تصاعدت وتيرة العنف في شمال غرب سوريا الخميس وقتل 44 شخصا بينهم عدد من الاطفال في غارة للطيران الحربي السوري، فيما اعلن مقاتلون معارضون شن "هجوم حاسم" على معسكر استراتيجي في محيط مدينة معرة النعمان. في هذا الوقت، اعلن الموفد الدولي الاخضر الابراهيمي من عمان ان وقف اطلاق النار الذي دعا اليه لمناسبة عيد الاضحى يمكن البناء عليه من اجل "هدنة حقيقية"، وذلك عشية وصوله الى دمشق السبت. وقتل 44 شخصا بينهم عدد من الاطفال، جراء غارة شنها الطيران الحربي السوري الخميس على مدينة معرة النعمان الاستراتيجية في شمال غرب سوريا، بحسب ما ابلغ مسعفون صحافيا في وكالة فرانس برس. وقال احد هؤلاء المسعفين "انتشلنا ما مجموعه 44 جثة من تحت الانقاض، بينها جثث لعدد من الاطفال"، اثر الغارة على هذه المدينة الخاضعة لسيطرة المقاتلين المعارضين والواقعة في محافظة إدلب. واشار المسعف الى ان القذائف التي القتها الطائرات الحربية دمرت في شكل كامل او جزئي مبنيين ومسجدا تواجد فيه عدد كبير من النساء والاطفال. من جهته، افاد طبيب يعمل في مستشفى ميداني اقيم في إحدى مدارس المدينة ان الغارة ادت الى مقتل 20 شخصا على الاقل، في حين اعتبر 30 آخرون في عداد المفقودين. وقال لوكالة فرانس برس "وصلت عشرون جثة، بينها عدد من الاطفال، وما زال نحو 30 شخصا مفقودين". واشار احد السكان مفضلا عدم كشف اسمه ان عددا من الضحايا كانوا قد عادوا لتوهم من بلدة كفرنبل غرب معرة النعمان. واضاف "كانوا يعتقدون ان الخطر قد ولى". وكانت اجواء المدينة ومحيطها شهدت تحليقا للطيران الحربي السوري طوال ما قبل ظهر اليوم، وألقت الطائرات نحو عشر قذائف على المدينة واطرافها الشرقية، حيث يحاصر المقاتلون المعارضون معسكر وادي الضيف الاكبر في المنطقة والذي ما زالت القوات النظامية تسيطر عليه. وشهدت معرة النعمان غارات جوية في الايام الماضية، لا سيما بعد سيطرة المقاتلين المعارضين عليها في 9 تشرين الاول/اكتوبر الجاري، واستحواذهم على جزء من الطريق السريعة بين دمشق وحلب (شمال) بالقرب منها، ما مكنهم من اعاقة امدادات القوات النظامية. في موازاة ذلك، بدأ مقاتلون معارضون الخميس "هجوما حاسما" على معسكر وادي الضيف الاستراتيجي في محيط مدينة معرة النعمان، بحسب ما افاد قائد للمقاتلين. وقال رائد منديل، وهو احد قائدين للمقاتلين المعارضين في المنطقة، لصحافي في وكالة فرانس برس "بدأنا اليوم الهجوم الحاسم على المعسكر، وسنسيطر عليه"، وذلك على بعد 500 متر من المعسكر الاكبر في المنطقة، والذي يضم دبابات وخزانات وقود كبيرة. وقام المقاتلون بالتحضير لشن الهجوم من خلال قصف المعسكر بالقذائف طوال فترة قبل الظهر، وبدأوا بعد الظهر بالمرحلة الثانية من الهجوم مستخدمين اسلحة خفيفة وثقيلة، بحسب ما لاحظ صحافي فرانس برس الموجود هناك. واكد المقاتلون انهم دمروا ثلاث دبابات في المعسكر، فيما اكد قائد آخر لهم ان ستة جنود نظاميين استسلموا، قائلا انهم "كانوا جائعين ومنهكين". وبحسب المقاتلين الذين يفرضون حصارا على المعسكر وحاولوا اقتحامه في الايام الاخيرة، يتواجد في وادي الضيف نحو 250 جنديا نظاميا وكمية كبيرة من العتاد العسكري والذخائر. ويقع المعسكر على مسافة كيلومترين من الطريق السريع بين دمشق وحلب (شمال)، والتي استحوذ المقاتلون المعارضون على جزء منها بالقرب من معرة النعمان التي سيطر المقاتلون المعارضون عليها في 9 تشرين الاول/اكتوبر الماضي، ما مكنهم من اعاقة امدادات القوات النظامية. وفي دمشق، فجر انتحاري يقود دراجة نارية نفسه الخميس على مقربة من مبنى وزارة الداخلية السورية واجهزة امنية في احد احياء العاصمة السورية، بحسب ما افاد مصدر امني وكالة فرانس برس. وقال المصدر "فجر رجل يقود دراجة نارية مفخخة نفسه على بعد 300 متر من مبنى وزارة الداخلية السورية في حي كفرسوسة في غرب العاصمة" والذي يضم ايضا فروعا لاجهزة امنية سورية، بحسب المصدر نفسه الذي اكد ان التفجير لم يؤد الى سقوط ضحايا. من جهته، افاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان اعمال العنف الخميس حصدت 141 قتيلا في مناطق سورية مختلفة هم 53 مدنيا و57 جنديا نظاميا و21 مقاتلا معارضا. وكان المرصد اعلن ان اعمال العنف في سوريا اسفرت عن 34 الف قتيل على الاقل معظمهم مدنيون منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية المناهضة للنظام في اذار/مارس 2011. وقال المرصد الذي مقره في بريطانيا ان نحو الف شخص قتلوا في الايام الخمسة الاخيرة، ما يدل على تصاعد وتيرة العنف. واوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس ان "24 الفا و270 مدنيا على الاقل (مسلحون وغير مسلحين) وثمانية الاف و510 جنود و1261 منشقا قتلوا" بين اذار/مارس 2011 و18 تشرين الاول/اكتوبر 2012. وكانت منظمة افاز غير الحكومية افادت في وقت سابق ان ما بين 28 الفا و80 الف شخص فقدوا في سوريا منذ اندلاع النزاع في هذا البلد، مستندة الى ارقام ادلت بها منظمات تدافع عن حقوق الانسان. سياسيا، اعلن الابراهيمي من عمان انه "في حال تم وقف القتال وتنفيذ هدنة اعتقد اننا سنستطيع ان نبني عليه هدنة حقيقية لوقف اطلاق النار ولعملية سياسية تساعد السوريين على حل مشاكلهم واعادة بناء سوريا الجديدة التي يتطلع اليها شعبها". واضاف في تصريحات لوكالة الانباء الاردنية الرسمية (بترا) عقب لقائه وزير الخارجية الاردني ناصر جودة ان "الازمة (السورية) اذا استمرت لن تبقى محصورة داخل الحدود السورية بل ستؤثر على المنطقة". ودعا الابراهيمي الذي يزور سوريا السبت الى وقف اطلاق النار في سوريا خلال عيد الاضحى الذي يحل في 26 تشرين الاول/اكتوبر. وتأتي المحطة السورية للابراهيمي الموجود في عمان الخميس، ضمن جولة في المنطقة شملت السعودية وتركيا وايران والعراق ومصر ولبنان. وكانت وزارة الخارجية السورية اعلنت ان الابراهيمي سيكون في دمشق السبت، حاملا معه اقتراحا لوقف اطلاق النار خلال عيد الاضحى ابدى طرفا النزاع استعدادا مشروطا للتجاوب معه ويلقى ترحيبا اقليميا ودوليا متزايدا. واوضح المتحدث باسم الابراهيمي احمد فوزي لفراس برس ان الموفد الاممي والعربي سيلتقي الرئيس بشار الاسد "قريبا جدا جدا"، لكن "ليس السبت". وفي جنيف، حضت المفوضة العليا لحقوق الانسان في الاممالمتحدة نافي بيلاي الخميس مجلس الامن الدولي على "التحدث بصوت واحد" حيال الازمة السورية، آملة في الا يصبح الوضع في هذا البلد اشبه بما حصل في مدينة سربرينيتسا في البوسنة. وقالت القاضية الجنوب افريقية التي بدأت في ايلول/سبتمبر ولايتها الثانية على راس المفوضية العليا، للصحافيين ان "الوضع في سوريا ميؤوس منه بكل بساطة". واضافت "احض مجلس الامن على التحدث بصوت واحد. انه امر اساسي لتوجيه رسالة قوية". وكررت من جهة اخرى ان الطرفين المتنازعين ارتكبا جرائم "هي بمثابة جرائم ضد الانسانية". وزار العاهل المغربي الملك محمد السادس الخميس المستشفى الميداني المغربي بمخيم الزعتري للاجئين السوريين شمال شرق الاردن. وكان العاهل المغربي بحث مع الملك عبد الله الثاني الازمة السورية، وفقا لبيان صادر عن الديوان الملكي الاردني. وحذر العاهل الاردني خلال اللقاء من "التداعيات الخطيرة للازمة على جميع دول المنطقة". ودعا المجتمع الدولي الى دعم الاردن لمواجهة "الاعباء الكبيرة التي يتحملها في سبيل تقديم خدمات الاغاثة الانسانية للاجئين السوريين الذين تجاوز عددهم 200 الف لاجىء".