تظاهر مئات من عناصر الامن الخميس امام مقر الحكومة بالعاصمة تونس مطالبين بان ينص الدستور الجديد على "حياد" المؤسسة الامنية، في حين هدد وزير الداخلية ب"تطبيق القانون" ضد نقابات امن قال انها "انحرفت" بالعمل النقابي، في توتر غير مسبوق بين الجانبين. ونظمت التظاهرة "النقابة الوطنية لقوات الامن الداخلي" و"الاتحاد الوطني لنقابات قوات الامن التونسي" وهما ابرز نقابتين لقوات الامن في تونس. واكد متابعون للشان الامني في تونس ان تظاهرة اليوم هي الاكبر منذ ان رخصت السلطات سنة 2011 لتاسيس نقابات لقوات الامن الداخلي (الشرطة، والحرس الوطني، والحماية المدنية، والامن الرئاسي، وأعوان السجون والاصلاح). وتونس هي البلد العربي الوحيد الذي فيه نقابات لقوات الامن. ومؤخرا، توترت العلاقة بين "النقابة الوطنية لقوات الامن الداخلي" و"الاتحاد الوطني لنقابات قوات الامن التونسي" ووزارة الداخلية التي يتولاها علي العريض القيادي في حركة النهضة الاسلامية الحاكمة. وحملت تظاهرة الخميس شعار "الامن جمهوري، لا نهضة لا دستوري" في اشارة الى مطالبة النقابتين ب"تحييد المؤسسة الامنية" عن الاحزاب السياسية سواء في الحكم أو المعارضة. وردد المتظاهرون الذين حملوا شارات حمراء، هتافات من قبيل "بالروح بالدم نفديك يا نقابة" في اشارة الى نقابتي الامن اللتين اتهمتا وزارة الداخلية بالتضييق عليهما. كما رددوا شعارات معادية لرشيد عمار قائد اركان الجيوش بعد ان اعتلى مصورون، يرجح انهم تابعون لوزارة الدفاع، مبنى الوزارة المتاخم لساحة القصبة وشرعوا في تصوير المتظاهرين الذين نددوا بعودة ممارسات "البوليس السياسي". ورفع المتظاهرون لافتات كتبوا عليها "امن جمهوري محايد، بعيد عن التجاذبات السياسية، في خدمة الوطن والمواطن" و"لا لتسييس العمل الامني" و"الانتقال الديموقراطي اساسه امن محايد". كما رفعوا لافتات طالبوا فيها بتحسين ظروف عملهم مثل "حالتنا متعبة أصل (جدا)" و"لا للعبودية، لا للعمل 12 ساعة في اليوم" و"نطالب بتجريم الاعتداءات على اعوان الامن ومقراتهم وعائلاتهم وممتلكاتهم" و"نطالب بتوحيد الاجور مع العسكريين (الجيش)" الذين يتقاضون رواتب اعلى من قوات الامن الداخلي. وقال شرطي لفرانس برس ان "(حركة) النهضة تريد توظيف المؤسسة الامنية، نحن نرفض ولادة ديكتاتورية جديدة، كما ندعو الى تطهير وزارة الداخلية من أزلام (نظام الرئيس المخلوع زين العابدين) بن علي". واضاف "تم ايقاف او عزل عديد الامنيين او نقلهم نقلا تعسفيا (إلى أماكن عمل بعيدة من عائلاتهم) على خلفية نشاطهم النقابي، وعلى وزير الداخلية التوقف فورا عن اعتماد هذه السياسة". وتابع "وكيل (ضابط صف) في جيش البر يتقاضى 900 دينار شهريا (450 يورو) أي ما يعادل الراتب الشهري لملازم في الشرطة، نريد توحيد الأجور مع العسكريين". وقالت شرطية "نعمل 12 ساعة في اليوم، ليس لنا وقت لرعاية ابنائنا أو الاهتمام بعائلاتنا، نريد قانونا يحدد ساعات العمل بست ساعات فقط". من جهته هدد وزير الداخلية علي العريض الخميس ب"تطبيق القانون" ضد نقابات امن قال انها "انحرفت" بالعمل النقابي "لاستعماله خدمة لاجندات اشخاص او احزاب او اطراف خارجية او مكاسب ومصالح شخصية". وقال العريض في شريط فيديو مسجل نشرته وزارة الداخلية على صفحتها الرسمية على فيسبوك "اليوم خرجت مجموعة وبدات توتر الوضع وتضرب مصداقية الامن وتمس بسمعة الامن وناموسه". واضاف ان "بعض النقابات" التي لم يسمها "لها حسابات حزبية وسياسية" وقد "اقامت علاقات مع احزاب سياسية (...) واطراف اجنبية" من دون ان يكشف هويتها. واتهم العريض هذه النقابات ب"خدمة اجندات ليس لها اي صلة بالامن". ونبه الى ان "عناصر" نقابية امنية "تتكلف اشياء ليست من مشمولاتها، وتسيس القضايا وتريد التدخل في الشان السياسي". واوضح ان هذه العناصر "تريد ان تشير على رئيس الحكومة (حمادي الجبالي) من يعين وزيرا للداخلية"، منددا بهذا "السلوك غير المسؤول" الذي "لن نسمح بان يستمر ولن نرضخ له". وانتقد بشدة "الغرور الكبير" لدى بعض النقابيين الامنيين قائلا ان منهم من يعتمد "اساليب التهديد والتحريض والتشويه" عند التعامل مع وزارة الداخلية. كما انتقد تعمد "عناصر نقابية (أمنية) معروفة بمتاجرتها السياسية" مخاطبة وزارة الداخلية "من خلال بلاغات اعلامية وبيانات وتلفزيونات واحزاب سياسية". وذكر بان جهاز الامن قائم على "التحفظ بمعنى ألا يتحدث في كل شيء في الشوارع وألا يتخاطب من خلال الاعلام وغيره وانما داخل (إطار) مغلق". ولاحظ ان باب الوزارة مفتوح امام هؤلاء النقابيين ان ابتعدوا عن "الاجندات السياسية والحزبية (...) والارتباطات والتصرفات والعلاقات المشبوهة داخل الوطن (..) وخارج الوطن". وفي 19 كانون الثاني/يناير حذرت نقابتا الامن الرئيسيتان في بيان مشترك وزارة الداخلية "من المواقف الصارمة التي ستلتجئان اليها في الايام القادمة بعد تعطل سير المفاوضات معها". واتهمت النقابتان الداخلية ب"التهرب من ضبط وتوقيع جملة الاتفاقات المبدئية مع نقابات الامن" وب"الانفراد بمشاريع اصلاحية احادية الجانب"، ولفتتا الى ان "اي مشروع اصلاحي لم يشارك فيه الطرف النقابي (...) مرفوض وغير ملزم". والسبت الماضي نادى آلاف من عناصر الامن خلال مشاركتهم في اجتماع نظمته النقابتان ب"رحيل" وزير الداخلية. وفي 28 كانون الثاني/يناير اعلنت النقابتان انهما ستمهلان وزارة الداخلية سبعة ايام "للرد على مطالبهما المشروعة" ولوحتا ب"ممارسة اشكال احتجاجية غير مسبوقة" إن لم تستجب الوزارة لهذه المطالب. واكدتا "رفضهما النهائي" التفاوض مع أسامة بوثلجة المكلف بمهمة في ديوان وزير الداخلية، والمحسوب على حركة النهضة. ويناهز عدد عناصر الامن في تونس 65 الفا بحسب احصاءات رسمية اعلنت في وقت سابق.