استعاد الجيش البورمي السبت السيطرة على مدينة ميكتيلا بوسط بورما التي فرضت فيها حالة الطوارىء بعد ثلاثة ايام من اعمال العنف بين البوذيين والمسلمين مما اسفر عن سقوط 20 قتيلا على الاقل. وقد ارسلت نحو خمسين شاحنة عسكرية الى هذه المدينة الصغيرة الواقعة على بعد 130 كلم من العاصمة نايبيداو والتي بدأت تستعيد انفاسها وتنظف شوارعها من الركام بعد ان سيطر عليها رجال مسلحون بالعصي والسكاكين. واحترقت احياء باكملها وعدد من المساجد في المدينة وامتلات الشوارع بالجثث المتفحمة. وحتى مساء الجمعة كان الوضع خارجا عن سيطرة قوات الامن كما يبدو. وقال احد المسلمين الذين لجأوا الى ساحة للرياضة لوكالة فرانس برس "ان غالبيتنا تريد العودة الى منازلنا ان تمكن الجيش من اعادة الامن"، مضيفا "ان وجود الجنود في المدينة امر جيد لان بامكانهم ان يحملوا لنا الاستقرار". وهذه الاحداث تشير الى توترات متنامية بين البوذيين والمسلمين وتطرح تحديا كبيرا امام النظام الاصلاحي القائم منذ ان حل الفريق العسكري الذي كان حاكما نفسه قبل سنتين. وقال كياو كياو وهو مسؤول ديني في السابعة والعشرين امضى طفولته في هذه المدينة لوكالة فرانس برس ان بعض الرهبان البوذيين والمقيمين ساعدوه على الهرب. واكد "لم نتمكن من حمل اي شيء عندما تركنا منازلنا. اضطررنا للهرب من اجل النجاة"، واقر في الوقت نفسه انه لا يدرك اسباب اندلاع هذه الهجمات الحاقدة. وقال "اننا بشر ايضا.. لقد عشنا مع البوذيين طيلة سنوات. انني مصدوم". وما زال مناخ من التوتر سائدا السبت لكن لم تسجل اي اعمال عنف خلال الليل. وصرح مسؤول حكومي "ليس لدينا حتى الان حصيلة نهائية وما زلنا نجمع الارقام". واشار ضابط شرطة الى سقوط 20 قتيلا على الاقل فيما ابقت الصحافة الرسمية على حصيلة 11 ضحية. وهدد كهنة بوذيون وشبان مسلحون بعصي وسكاكين الجمعة مجموعة من الصحافيين واجبروهم على تسليمهم شرائح الذاكرة لآلات تصوير كانت بحوزتهم. وغادر معظمهم المدينة. واعتبر رئيس الدولة الجنرال السابق ثاين سين الذي قام بحركة اصلاحات انعشت الامال في البلاد منذ سنتين، ان مساعدة العسكريين اصبح ضروريا لارساء الامن. وشكلت لجنة تحقيق من اجل معرفة اسباب اندلاع موجة العنف المفاجئة في مدينة معروفة بهدوئها. وقد تبين العام الماضي ان فرض حالة الطوارىء التي تعطي العسكريين صلاحيات واسعة امر ضروري في ولاية راخين (غرب) حيث اسفرت المواجهات بين البوذيين من اتنية راخين والمسلمين من اقلية الروهينجيا التي لا تعترف بها الدولة، عن سقوط اكثر من 180 قتيلا ونزوح 115 الف شخص. وتسلط اعمال العنف هذه وكذلك احداث ميكتيلا الاضواء على عنصرية مترسخة في المجتمع الذي تعتبر شريحة كبيرة منه البوذية جزءا لا يتجزأ من الثقافة الوطنية. ويمثل المسلمون رسميا 4% من التعداد السكاني المقدر ب60 مليون بورمي، لكن لم يجر اي احصاء في البلاد منذ ثلاثين عاما. وكثيرون منهم من اصول هندية وصينية او بنغلادشية.