تلملم دمشق جراحها اليوم الجمعة غداة مقتل اكثر من ثمانين شخصا في سلسلة تفجيرات تعتبر الاكثر دموية في العاصمة منذ بدء النزاع في سوريا قبل 23 شهرا. وجاءت التفجيرات امس وابرزها ذاك الذي وقع بالقرب من مقر حزب البعث في وسط العاصمة، في يوم دام حصدت فيه اعمال العنف في كل انحاء البلاد حوالى 290 قتيلا، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، وهي حصيلة يومية بين الاكبر في النزاع. وفيما العنف على وتيرته التصعيدية في سوريا، يستمر الانقسام الدولي في مجلس الامن الذي لم يتمكن امس من التوصل الى اتفاق على اعلان حول تفجيرات دمشق. وانفجرت اربع سيارات مفخخة الخميس في دمشق، احداها فجرها انتحاري قرب مقر حزب البعث في حي المزرعة واسفرت عن مقتل 61 شخصا، بينهم 17 عنصرا من قوات النظام. وبين الضحايا اطفال كانوا في المدارس. كما وقعت ثلاثة تفجيرات اخرى متزامنة تقريبا في منطقة برزة في شمال دمشق استهدفت مقار امنية وقتل فيها 22 شخصا، بينهم 19 عنصرا من قوات النظام، بحسب المرصد السوري الذي يقول انه يعتمد، للحصول على معلوماته، على شبكة واسعة من المندوبين والمصادر الطبية في كل انحاء سوريا. واقفرت شوارع دمشق من السيارات والمارة الجمعة، بحسب ما ذكرت صحافية في وكالة فرانس برس. وبث التلفزيون السوري وقائع "صلاة الغائب على ارواح شهداء التفجيرات الارهابية التي ضربت دمشق والدعاء للجرحى بالشفاء العاجل" عقب صلاة الظهر من الجامع الاموي في دمشق. وشدد الائمة وخطباء المساجد خلال الصلاة في جميع مساجد سوريا على ان "الاسلام بريء من هذه الاعمال الاجرامية التدميرية"، بحسب ما ذكر الاعلام الرسمي السوري. وشهدت دمشق خلال الاشهر الماضية عمليات تفجير عدة استهدفت مباني حكومية وامنية خصوصا. وقد تبنت جبهة النصرة الاسلامية المتطرفة عددا كبيرا منها. وتسبب انفجار حي المزرعة امس بتحطيم نوافذ السفارة الروسية في دمشق الموجودة في المنطقة، بحسب ما ذكرت وكالات الانباء الروسية. واتهمت وزارة الخارجية السورية "مجموعات ارهابية مسلحة مرتبطة بالقاعدة" بتنفيذ عملية التفجير بالقرب من مقر حزب البعث في العاصمة السورية واسفر عن 60 قتيلا، مشيرة الى ان هذه المجموعات "تتلقى دعما ماليا ولوجستيا وتغطية سياسية واعلامية من دول في المنطقة وخارجها". ودان الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية من جهته "التفجيرات الارهابية التي أدت الى مقتل عدد من المدنيين"، "ايا كان مرتكبها وبغض النظر عن مبرراتها". في نيويورك، دان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون التفجيرات في دمشق. وجدد "قناعته الراسخة بان حلا سياسيا هو المخرج الوحيد" للازمة السورية. ولم ينجح اعضاء مجلس الامن الدولي ال15 في الاتفاق على نص بيان حول الاعتداءات التي شهدتها العاصمة السورية بسبب خلاف حول تحديد المسؤوليات عن اعمال العنف المترتبة على كل من النظام والمعارضة في نص الاعلان، بحسب ما قال دبلوماسي في المنظمة الدولية. واتهمت موسكو الدبلوماسيين الاميركيين بعرقلة صدور ادانة عن المجلس. وقالت البعثة الروسية في بيان ان الولاياتالمتحدة "تشجع" الاعتداءات عبر عرقلة بيانات مجلس الامن حول سوريا. في القاهرة، تواصل الهيئة السياسية للائتلاف المعارض اجتماعها الشهري لليوم الثاني وتبحث في مسائل عدة ابرزها مبادرة الحوار مع النظام التي كان تقدم بها رئيس الائتلاف احمد معاذ الخطيب. واصدرت الهيئة بيانا في ختام اجتماعات اليوم الاول اكدت فيه ان "الهيئة العامة للائتلاف هي الجهة الوحيدة المخولة طرح اي مبادرة سياسية باسم الائتلاف". وقال البيان ان "محددات الحل السياسي الذي يحقق اهداف الثورة ويضمن حقن الدماء والاستقرار والحفاظ على مؤسسات الدولة" لا بد ان يستند الى سلسلة نقاط ابرزها "تنحية بشار الاسد والقيادة الامنية العسكرية المسؤولة عن القرارات التي اوصلت حال البلاد الى ما هي عليه واعتبارهم خارج اطار هذه العملية السياسية وليسوا جزءا من أي حل سياسي". الا انه اشار الى ان "الحل السياسي ومستقبل بلادنا المنشود يعني جميع السوريين بمن فيهم الشرفاء في اجهزة الدولة والبعثيون وسائر القوى السياسية والمدنية والاجتماعية ممن لم يتورطوا في جرائم ضد أبناء الشعب السوري". واعتبر الائتلاف ان اي مبادرة حل "يجب ان يكون لها اطار زمني محدد وهدف واضح معلن"، وان تحصل على "ضمانات دولية من مجلس الامن وخصوصا روسياوالولاياتالمتحدة" و"رعاية دولية (...) لجعل هذه العملية ممكنة عبر قرار ملزم صادر عن مجلس الأمن الدولي". وكما كل يوم جمعة، دعا الناشطون المعارضون للنظام الى التظاهر اليوم تحت شعار "الرقة الابية على طريق الحرية"، في اشارة الى التقدم الذي احرزه مقاتلو المعارضة اخيرا في محافظة الرقة في شمال البلاد.