دافع رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الاحد امام اكثر من مئة الف من انصاره عن اخلاء اخر معقل للمتظاهرين الذين يطالبون باستقالته منذ اكثر من اسبوعين، على خلفية مواجهات متقطعة في اسطنبول. ودعت اثنتان من كبرى النقابات التركية الى اضراب عام الاثنين احتجاجا على القمع الوحشي للتجمعات في اسطنبولوانقرة والعديد من مدن البلاد طوال نهاية الاسبوع من جانب الشرطة. وقام اردوغان بعرض قوة جديد امام اكثر من مئة الف من انصار حزبه العدالة والتنمية، وقال على وقع هتافاتهم "قلت اننا وصلنا الى النهاية وان الامر بات لا يحتمل. امس (السبت)، تم تنفيذ العملية وتم تطهير (ساحة تقسيم وحديقة جيزي) (...) كان ذلك واجبي كرئيس للوزراء". واضاف "لن نتخلى عن هذه الساحة للارهابيين"، في اشارة الى اعلام وشعارات بعض الحركات السياسية المحظورة التي رفعت في تقسيم. وتابع اردوغان "لا يمكنكم تنظيم تجمع في اي مكان تشاؤون. تستطيعون القيام بذلك في المكان المسموح به"، مذكرا بان حديقة جيزي وساحة تقسيم ليستا "ملكا خاصا" للمتظاهرين. كذلك، هاجم في خطابه الذي استمر اكثر من ساعتين وسائل الاعلام الدولية التي تواطات مع "ارهابيين" والبرلمان الاوروبي الذي تجاوز "الحدود" و"الرعاع" الذين يدمرون تركيا. وتزامنا، تواصلت المواجهات بين قوات الامن ومجموعات من المتظاهرين حول ساحة تقسيم. واستخدم عناصر الشرطة مرارا الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لمنعهم من الاقتراب. وللمرة الاولى منذ اندلاع الازمة، حضر عناصر من الدرك لدعم الشرطة وخصوصا عبر اغلاق مدخل احد جسري مضيق البوسفور لمنع المتظاهرين الوافدين من الضفة الاسيوية من الانضمام الى رفاقهم في الجهة الاوروبية. وفي انقرة، فرقت الشرطة ايضا مرات عدة مئات الاشخاص الذين حاولوا التجمع في ساحة كيزيلاي. وفي كل مكان اكد المتظاهرون انهم لن يستسلموا، وقالت مي البي (39 عاما) التي طردت من حديقة جيزي "لن استسلم، نحن غاضبون ولم ينته شيء، لقد راى العالم اننا بوحدتنا نستطيع الوقوف في وجه طيب". وكان اردوغان وجه مساء السبت تحذيرا اخيرا الى المتظاهرين لاخلاء حديقة جيزي، ولم تمض دقائق حتى اخلت شرطة مكافحة الشغب الحديقة من الاف كانوا يحتلونها بعدما غطتهم سحابة من الغاز المسيل للدموع. وقالت تنسيقية "تضامن تقسيم" التي تمثل المتظاهرين ان "مئات" اصيبوا خلال العملية. وقدر حاكم اسطنبول حسين موتلو الاحد عدد هؤلاء ب44 شخصا. وفور انتشار خبر اخلاء الحديقة، نزل عشرات الاف الاشخاص الى الشوارع في اسطنبول لمحاولة "استعادة" ساحة تقسيم. وطوال الليل، تدخلت الشرطة باستخدام كميات كبيرة من قنابل الغاز وخراطيم المياه واطلاق الرصاصات المطاطية لتفريق الحشود في محاور عدة في المدينة. وكانت الشرطة تدخلت في حديقة جيزي في 31 ايار/مايو الفائت واستخدمت القوة لطرد مئات الناشطين البيئيين الذين كانوا يحتجون على اعلان ازالة الحديقة. وشكل هذا الحادث الشرارة التي اشعلت الحركة الاحتجاجية المناهضة للحكومة الاسلامية المحافظة التي تحكم تركيا منذ 2002. ومذذاك، لم يغادر المتظاهرون الشوارع في العديد من مدن البلاد مطالبين باستقالة اردوغان المتهم بالتسلط وبالسعي الى اسلمة المجتمع التركي، وخصوصا عبر اصداره قانونا يحد من بيع الكحول او عبر سماحه بارتداء الحجاب في الجامعات. وبحسب اخر حصيلة لنقابة الاطباء الاتراك، فقد قتل اربعة اشخاص واصيب حوالى 7 الاف اخرون منذ بدء الاحتجاجات. من جهتها، دعت المانيا التي تضم اكبر جالية تركيا في اوروبا، انقرة الى احترام "حرية التظاهر والتعبير"، فيما ابدى مجلس اوروبا قلقه حيال "تصاعد اضافي للعنف".