قال متعاملون إن القلق يسيطر على المستثمرين في البورصة المصرية بعد الخسائر القوية التي تكبدوها هذا الأسبوع عقب حكم قضائي ببطلان عقد استغلال منجم ذهب أثار القلق بشأن العقود المبرمة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك ومع انحسار الآمال في التوصل سريعا إلى اتفاق قرض مع صندوق النقد الدولي. وبعد بداية مشجعة للاسبوع لم تدم فرحة المستثمرين طويلا بالمكاسب التي حققتها البورصة يوم الاثنين عندما صعدت أكثر من اثنين بالمئة إذ فوجئوا صباح الثلاثاء بحكم قضائي ببطلان عقد شركة سنتامين المسجلة في بورصة لندن لاستغلال منجم السكري للذهب في جنوب مصر. وجاء الحكم في وقت تسعى فيه الحكومة لاستعادة الثقة في الاقتصاد مما فاقم قلق المستثمرين وخاصة الأجانب ودفعهم لمبيعات قوية بالسوق. وتفاقمت مخاوف المستثمرين بعد تصريحات رسمية مساء الأربعاء حول عدم التصالح مع رموز النظام السابق واسترداد أراض وفروق أسعار بعشرات المليارات من الجنيهات دون أية تفاصيل. وتساءل عيسى فتحي العضو المنتدب لشركة سوليدير لتداول الاوراق المالية "كيف تتوقع ان تتدفق الاستثمارات في بلد بهذا الحال لا يوجد به دستور وهناك صراع سياسي فيه بجانب الغموض الاقتصادي وأخذ المستثمرين الأجانب للمحاكم لفسخ عقودهم التي أبرمت في عهد النظام السابق." وتنظر محاكم مصرية دعاوى تطعن على صحة عدة عقود أبرمت في عهد مبارك الذي أطاحت به انتفاضة شعبية العام الماضي. وتزدحم المحاكم بقضايا لشركات مثل حديد عز وطلعت مصطفى وبالم هيلز والمنتجعات السياحية والعربية للاقطان والنيل للاقطان وغيرهم من الشركات المقيدة بالسوق. وتكهن فتحي بتراجع السوق خلال الاسبوع المقبل ولكن بوتيرة أقل حدة من هذا الاسبوع. واستأنفت الحكومة المصرية يوم الأربعاء مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 4.8 مليار دولار لدعم مواردها المالية المستنزفة منذ انتفاضة العام الماضي. وقال عمر عسكر من كايرو كابيتال سيكيوريتيز "المسألة كلها تتعلق بقرض صندوق النقد ومناجم الذهب. كل هذه الأنباء تؤثر سلبيا على السوق." واضاف "فريق الصندوق في مصر ولكن هناك أنباء عن أن لديهم بعض المخاوف بشأن السياسات الاقتصادية والتضخم وخفض قيمة العملة وهيكل وخدمة الديون." ويرى كريم عبد العزيز الرئيس التنفيذي لصناديق الاسهم بشركة الأهلى لإدارة صناديق الاستثمار ان السوق سيواصل النزول خلال الاسبوع المقبل بفعل "التصريحات العشوائية للحكومة." وكان عبد العزيز يشير إلى تصريحات محمد محسوب وزير الدولة للشؤون القانونية والبرلمانية الذي قال يوم الأربعاء في مؤتمر صحفي أن أركان النظام السابق في مصر لن يتم التصالح معهم ولن يترك لهم مليما واحدا لأنها من حق الشعب موضحا أن الدولة ألزمت البعض برد عدة عشرات المليارات من الجنيهات من حق الدولة من خلال فروق أسعار بعض الاراضي. ولم يوضح محسوب أماكن الاراضي أو الشركات التي تم الاسترداد منها مما أثار خوف المتعاملين في البورصة من أن تكون أسهم تلك الشركات ضمن محافظهم الاستثمارية. وهبط المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية 3.8 بالمئة خلال الاسبوع الجاري. ويرى إيهاب سعيد رئيس قسم البحوث في شركة أصول للوساطة في الاوراق المالية ان المؤشر الرئيسي للسوق سيهبط خلال معاملات الاسبوع المقبل كاسرا مستهدفا مستوى 5350-5500 نقطة على أن نرتد لأعلى من هذه النقاط. وقال إبراهيم النمر رئيس قسم التحليل الفني بشركة نعيم للوساطة في الاوراق المالية "الأسهم القيادية كسرت نقاط دعم قوية لها اليوم. سنستهدف مستوى 5350-5400 خلال تعاملات الاسبوع المقبل." وخسرت الأسهم المصرية 9.3 مليارات جنيه(1.52 مليار دولار) خلال الاسبوع الجاري. وتوقع محسن عادل العضو المنتدب لشركة بايونيرز لإدارة صناديق الاستثمار "ان يسير السوق في اتجاه عرضي مائل للارتفاع خلال الاسبوع المقبل في حالة ظهور أخبار إيجابية عن صفقة البنك الأهلي سوسيتيه أو تقسيم أوراسكوم للانشاء." ويجري سوسيتيه جنرال الفرنسي محادثات مازالت في مراحلها المبكرة مع قطر الوطني الساعي لتعزيز حضوره الإقليمي عبر عمليات استحواذ وذلك لبيع حصة البنك الفرنسي البالغة 77.2 بالمئة في البنك الأهلي سوسيتيه جنرال الذي تبلغ قيمته السوقية حوالي 2.3 مليار دولار مع سعي البنك لدعم رأسماله عن طريق التخارج من استثمارات. ووافق مساهمو أوراسكوم للانشاء في مايو ايار الماضي على فصل نشاط الأسمدة عن المقاولات وتقسيم الشركة لشركتين وإجراء توزيع نقدي مستقبلي بحد أقصى ثلاثة مليارات جنيه لكن التقسيم لم يتم بالسوق حتى الآن. وقال نادر ابراهيم من آرشر للاستشارات "مناخ الاستثمار مقلق جدا في مصر الآن. نحن في دولة لا يوجد لها دستور حتى الآن فضلا عن الأخبار السلبية عن عقود الاستثمار بين المستثمرين الأجانب والمصريين والحكومة." وشهدت صياغة الدستور الذي تم الكشف عن المسودة المبدئية له في أكتوبر تشرين الاول الماضي جدلا بين الإسلاميين والليبراليين بشأن دور الإسلام في حكم أكبر الدول العربية من حيث عدد السكان. وامتد الجدل إلى حقوق المرأة والأقليات الدينية وحرية التعبير. ومن شأن استفتاء الشعب على الدستور وإقراره أن يساهم في تعزيز استقرار الأوضاع السياسية في مصر. (الدولار= 6.10 جنيه مصري) من إيهاب فاروق (تغطية صحفية إيهاب فاروق - تحرير نادية الجويلي)