عمان (رويترز) - طالب فنانون من الشرق الأوسط ومن خارجه سوريا بإطلاق سراح الرسام والمصور يوسف عبدلكي الذي تحدى سيطرة الدولة منذ فترة طويلة بتصويره الفظائع التي ارتكبها نظام الحكم ورفض الفرار من الحرب الأهلية في بلاده. واعتقلت قوات الأمن السورية عبدلكي (62 عاما) واثنين من زملائه الأسبوع الماضي بعد أن وقع إعلانا يطالب برحيل الرئيس بشار الأسد لينضم لآلاف النشطاء السلميين الذين اعتقلوا منذ أن اندلعت انتفاضة قبل ما يقرب من عامين ونصف. وعبدلكي أحد الفنانين الأكثر شهرة بين أبناء جيله من الفنانين السوريين الذي اجتذب اهتماما أثناء نهضة أوسع للفن في الشرق الأوسط. وعزز الانتفاضات في أنحاء العالم العربي الاهتمام بموضوعات القهر والاضطراب الاجتماعي وهي موضوعات تطرق اليها في فنه على مدى عقود. وقال أدونيس وهو سوري ويعد واحدا من أبرز شعراء الحداثة في العالم العربي "لا يمكن إلا أن يستنكر (المرء) اعتقال يوسف عبدلكي ورفيقيه. لا يستنكر فقط لكن يجب أن يدان. هذه العقلية الموجودة مع الأسف في ثقافتنا العربية منذ زمن قديم والتي تعامل صاحب الرأي كأي مرتكب جريمة مادية. هذه العقلية شوهت وتشوه صورة الإنسان العربي." ومن بين 70 شخصية وقعت على البيان كان عبدلكي أحد اثنين فقط لم يخرجا إلى المنفى أو يختبئان في سوريا حيث سقط 100 ألف قتيل في الحرب الأهلية التي نجمت عن قمع الجيش للاحتجاجات ضد حكم الأسد. وخاض عبدلكي نفسه حملات على مدى عقود لإطلاق سراح سجناء سياسيين. ورفض خيار العيش بشكل دائم في الغرب قائلا إذا اشتعل حريق في بيتك فعليك أن تبقي فيه لإطفاء النيران. ومن أشهر أعمال عبدلكي مجموعة من الرسومات للحكام العرب في الفترة بين عامي 1989 و1995 التي تصورهم كقادة عسكريين كبار مختالين بأنفسهم ومحاطين بالقذارة. وأمضى عبدلكي عامين في السجن في عهد حافظ الأسد والد بشار وعاد إلى دمشق قبل ثمانية أعوام من المنفى في فرنسا ليعمل في الاستوديو الخاص به في باحة منزل قديم. وقالت زوجته هالة عبد الله إن عبدلكي اعتقل يوم الخميس الماضي قرب مدينة طرطوس الساحلية. واحتجز هو واثنان من أعضاء هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي وهي جماعة وسطية تشكلت بعد الانتفاضة وتدعو إلى الانتقال السياسي السلمي. وجاء احتجاز الثلاثة بعد اعتقال عضو آخر في الهيئة في سبتمبر أيلول الماضي هو عبد العزيز الخير الذي أمضى بالفعل 13 عاما في السجن كسجين سياسي. ولم يعرف شيء عن الخير وهو طبيب ينتمي للأقلية العلوية وهي طائفة الرئيس الأسد منذ اعتقاله. وقال عبدلكي أثناء الانتفاضة إن سجن النشطاء السلميين يؤكد ما قال إنه نبل الانتفاضة. وقالت عبد الله ردا على سؤال عن السبب في أن زوجها لم يحاول الهرب من البلاد مع اشتداد حملة الأسد على المعارضة "يوسف اتخذ قرارا بمقاومة أن يترك سوريا مرة أخرى." وقالت لرويترز "رفض أن يطلب الجنسية الفرنسية عندما كان في فرنسا. كان يقول دائما إذا رأى أحد حريقا في منزله سيسعى لإطفائه لا الهروب منه." وقال البيان الذي وقعه عبدلكي إنه يتعين على الأسد وكبار مساعديه أن يتركوا السلطة من أجل حل سياسي يحافظ على سوريا كلها. وأضاف البيان أن "نظام الاستبداد والفساد الذي يتحكم بمصير سوريا منذ أكثر من أربعين عاما يتحمل وحده مسؤولية الأوضاع المأساوية التي تعيشها البلاد وبأن خلاص سوريا من محنتها يقتضي إسقاطه بجميع رموزه." ومنذ اعتقال عبدلكي وقع أكثر من 700 كاتب وفنان وممثل وأكاديمي وصحفي من الشرق الأوسط وخارجه التماسا يطالب بالإفراج عنه. وقال البيان "كفى سجناً لروح الوطن و ضميره." وقال سروان باران وهو فنان عراقي بارز وقع الالتماس إن عبدلكي "شخصية أصيلة" وإنه لا يجب السماح للنظام السوري باعتقال هذه الرموز. وأثني أيمن بعلبكي وهو رسام لبناني ومن بين الأسماء البارزة بين الجيل الأصغر من الفنانين العرب على عبدلكي. وقال "أثر على جيلي وعلى الأجيال التي سبقتني ليس فقط من خلال الفن وإنما أيضا من خلال المثابرة في الدفاع عن الحرية والولاء لأفكاره." وسجن عبدلكي بين عامي 1978 و1980 وعاش في فرنسا 24 عاما قبل أن يعود إلى سوريا. ومنع من السفر في السنوات القليلة الماضية. وكرست لوحته "مرثية لجيل السبعينات" التي رسمها في عام 2005 لشخصيات وطنية سورية من اليسار وكتاب وفنانين نضجوا في ذلك العقد ثم سحقوا. ومن بين أعماله الأولى عن الانتفاضة لوحة "شهيد من درعا". ومن أعماله التي ترمز على ما يبدو للطابع السلمي للانتفاضة قبل ان يدفعها قمع الأسد إلى العمل المسلح لوحة عصفور وسكين وفراشة. (إعداد أشرف راضي للنشرة العربية - تحرير احمد حسن)