دمشق (رويترز) - إذا تعرضت للخطف في سوريا فربما لا تعرف ما إذا كان الدافع هو رأيك السياسي أم رصيدك المصرفي. ومع تصاعد الانتفاضة التي تحولت إلى صراع مسلح مُستعر منذ نحو عامين تفشت عمليات الخطف على يد معارضين مسلحين وميليشيات موالية للحكومة خاصة ضد طبقة رجال الأعمال الأثرياء في دمشق. ويزيد انتشار هذه الظاهرة من الضغوط على اقتصاد منهك بالفعل ومن الممكن أن يتسبب في قتل أو فقد عوائل أسر أو إجبارهم على البقاء في بيوتهم وهو ما يحرم تلك الأسر من الدخل بسبب المخاوف الأمنية. ونجا رجل بحياته عندما تعرض للخطف في ديسمبر كانون الاول ودفعت أسرته فدية لإطلاق سراحه. ويقول الرجل الذي يبلغ من العمر 35 عاما وهو أب لطفلين وقد وضعت كتفه في جبيرة وتورمت شفتاه من الضرب إنه يخشى العودة إلى العمل في المصنع الذي تديره عائلته على أطراف العاصمة. وأضاف الرجل الذي طلب عدم الكشف عن اسمه خوفا على سلامته "كان الخاطفون بانتظاري عند البوابة. كانوا يراقبونني أنا وأخي منذ فترة. لا يمكن أن نعود أبدا." وقال وهو يجلس إلى جوار زوجته الحامل إن الخاطفين على الارجح مقاتلون معارضون للرئيس بشار الاسد حيث يقع مصنعه في منطقة عقربة التي تسيطر عليها المعارضة. وأضاف "إنها منطقة خاضعة للثوار ولا أحد يفعل شيئا دون موافقة الثوار. الحق يقال .. كما أن للنظام شبيحته .. للثوار أيضا شبيحتهم في هذه الأيام." ويقول الرجل إنه متعاطف مع المعارضة المسلحة لكن عائلته متباينة الانتماءات وإن شقيقه مؤيد قوي للحكومة. ويعتقد الرجل أن شقيقه كان الهدف الذي يسعى وراءه الخاطفون. وقال "عندما دفعوني إلى سيارتهم وقد عصبوا عيني وربطوا يدي كان أول سؤال وجهوه لي هو : أين أخوك؟ هو من ينبغي أن يتعلم درسا." وهجر الشقيقان وأبوهما مصنعهم في عقربة منذ الحادث الذي وقع في ديسمبر كانون الأول وأغلقوه تماما. وقال وهو يرفض لوزة حاولت زوجته إعطاءها له ويشير إلى فكه الذي بدا عليه أثر الضرب "نحن جميعا جالسون في البيت لا نفعل شيئا." ووقعت أعمال خطف ومحاولات خطف عديدة خلال الأسابيع الماضية. وتلقى معالج طبيعي مكالمة من أشخاص تظاهروا بأنهم زبائن. ويقول المعالج الطبيعي المعروف بتأييده الشديد للأسد بعد أن طلب عدم الكشف عن اسمه "قالوا إن المسألة عاجلة. كانوا يريدونني على الفور لعلاج رجل مسن يتألم وقالوا إن أحد زبائني دلهم علي." وقال "التقيت بالصدفة مع هذا الزبون وقال إنه لا يعرف شيئا عن الأمر." وتبين فيما بعد أن المتصلين خطفوا رجلا اعتقدوا أن له صلة بالمعالج وطالبوا بالفعل بفدية لإطلاق سراحه. وعندما لم يذهب المعالج اتصل به الخاطفون وقالوا "سوف نلاحق أمثالك وكل كلب آخر من كلاب النظام." ويقول المعالج إنه خفض ساعات عمله بشكل كبير ولم يعد يقبل زبائن جددا. وفي بعض الأحيان تنتهي عملية الخطف بالقتل ويحاول خاطفون على الجانبين إلقاء اللوم على بعضهم بعضا. وعلى سبيل المثال قضية وكيل عقارات يعلق صور الأسد في مكتبه في حي كانت تسيطر عليه المعارضة في دمشق واستعادت القوات الحكومية السيطرة عليه. وخطف ابنه البالغ من العمر 18 عاما وسرقت السيارة التي كان يقودها. وعاد الشاب إلى أبيه جثة هامدة ويبدو أنه تعرض للخنق. وألصقت به ورقة كتب عليها "هذه نهاية كل مخبر للنظام." لكن الشاب خطف في منطقة في دمشق بها وجود كثيف للحكومة ولا يعرف أن المعارضة المسلحة تنشط هناك. وقال قريب للشاب القتيل إن سيارته ظهرت في منطقة عسكرية قريبة تسكنها عائلات ضباط بالجيش. وقال القريب الذي يدعم المعارضة "رأيت السيارة بنفسي ويقول كثيرون لنا إنهم رأوها هناك أيضا. إذا فمن المسؤول عن الجريمة؟ يبدو أنهم تركوا هذه الرسالة عليه ليبدو الأمر كما لو أن الثوار هم من فعلوها." وتغلق متاجر ومصانع أبوابها في ظل انعدام للقانون وأعمال نهب وخطف منتشرة في دمشق. ولتفادي غياب القانون والاشتباكات في المناطق الصناعية النائية نقلت بعض المصانع مقراتها إلى مواقع أهدأ مثل مصنع غراوي للشوكولاتة الحائز على جوائز عالمية. وقال أحد الموظفين في غراوي بعد أن طلب عدم الكشف عن اسمه "نقلنا معملنا بالكامل إلى وسط المدينة." (إعداد ابراهيم الجارحي للنشرة العربية - تحرير مصطفى صالح)