رفض الرئيس السوري فلاديمير بوتين الجمعة "الفوضى" في سوريا التي تعد موسكو ابرز حلفاء نظامها، وذلك في ختام قمة في بروكسل مع حلف شمال الاطلسي الذي اعلن رصده مجددا اطلاق صواريخ "سكود" في سوريا. في غضون ذلك، دارت اشتباكات قصيرة الامد لكن عنيفة بعد ظهر اليوم في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوبدمشق، تزامنا مع عودة الآلاف من اللاجئين الذين غادره جراء الغارات الجوية واعمال العنف في الايام الاخيرة. وقال الرئيس الروسي في العاصمة البلجيكية ان "سوريا ليست بعيدة عن حدودنا ولا نريد ان تعمها الفوضى، كما نلاحظ في بعض بلدان المنطقة". اضاف "المهم بالنسبة الينا، هو النظام في سوريا"، وروسيا "مهتمة" باقامة نظام ديموقراطي وهي "ليست المدافعة عن السلطات السورية". واعتبر انه "من اجل التوصل الى اتفاقات على المدى البعيد، يجب الاتفاق اولا على مستقبل سوريا، وعلى مصلحة جميع مواطنيها وجميع اقلياتها الاتنية والطائفية"، وعلى الجميع "الجلوس حول طاولة المفاوضات". ورفض الائتلاف السوري المعارض اليوم مبادرة لحل الازمة السورية طرحتها طهران، الحليف البارز لنظام الرئيس بشار الاسد، معتبرا انها محاولة "يائسة لالقاء طوق النجاة لسفينة النظام السوري الغارقة لا محالة". وكانت ايران قدمت الاحد تفاصيل "خطة للخروج" من الازمة تقع في ست نقاط اهمها "وقف اعمال العنف" واجراء "حوار وطني"، وهو ما ترفضه المعارضة قبل تنحي الاسد. في بروكسل ايضا، قال الامين العام للحلف الاطلسي اندرس فوغ راسموسن "يمكنني ان اؤكد اننا رصدنا اطلاق صواريخ من نوع سكود ونأسف لهذا العمل"، معتبرا الخطوة من اعمال "نظام يائس يقترب من الانهيار"، ما يؤكد "ضرورة تأمين حماية فعالة لتركيا". وسينشر الحلف قريبا بطاريات "باتريوت" المضادة للصواريخ في تركيا بناء لطلبها. وفي حين افاد مصدر قريب من الحلف ان الصواريخ رصدت الخميس، قال ناشطون في شمال سوريا لفرانس برس ان صاروخي ارض-ارض سقطا في المنطقة امس. وقال ناشط في ريف حلب (شمال سوريا) قدم نفسه باسم "ابو هشام" عبر سكايب انه افاق "الساعة 6,30 صباح الخميس (4,30 فجرا ت غ) على صوت انفجار (...) وبعد نحو خمس دقائق، سمعنا صوتا قويا جدا ولمعت الدنيا (السماء)". واوضح ان الانفجارين يعودان لسقوط صاروخي ارض-ارض سقطا في محيط بلدتي مارع وتل رفعت المجاورة لها في ريف حلب. وكانت واشنطن اعلنت في 13 كانون الاول/ديسمبر الجاري ان النظام السوري استخدم هذا النوع من الصواريخ للمرة الاولى. وقال ضابط سوري منشق خدم في كتيبة صواريخ في ريف دمشق لفرانس برس ان النظام استخدم فعلا صواريخ روسية الصنع او روسية معدلة. ونفت دمشق الامر بشدة، معتبرة انه "شائعات" هدفها "التأثير على صورة سوريا". في موازاة ذلك، شهد جنوب العاصمة السورية اشتباكات عنيفة "في ساحة الريجة وقرب مدرسة اليرموك في مخيم اليرموك بين مقاتلين يعتقد انهم من اللجان الشعبية الموالية للنظام السوري ومقاتلين من عدة كتائب مقاتلة بينهم فلسطينيون"، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان الذي اوضح انها اندلعت قرابة الساعة 17,00 (13,00 ت غ)، واستمرت زهاء 90 دقيقة. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس ان الاشتباكات وقعت على الاطراف الشمالية للمخيم بين "مقاتلين معارضين تجمعوا في هذه الساحة ولم يخرجوا من المخيم" بعد الاتفاق الذي تم التوصل اليه اثر اعمال العنف في الايام الماضية، وفلسطينيين موالين للنظام السوري. من جهته، نفى انور رجا، المتحدث باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة في دمشق، في اتصال مع فرانس برس، اي علاقة للجبهة بالاشتباكات لانه "ليس لدينا عناصر في هذه المنطقة"، مشيرا الى ان ما جرى هو هجوم "مجموعة ارهابية مسلحة" على حاجز للقوات النظامية خارج اليرموك. وبدأ آلاف اللاجئين الفلسطينيين منذ الامس بالعودة الى المخيم الذي غادره نحو 100 الف شخص جراء الغارات الجوية التي تعرض لها الاحد والثلاثاء، والاشتباكات بين معارضين للنظام السوري وموالين له. واعلن برنامج الاغذية العالمي التابع للامم المتحدة انه سيقدم نحو 12 كلغ من الاغذية كل اسبوع لكل عائلة ما يكلف 1,5 مليون دولار لشراء 580 طنا من الغذاء تسمح بتقديم المساعدات الغذائية ل125 الف شخص خلال ثلاثة اشهر. وقال سكان عائدون الجمعة لوكالة فرانس برس انهم لم يلاحظوا اي وجود مسلح، اكان للمقاتلين المعارضين الذين تقدموا داخل المخيم منذ الاحد، ام لمقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة الموالية للنظام. وذكرت صحيفة "السفير" اللبنانية الجمعة ان مسؤولين فلسطينيين في سوريا توصلوا الى اتفاق لتحييد المخيم عن النزاع بمشاركة مختار لماني، ممثل الموفد الدولي الاخضر الابراهيمي، بدأ تطبيقه الخميس ويقضي بانسحاب كل المسلحين. ميدانيا، دارت اشتباكات اليوم بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين في الاحياء الجنوبية من دمشق، بحسب المرصد الذي اشار الى سقوط قذائف قذائف على حي القابون في شمال شرق العاصمة. واعلن التلفزيون السوري الرسمي مساء ان مناطق في دمشق تشهد انقطاعا في الكهرباء الجمعة ناتجا من قيام "مجموعة من الارهابيين" بتخريب برج توتر عال، مشيرا الى ان "ورشات الصيانة تعمل على إعادة الكهرباء خلال 48 ساعة". وفي ريف دمشق حيث تحاول القوات النظامية السيطرة على معاقل للمقاتلين المعارضين، دارت اشتباكات في مدينة حرستا ومحيط مبنى ادارة المركبات بين عربين وحرستا، اضافة الى مدينة داريا (جنوب غرب). في حلب (شمال) التي تشهد معارك يومية منذ اكثر من خمسة اشهر، هاجم مقاتلون معارضون ليل الخميس الجمعة مربضا للمدفعية يجاور مقر المخابرات الجوية في حي الزهراء في غرب المدينة، بحسب مصدر عسكري سوري. وقال سكان في المنطقة لفرانس برس ان الاشتباكات كانت "عنيفة واستخدمت فيها كل انواع الاسلحة الثقيلة". وافادت نهى وهي ام لثلاثة اولاد ان الهجوم "كان الأعنف من نوعه، وامضينا أكثر من ثلاث ساعات في رواق المنزل خوفا من اطلاق النار الغزير وأصوات الانفجارات"، ما ولد "جوا من الرعب الحقيقي". وادت اعمال العنف الجمعة الى مقتل 82 شخصا، بحسب المرصد الذي يتخذ من لندن مقرا له ويقول انه يعتمد على شبكة من الناشطين والمصادر الطبية في مختلف انحاء سوريا. واحصى المرصد سقوط اكثر من 44 الف شخص في النزاع المستمر منذ 21 شهرا. وشهد اليوم تظاهرات اسبوعية في عدد من المناطق السورية، حملت هذا الاسبوع شعار "النصر انكتب ع بوابك يا حلب".