بدأت في عمان اليوم "الثلاثاء" أعمال مؤتمر العمل الاقليمي لمكافحة الاتجار بالبشر بمشاركة عربية ودولية وذلك لمناقشة الدراسة التي اعدتها منظمة العمل الدولية للمعاناة التي تواجه العمالة المهاجرة والترابط بين الهجرة العمالية والاتجار بالبشر. ويناقش المؤتمر على مدى يومين بمشاركة 12 دولة عربية آلية تطبيق الالتزامات بمكافحة الاتجار بالبشر في منطقة الشرق الأوسط التي تسجل أعلى نسب من العمالة المهاجرة في العالم. وبينت الدراسة التي أعدتها منظمة العمل الدولية تحت عنوان "عالقون في الفخ "وتناقش في جلسات المؤتمر الكثير من الحواجز التي تعيق حماية حقوق العمال في منطقة الشرق الأوسط.
وتم تنفيذ الدراسة في كل من الأردن ولبنان والكويت والإمارات حيث تم خلالها اجراء 650 مقابلة لتسليط الضوء على وضع العمال الذين يقعون ضحايا الاتجار. وأوضحت الدراسة أن أكثر الانتهاكات التي يقع فيها العمال هي العمل الجبري والاستغلال الجنسي والعوائق التي تمنعهم من حرية مغادرة العمل. كما تنظر الدراسة في آليات التصدي إلى الاتجار بالبشر التي تم وضعها مؤخراً من جانب بعض الحكومات ومنظمات اصحاب العمل والعمال وغيرها من الجهات المعنية ذات الاختصاص.
وتشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى أن نحو 600 ألف عامل مهاجر في الشرق الأوسط يتعرضون للاستغلال والعمل الجبري. وتوضح الدراسة أن نظام الكفالة الذي ينظم حياة معظم العمال المهاجرين في المشرق وفي بلدان مجلس التعاون الخليجي- يشكّل إشكالية بحدّ ذاته لأنّه يكرّس دينامية قوى غير متساوية ما بين صاحب العمل والعامل. وتبين الدراسة العجز في نطاق تغطية قانون العمل الذي يعزز نقاط الضعف الأساسية التي يُعاني منها العمال المهاجرون إلى جانب الثغرات الهائلة في التشريعات الوطنية التي تحدّ من قدرة العمال المهاجرين على تنظيم وإنهاء عقود عملهم أو على تغيير أصحاب العمل.
وتشير الدراسة التي أعدتها منظمة العمل الدولية إلى غياب إجراءات التفتيش الذي يُبقي على عزلة العمّال المنزليين في المنازل الخاصة ويزيد من إمكانية تعرّضهم للاستغلال، كما تشدد الدراسة على المخاطر الحقيقية الكامنة في اعتقال وترحيل العمّال الذين انخرطوا بالإكراه في العمل في مجال الجنس في قطاع الترفيه، أمّا في القطاعات التي يهيمن عليها الذكور مثل البناء والصناعة والملاحة البحرية والزراعة، فغالباً ما يتمّ خداع العمّال بشأن شروط وظروف العمل والمعيشة ونوع العمل المطلوب أداءه أو توفر هذا العمل في الأصل.
وتوضح الدراسة أن الحكومات والشركاء الإجتماعيين وفعاليات المجتمع المدني قد كثّفوا الجهود من أجل مكافحة العمل الجبري والإتجار بالبشر خلال الأعوام الأخيرة، لا سيّما على مستوى التشريع والسياسات وتقديم الخدمات. وتشير الدراسة إلى أن مواطن الضعف لا تزال قائمة على مستوى تطبيق القوانين ومحاكمة وإدانة مرتكبي الإتجار بالبشر ولا يزال غياب الحقّ في حرية تشكيل الجمعيات في عدد كبير من البلدان العربية العائق الأساسي أمام تعزيز قدرة العمّال على إيصال مطالبهم. وتعتبر الدراسة أن إصلاح نظام الكفالة من شأنه أن يحسّن في شكل ملحوظ إدارة هجرة اليد العاملة ، وتقترح تمكين وزارات العمل كبديل قابل للتطبيق لنظام الكفالة حيث تزداد قدرة وزارات العمل على الإشراف على عمليات الاستقدام والتعامل مع شكاوى المهاجرين وأصحاب العمل والتأكّد من صحّة ادعاءات سوء المعاملة ومن ثمّ الاستجابة إليها حسب الحاجة.
وتسلط الدراسة الضوء على الحاجة إلى توسيع نطاق التغطية القانونية والحقوق المتساوية ليطال جميع فئات العمال ومراجعة عقود الاستخدام النموذجية والقضاء على التمييز في الأجور وتحسين نظم التوظيف وتدعيم الإطار التشريعي وتعزيز تفتيش العمل على أن تضطلع السلطات الحكومية بدور مهمّ في ضمان تحقيق العدالة لضحايا الإتجار وحصولهم على التعويضات، كما تلعب النقابات العمالية دوراً مهماً في مناصرة حقوق العمّال، أمّا دور منظمات أصحاب العمل، فيكمن في المساعدة على ضمان خلوّ ممارسات التوظيف من ظاهرة العمل سداداً للدين ورسوم التوظيف الباهظة وغيرها من أشكال الخداع والإكراه.
وترى مديرة برنامج العمل الخاص لمكافحة العمل الجبري التابع لمنظمة العمل الدولية بياته اندريس أن هجرة اليد العاملة في منطقة الشرق الاوسط هي ظاهرة فريدة من نوعها من حيث الحجم والنمو المتسارع في ازديادها.