حول فضيحة سوناطراك كشف "شبكة فساد دولية حقيقية". واكد ان الشبكة كانت لها فروع في "كل القارات" وانها "تمص دم سوناطراك بفضل آليات مالية معقدة". وقال انه "يجري ضبط قلب هذه الشبكة بفضل تعاون قضاة البلاد في اطار القضاء الجزائري" مذكرا ان الجزائر ابلغت السلطات القضائية الفرنسية والسويسرية والايطالية بهذه القضية. وقد ظل شكيب خليل بعد ان كان مدير سوناطراك، وزير الطاقة والمناجم لمدة عشر سنوات قبل ان يقال من مهامه في ايار/مايو 2010 اثر شبهات فساد في طاقمه. وتعتبر سوناطراك من اكبر شركات المحروقات في العالم وتؤمن 98% من عائدات الجزائر من العملات الصعبة وفي 2011 حققت رقم اعمال من التصدير بنحو 72 مليار دولار. ولم تتردد الصحف الجزائرية في التذكير بقضية رفيق خليفة الذي كان يملك ثروة هائلة وافلس في 2003. وقد صدر عليه حكم بالسجن مدى الحياة لكنه ما زال في بريطانيا بفضل اجراءات قضائية معقدة.