حذر البابا فرنسيس الاربعاء في مزار اباريسيدا للعذراء مريم في البرازيل الشبان من التعلق ب"اصنام المال والسلطة" وذلك في عظة القاها خلال اول قداس كبير له في البرازيل. وتجمع نحو 200 الف شخص في طقس بارد امام المزار وتابعوا على شاشات ضخمة قداس البابا ثم عظته وكانوا هتفوا له طويلا بعيد وصوله "فرانسوا، فرنسوا، فرنسوا". وقال البابا في عظته "في ايامنا هذه نشعر جميعا ومع شباننا بانشداد الى الكثير من الاصنام التي تحل مكان الرب وتبدو وكأنها تعطي الامل مثل المال، والنجاح والسلطة واللذة". واضاف "ان شعورا بالوحدة والفراغ يجتاح احيانا كثيرة قلوب الكثيرين ويدفعهم الى البحث عن بدائل مثل هذه الاصنام الفانية". وبدا كلام البابا هذا وكأنه موجه بشكل غير مباشر الى الوعود بالمال والنجاح التي تقدمها الكنائس الانجيلية المعمدانية الجديدة التي تشهد تناميا كبيرا في اميركا اللاتينية حيث تنافس بقوة الكنيسة الكاثوليكية. كما دعا البابا الكاثوليك الى الرجاء والفرح. وقال "المسيحي لا يمكن ان يكون متشائما. ووجهه لا يمكن ان يكون وجه مكتئب". واضاف البابا "أمام الإحباط الذي يمكن أن نجده في حياة من يعمل في حمل البشارة أو من يجتهد في عيش الإيمان كأب أو أمّ فأنا أقول لهم: ليكن في قلبكم دائمًا هذا اليقين: الله يسير بقربكم ولا يترككم أبدًا! لا نَفقدَنَّ الرجاء أبدًا ولا نُطفئنَّ أبدًا شعلته في قلبنا" مضيفا " لنكن أنوار رجاء، ولنتحلى بنظرة إيجابيّة للواقع، لنشجّع السخاء الذي يتميّز به الشباب ولنرافقهم ليصبحوا بناة العالم". وانتظر عشرات الاف الاشخاص تحت المطر وفي اجواء باردة وضبايية وصول اول حبر اعظم من اميركا اللاتينية في التاريخ، في باحة اكبر مزار مريمي في العالم بين ريو دي جانيرو وساو باولو. ويستطيع 15 الفا فقط من المحظوظين الجلوس في الكاتدرائية، لكن عدد المشاركين في الخارج ناهز 200 الف. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال البرازيلي خوسيه انطونيو روشا (47 عاما) "نريد من ان البابا ان يقول لنا ان الرجاء بعالم افضل موجود". واضاف "نريد ايضا ان يجدد فرنسيس الكنيسة التي تحتاج الى تجديد". في هذه الاثناء، كان كهنة يحمسون بالاناشيد الجموع التي كانت تهتف "فرنسيس فرنسيس، فرنسيس". وعهد الى حوالى خمسة الاف شرطي وجندي تأمين الحماية للبابا في اباريسيدا حيث عطل الجيش الاحد في مراحيض عامة عبوة متفجرة ضعيفة. واقلق البابا المحيطين به لدى وصوله مساء الاثنين الى ريو عندما توقفت سيارته وسط الحشود. وسافر البابا بالطائرة من ريو الى ساو جوزيه دوس كامبوس التي انطلق منها على متن مروحية الى اباريسيدا البعيدة 70 كلم. وكان من المقرر ان يقوم بهذه الرحلة على متن مروحية. لكن سوء الاحوال الجوية عطل البرنامج الاصلي. وتواجه الكنيسة الكاثوليكية التي تعصف بها الفضائخ المالية وفضائح التحرش بالاطفال، تراجعا لاتباعها في اميركا اللاتينية امام ازدهار الكنائس الانجيلية. واباريسيدا، محطته الوحيدة خارج ريو خلال زيارته التي تستمر اسبوعا، مهمة في نظر البابا فرنسيس الذي يحتفظ من ايام طفولته بتمسكه الكبير جدا بالايمان الشعبي وبالتعبد للعذراء، على غرار المؤمنين في اميركا اللاتينة الذين يكرمون من غوادالوبي الى المكسيك الى اباريسيدا، العذراء مريم من خلال تظاهرات الصلاة العملاقة. وقد زار في 2007 كنيسة اباريسيدا للمشاركة في المؤتمر الاسقفي الخامس لاميركا اللاتينية والكاريبي، حيث تمكن من ان يصالح بين اسقفية انقسمت في الماضي بسبب الجدال الناجم عن لاهوت التحرر. واعد الوثيقة النهائية التي احتوت على مضمون اجتماعي وسياسي، وشددت على "الخيار من اجل الفقراء" في هذه المنطقة التي تشهد تباينات اجتماعية حادة والتي يعيش فيها 40% من الكاثوليك في العالم. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قال الاب روني دو ريس احد المتحدثين باسم مزار اباريسيدا ان "البابا يأتي الى اباريسيدا بسبب تعبده للعذراء مريم وللاحتفال بقداسه الاول امام الشعب البرازيلي ولمخاطبة المنطقة بأكملها"، بهدف "اعطاء الناس الكرامة". واخذ البابا الذي يبلغ السادسة والسبعين من عمره قسطا من الراحة الثلاثاء من رحلته المرهقة، ولم يحضر افتتاح سهرة الايام العالمية على شاطىء كوباكابانا الشهير على يد رئيس اساقفة ريو المونسنيور اوراني جواز تيمبيستا. ونظمت مساء الاثنين تظاهرة احتجاج على نفقات الايام العالمية للشبيبة التي تحولت مواجهات عنيفة مع قوات الامن واسفرت عن اعتقال بعض الاشخاص وسقوط جرحى، منهم مصور وكالة فرانس برس. وزار البابا مستشفى القديس فرنسيس الاسيزي الكاثوليكي في ريو الذي يعالج فيه المدمنون على المخدرات والكحول.