تتواصل الازمة السياسية الناتجة عن الاعلان الدستوري الذي اصدره الرئيس المصري محمد مرسي بتوسيع صلاحياته وتحصين قراراته لليوم الثالث اذ تجتمع الجمعيات العمومية للقضاة الغاضبين لاتخاذ قرارات بوقف العمل في المحاكم بينما تواصلت الاشتباكات على الارض بانتظار مليونية القوى السياسية الثلاثاء. وادت الازمة الى اكبر خسارة للبورصة منذ ثورة يناير 2011 ما اضطرها الى وقف التعامل. وواصل قضاة مصر التعبير عن غضبهم من الاعلان الدستوري الذي اصدره مرسي والذي اعتبره المجلس الاعلى للقضاء "اعتداء" على استقلال هذه الهيئة. وتباينت استجابة القضاة اليوم لدعوة نادي القضاة السبت لوقف العمل، فبينما علقت محاكم الاسكندريةودمنهور عملها تنفيذا لقرارات النادي واصلت محاكم اخرى في انحاء مختلفة من البلاد العمل بصورة طبيعية. وقال احد القضاة لوكالة فرانس برس "ذهبت لمقر عملي بانتظار قرار من الجمعية العمومية لمحكمتي بتعليق العمل". وتعقد الجمعيات العمومية للمحاكم اجتماعتها تباعا الاحد والاثنين. واكد بيان مجلس رؤساء محاكم الاستئناف على مستوى البلاد أن "الإعلان الدستوري الصادر من الرئيس مرسي يعد تدخلا في أعمال السلطة القضائية وإختصاصاتها وإهدارا لحصانة القضاء وعصفا باستقلاله". وقال البيان "إن هذا الإعلان الدستوري يأتي على نحو غير مسبوق وبالمخالفة لكافة المواثيق والأعراف الدستورية التي أختير على أساسها مرسي رئيسا شرعيا منتخبا لمصر". وعقد المجلس الاعلى للقضاء اجتماعا عاجلا لمناقشة امر وقف العمل والرد على الاعلان الدستوري للرئيس مرسي، بحسب مصادر قضائية. من جهة اخرى قال التلفزيون المصري الرسمي ان مرسي عقد اجتماعا ثانيا مع مستشاريه ومساعديه لبحث تطورات المشهد السياسي في اعقاب الاعلان الدستوري الذي اصدره الرئيس. لكن الدكتور ياسر علي المتحدث الرسمي باسم رئاسة للجمهورية اوضح ان الاجتماع يأتي في إطار اجتماعات الرئيس الدورية بأعضاء الهيئة. وعلى الصعيد السياسي، اكد بيان لمجموعة من الاحزاب والحركات المدنية على مطالب المعارضة الثلاث وهي "إسقاط الإعلان غير الدستوري والديكتاتوري الذي أصدره الرئيس مرسي" و"إسقاط اللجنة التأسيسية لوضع الدستور" و"إقالة وزير الداخلية وإعادة هيكلة الداخلية". واتهم البيان الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة ب"التعنت وتجاهل مطالب القوي السياسية والوطنية واستمرار استخدام العنف والقوة المفرطة من قبل وزارة الداخلية ضد المعتصمين السلميين بميدان التحرير وإلقاء القبض عليهم". واوضحت القوى السياسية انها ستعقد فعاليات ثورية في ميدان التحرير خلال اليومين المقبلين وقبل يوم الثلاثاء الذي دعت فيه لمليونية في التحرير. من جانبها دعت جماعة الاخوان المسلمين الى مليونية الثلاثاء ايضا في ميدان عابدين الذي لا يبعد كثيرا عن التحرير ما اثار المخاوف من حدوث اشتباكات بين الجانبين ودفع العديد من الشخصيات والاعلاميين الى مطالبتها بتغيير مكان مليونيتها. ويبدو ان الجماعة استجابت اخيرا لهذه الدعوات حيث اصدرت منذ قليل بيانا بنقل تظاهرتها الى الساحة المواجهة لجامعة القاهرة. كذلك دعت الجماعة انصارها الى التظاهر مساء اليوم في عواصم المحافظات المختلفة لتاييد قرارات الرئيس، حسبما دعا بيان للجماعة السبت. وكانت مدينة دمنهور عاصمة محافظة البحيرة، شمال، شهدت مساء امس اشتباكات عنيفة بين انصار الجماعة ومعارضي الرئيس مرسي بعد محاولة لاقتحام مقرها في ميدان الساعة بالمدينة. وقد تاثرت البورصة المصرية بشدة بالتطورات السياسية اذا انخفض مؤشرها الرئيسي (ايجي اكس30) الاحد بنسبة بلغت 9.59% بالمئة ليصل الى 4917 نقطة، ما اضطرها الى وقف التعامل لمدة نصف الساعة حسب موقع البورصة. ويعد هذا التراجع في سوق المال الاكبر منذ الانخفاض الحاد الذي شهدته البورصة اثناء الانتفاضة الشعبية التي اطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك في شباط/فبراير2011. فقد خسرت حينها 30% من قيمتها. وعلى الارض لم يكن الوضع اقل هدوءا، اذ تواصلت الاشتباكات لليوم السابع على التوالي في محيط ميدان التحرير الذي يشهد اعتصاما لانصار القوى السياسية المعتصمين احتجاجا على اصدار الرئيس المصري لاعلان دستوري وسع من سلطاته. وقالت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية ان الاشتباكات امتدت لمحيط السفارة الاميركية والشوارع المحيطة والتي شهدت عمليات كر وفر واسعة بين المتظاهرين وقوات الامن. وقال موظفون بمجمع المصالح في ميدان التحرير انه جرى ابلاغهم صباحا من مديريهم بتعطل العمل الاحد بسبب الاشتباكات الدائرة في محيط ميدان التحرير، وقالت موظفة بالمجمع لوكالة فرانس برس، طلبت عدم الكشف عن هويتها، "اخبروني بعدم الذهاب للعمل. كما تم اخلاء المجمع من زملائي الذين ذهبوا". وقررت السلطات اقامة جدار اسمنتي جديد في شارع القصر العيني للفصل بين المتظاهرين وبين الامن، بحسب شهود عيان تحدثوا لوكالة فرانس برس من موقع الحدث. ففي الساعات الاولى من الصباح، بدات قوات الامن في بناء هذا الحائط الخرساني تحت غطاء من الغاز المسيل للدموع لابعاد المتظاهرين عن موقع البناء. ونقل التلفزيون الرسمي عن وزارة الداخلية طلبها من "الرموز الوطنية والحقوقية والاعلامية التدخل لاحتواء ازمة محمد محمود والقصر العيني". وقد اصبح شارع القصر العيني الذي تقع به المؤسسات الحيوية مركزا للاشتباكات حيث تراشق المتظاهرون والامن بالحجارة لفترات طويلة من الليل، وقلت حدة الاشتباكات في شارع محمد محمود المتفرع من ميدان التحرير. واشتدت حدة المواجهات في الساعات الاولى من صباح الاحد باطلاق قوات الامن للغاز المسيل للدموع بشكل مكثف وهو ما صاحبه حملة اعتقالات. وهتف المتظاهرون "الشعب يريد اسقاط النظام" و"اعلان دستوري باطل". وردد المئات ومعظمهم من الشبان صغار السن هتافات مناوئة للداخلية والرئيس المصري. وقال احمد عاطف (18 عاما) لوكالة فرانس برس "الهجوم اشتد علينا عقب صلاة الفجر (...) اثنان من اصدقائي اعتقلا بينهما فتاة". من جهته، اكد مصطفى ابراهيم ان "الشرطة تستخدم الليل للتنكيل بنا.. هذا شيء اعتدنا عليه". وسقط عشرات المصابين جراء الغاز. واكتظ المستشفى الميداني الذي اقامه المتظاهرون على مدخل شارع جانبي من التحرير بالمصابين. وتواصل اعتصام معارضي مرسي لليوم الثاني. وشهدت ليلة الامس محاولة من "بلطجية" باشعال النيران في الخيام. كما حطم متظاهرون غاضبون منصة موحدة اقامتها احزاب الدستور والتيار الشعبي والمؤتمر بسبب اتهامهم لحزب المؤتمر بانهم من "فلول" النظام السابق.