اعربت منظمة العمل الدولية، الوكالة التابعة للامم المتحدة والمكلفة تشجيع حقوق العمل، في تقرير نشر الثلاثاء عن قلقها حيال وضع نحو 600 الف عامل مهاجر في الشرق الاوسط بسبب وقوعهم ضحايا الاتجار والاعتداء والعمل الاجباري والاستغلال الجنسي. وتعرض المنظمة تقريرها المعنون "عالقون في الفخ: الاتجار بالبشر في الشرق الأوسط" على أكثر من 100 مشارك من 12 دولة عربية خلال المؤتمر الاقليمي الذي يعقد في عمان اليوم الثلاثاء ويستمر ليومين كيف يقع في فخ العمل الجبري حوالى 600 الف عامل مهاجر في الشرق الاوسط ولمحة عن المصاعب التي يعاني منها العمال القادمون من بعض اكثر دول العالم فقرا والحواجز التي تعيق حماية حقوقهم. وقالت مديرة برنامج العمل الخاص لمكافحة العمل الجبري التابع لمنظمة العمل الدولية، بياته أندريس، في مقدمة التقرير ان "هجرة اليد العاملة في هذه المنطقة من العالم ظاهرة فريدة من نوعها من حيث حجمها الهائل ونموها المتسارع خلال السنوات الاخيرة". واضافت ان "التحدي القائم حاليا يكمن في الطريقة الواجب اعتمادها في بلدان المنشأ وبلدان المقصد على حد سواء من أجل منع الاستغلال والاعتداء على هؤلاء العمال". وتستند الدراسة الى اكثر من 650 مقابلة اجريت على مر السنين في الاردن ولبنان والكويت والامارات، وهي تسلط الضوء على "وضع العمال الراشدين الذين يقعون ضحايا الاتجار في الشرق الأوسط وعلى الاساليب المستعملة لخداعهم وايقاعهم في فخ العمل الجبري والاستغلال الجنسي، اضافة للعوائق التي تمنعهم من مغادرة العمل". كما تنظر الدراسة في "آليات التصدي إلى الاتجار بالبشر التي تم وضعها مؤخرا من جانب بعض الحكومات ومنظمات أصحاب العمل والعمال وغيرها من الجهات المعنية". وتقدم الدراسة الى صناع السياسات في المنطقة توصيات لمساعدتهم على "التصدي لهذه الظاهرة في شكل ناجع". وبحسب التقرير، "تستضيف بلدان الشرق الاوسط ملايين العمال المهاجرين الذين تفوق أعدادهم أحيانا عدد العمال الوطنيين في شكل ملحوظ، ففي قطر مثلا يمثل العمال المهاجرون 94 في المائة من العمال، في حين تسجل المملكة العربية السعودية نسبةً تفوق ال50 بالمائة، في حين يمثل العمال المهاجرون في الاردن ولبنان، قسما كبيرا من القوة العاملة لا سيما في قطاعي البناء والعمل المنزلي". ويشير التقرير الى ان نظام الكفالة الذي ينظم حياة معظم العمال المهاجرين في المشرق وفي بلدان مجلس التعاون الخليجي، يشكل "اشكالية بحد ذاتها لانه يكرس دينامية قوى غير متساوية ما بين صاحب العمل والعامل". ويبين التقرير العجز في نطاق تغطية قانون العمل الذي "يعزز نقاط الضعف الأساسية التي يعاني منها العمال المهاجرون" الى جانب الثغرات الهائلة في التشريعات الوطنية التي "تحد من قدرة العمال المهاجرين على تنظيم وإنهاء عقود عملهم أو على تغيير أصحاب العمل". وفي هذا السياق، تشير الدراسة الى غياب إجراءات التفتيش الذي يبقي على "عزلة العمال المنزليين في المنازل الخاصة" ويزيد من إمكانية تعرضهم للاستغلال. كما تشدد الدراسة على المخاطر "الحقيقية" الكامنة في اعتقال وترحيل العمال الذين انخرطوا بالاكراه في العمل في مجال الجنس في قطاع الترفيه". اما في القطاعات التي يهيمن عليها الذكور مثل البناء والصناعة والملاحة البحرية والزراعة، فيرى التقرير انه "غالبا ما يتم خداع العمال بشأن شروط وظروف العمل والمعيشة وحيال نوع العمل المطلوب أداءه أو حتى حيال توفر هذا العمل في الأصل". في المقابل، لاحظ التقرير بان "الحكومات والشركاء الاجتماعيون وفعاليات المجتمع المدني قد كثفوا الجهود من أجل مكافحة العمل الجبري والاتجار بالبشر خلال الاعوام الاخيرة، لا سيما على مستوى التشريع والسياسات وتقديم الخدمات". لكن التقرير اكد ان "مواطن الضعف لا تزال قائمة على مستوى تطبيق القوانين ومحاكمة وادانة مرتكبي الاتجار بالبشر، مشيرا الى انه "لا يزال غياب الحق في حرية تشكيل الجمعيات في عدد كبير من البلدان العربية العائق الأساسي أمام تعزيز قدرة العمّال على إيصال مطالبهم". من جهته، قال نائب مديرة المكتب الاقليمي للدول العربية، فرانك هايغمان انه "ليس من الممكن التصدي للاتجار بالبشر سوى من خلال معالجة الثغرات المنهجية في إدارة هجرة اليد العاملة في المنطقة". ويقترح التقرير العمل على "تمكين وزارات العمل كبديل قابل للتطبيق لنظام الكفالة حيث تزداد قدرة وزارات العمل على الاشراف على عمليات الاستقدام والتعامل مع شكاوى المهاجرين وأصحاب العمل والتأكد من صحة ادعاءات سوء المعاملة ومن ثم الاستجابة إليها حسب الاقتضاء". كما يسلط التقرير الضوء على الحاجة إلى "توسيع نطاق التغطية القانونية والحقوق المتساوية ليطال جميع فئات العمال ومراجعة عقود الاستخدام النموذجية والقضاء على التمييز في الاجور وتحسين نظم التوظيف وتدعيم الاطار التشريعي وتعزيز تفتيش العمل". ومنظمة العمل الدولية هيئة ثلاثية الاطراف تابعة للامم المتحدة ومؤلفة من ممثلين عن اصحاب العمل والدول والعمال من 183 دولة عضوا.