اتهم البيت الابيض الخميس، للمرة الاولى، النظام السوري باستخدام اسلحة كيميائية ضد معارضيه مما اسفر عن مقتل ما بين 100 الى 150 شخصا، مؤكدا ان هذا التطور يعني تجاوز "الخطوط الحمر" التي كان الرئيس باراك اوباما رسمها لدمشق. واوضحت الرئاسة الاميركية ان غاز السارين هو احد هذه الاسلحة الكيميائية التي استخدمها نظام الرئيس بشار الاسد "على نطاق محدود في العام الماضي" ضد معارضيه، مشيرة الى ان اوباما قرر تقديم دعم عسكري لمقاتلي المعارضة السورية، من دون تحديد طبيعة هذه المساعدة، وقرر ايضا زيادة مساعداته لها من المعدات غير القاتلة، ولكن من دون ان يتخذ حتى الساعة اي قرار بفرض منطقة حظر جوي فوق سوريا. قال مساعد مستشار الرئيس باراك اوباما للامن القومي بن رودس انه "بعد بحث معمق، تعتبر مجموعة (وكالات) الاستخبارات (الاميركية) ان نظام الاسد استخدم اسلحة كيميائية بينها غاز السارين على نطاق محدود ضد المعارضة ومرات عدة في العام المنصرم". واضاف رودس ان "وكالات استخباراتنا لديها ثقة كبيرة بهذا التقييم، بالنظر الى مصادر المعلومات المتعددة والمستقلة" في هذا الصدد. وبحسب البيان فان وكالات الاستخبارات "تعتبر ان ما بين 100 الى 150 شخصا قضوا جراء هجمات باسلحة كيميائية في سوريا تم رصدها حتى الان. وبناء عليه، فان المعلومات حول الضحايا هي غير كاملة بالتأكيد". وقال بن رودس ايضا "رغم ان عدد الضحايا في هذه الهجمات لا يمثل سوى نسبة صغيرة من الخسائر الكارثية في الارواح البشرية في سوريا والتي تتجاوز تسعين الف قتيل، فان اللجوء الى الاسلحة الكيميائية ينتهك القواعد الدولية ويتجاوز بوضوح خطوطا حمرا موجودة منذ عقود داخل المجتمع الدولي". واضاف ان "الرئيس قال بوضوح ان استخدام الاسلحة الكيميائية او نقل اسلحة كيميائية الى مجموعة ارهابية يشكل خطا احمر بالنسبة الى الولاياتالمتحدة"، مضيفا ان "الرئيس اكد ان اللجوء الى اسلحة كيميائية سيغير حساباته، وقد حصل ذلك". وتابع "نعتقد ان نظام الاسد لا يزال يسيطر على هذه الاسلحة. لا نملك معلومات قوية وموثقة مفادها ان المعارضة في سوريا حصلت على اسلحة كيميائية او استخدمتها". في المقابل، اكد رودس ان البيت الابيض لم يتخذ بعد قرارا بفرض منطقة حظر جوي فوق سوريا، لكنه اوضح ان الولاياتالمتحدة ستقدم "دعما عسكريا" لمقاتلي المعارضة السورية من دون ان يشير الى تسليم اسلحة، الامر الذي رفضت واشنطن القيام به حتى الان. ولاحقا، في مؤتمر صحافي عبر الهاتف، قال رودس للصحافيين ان واشنطن ابلغت موسكو بما لديها من معلومات عن استخدام النظام السوري للسلاح الكيميائي، ولكن روسيا لا تزال على موقفها الرافض لتنحي الاسد. ولم يوضح المسؤول الاميركي ما اذا كانت الادارة ستختار الذهاب باتجاه تسليح المعارضة السورية مباشرة، ولكنه قال ان الرئيس اوباما "سيتشاور في هذه الامور مع الكونغرس في خلال الاسابيع المقبلة". واضاف ان "الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي لديهما عدد من الردود القضائية والمالية والدبلوماسية والعسكرية الاخرى المتاحة". وتابع "نحن مستعدون لكل الاحتمالات وسوف نتخذ قراراتنا وفقا للجدول الزمني الخاص بنا". واكد ان الخطوات التي ستقدم عليها الادارة الاميركية للتعامل مع هذا التطور سيتم درسها "بعناية بالغة"، معترفا في الوقت نفسه بان استخدام النظام السوري للاسلحة الكيميائية والدعم العسكري المتزايد الذي يحصل عليه من كل من ايران وحزب الله "أضافا الصفة الملحة" على هذه العملية. وبحسب رودس فان "الرئيس اتخذ قرارا بشأن تقديم مزيد من الدعم للمعارضة. هذا سيشمل توفير دعم مباشر للمجلس العسكري الاعلى. هذا سيشمل دعما عسكريا"، من دون توضيح طبيعة هذا الدعم العسكري. ورحب السناتوران الجمهوريان النافذان جون ماكين وليندسي غراهام في بيان مشترك بالخطوة التي اقدمت عليها ادارة اوباما، لكنهما طالباها بأخذ "خطوات حاسمة اكثر" لانهاء دوامة العنف الدموي في سوريا. وكان ماكين اعلن في الكونغرس في وقت سابق ان مقاتلي المعارضة السورية سيتلقون قريبا اسلحة اميركية، مستندا الى "العديد من المصادر الموثوق بها"، لكنه سرعان ما تراجع عن هذه التصريحات. وقال ماكين للصحافيين "لقد ابلغت من مصادر موثوق بها بأن الرئيس... قرر، وصل الى خلاصة بانهم (النظام السوري) استخدموا السلاح الكيميائي وبانهم (الادارة الاميركية) سيسلمون اسلحة" الى مقاتلي المعارضة السورية. واضاف "بما انه (اوباما) لم يعلن عن هذا الامر فربما تراجع عنه. ولكن قيل لي ان هذا ما حصل". وطالب مجددا بفرض منطقة حظر جوي في سوريا وتزويد معارضي الاسد باسلحة ثقيلة مضادة للطائرات والدروع. وقال ماكين "انتهى وقت اخذ اجراءات ضعيفة. حان الوقت للتحرك بشكل حاسم. نحن بحاجة الى اسلحة ثقيلة قادرة على ضرب الدبابات، ونحن بحاجة الى صواريخ ارض-جو". واضاف "الامر الوحيد القادر على تغيير المعادلة في ارض المعركة هو تدمير القدرات الجوية (للنظام السوري) واقامة منطقة آمنة" من خلال فرض حظر جوي فيها. من ناحيته قال متحدث باسم رئيس مجلس النواب الجمهوري جون باينر ان "الوقت حان لوقف حمام الدم الذي يرتكبه نظام الاسد في سوريا". واضاف المتحدث "في الوقت الذي يدرس فيه الرئيس اوباما خياراته، نأمل في ان يستشير الكونغرس قبل اي تحرك".