مقديشو (رويترز) - صَوَت أعضاء البرلمان الصومالي لاختيار رئيس جديد للبلاد يوم الاثنين في أول انتخابات من نوعها منذ عشرات السنين وسط مخاوف من تزوير هذه الانتخابات التاريخية أو عدم فعل شيء يُذكر لتغيير المشهد السياسي. واجتمع البرلمان الجديد المنتخب في أكاديمية الشرطة في مقديشو للتصويت لاختيار الرئيس المقبل للبلاد في اقتراع سري وصفته الولاياتالمتحدة بأنه علامة فارقة في مساعي البلاد التي مزقتها الحرب لانهاء عقدين من العنف والكسب غير المشروع والاقتتال الداخلي. ويتنافس في هذه الانتخابات اكثر من خمسة وعشرين مرشحا بينهم الرئيس ورئيس الوزراء الحاليين بالاضافة الى صوماليين بارزين عادوا من الخارج. وقال النائب الصومالي عبد الرحيم عبدي عن الانتخابات انها البداية بالنسبة للصومال. واضاف لرويترز انها نقطة تحول للصوماليين كان الجميع ينتظرونها. ولا توجد حكومة مركزية فعالة تسيطر على معظم الصومال منذ تفجر حرب اهلية عام 1991 ويعتبر تصويت يوم الاثنين تتويجا لخارطة طريق توسطت فيها قوى اقليمية والامم المتحدة لانهاء هذا الصراع الذي قتل خلاله عشرات الالاف كما فر عدد اكبر. وأصبحت العاصمة الان نابضة بالحياة بعد ان كانت تشهد حتى العام الماضي معارك في الشوارع بين متمردي جماعة الشباب المرتبطة بالقاعدة وجنود أفارقة حيث بدأت منازل جديدة تحل ببطء محل المباني القديمة. لكن رغم كونهم على اطراف العاصمة لا يزال المتمردون يسيطرون على مساحات من جنوب الصومال ووسطه في حين يتنافس القراصنة والادارات الاقليمية وميليشيات محلية على السيطرة على مساحات كبيرة من الصومال الذي تعمه الفوضى. ويرأس الرئيس الصومالي الجهاز التنفيذي في حين يعتبر رئيس البرلمان اقوى ساسة البلاد ويتدخل اذا لم يتمكن الرئيس من الوفاء بالتزاماته. وقال الطالب بشير علي عبد القادر "اي رئيس منتخب يجب ان يتعامل مع الامن أولا ثم إعادة إعمار البنية الاساسية الاجتماعية واعادة توطين (اللاجئين) الكثيرين في انحاء البلاد وتحرير بقية البلاد من الشباب." واقترع النواب خلف ستارة قبل ان يضعوها في صندوق شفاف امام المبعوثين الاجانب ومئات الرجال والنساء الصوماليين بالاضافة الى نقل الحدث على الهواء مباشرة. واذا لم يحصل اي مرشح على أغلبية الثلثين في الجولة الاولى وعلى أغلبية بسيطة في الجولة الثانية فستجري جولة ثالثة. وعلى الرغم من مظاهر الشفافية انتقد بعض المرشحين للرئاسة وصوماليون العملية الانتخابية قائلين انها لن تؤدي الا الى تولي حكومة جديدة ستكون شبيهة الى حد كبير بالحكومات السابقة. وسُئل عما سيعينه انتخاب القادة الحاليين بالنسبة للصومال فقال المرشح عبد الرحمن باديو انها ستكون اخبار سيئة للغاية للصوماليين لانهم لم يحدثوا اي فارق في السنوات الاربعة الماضية وانه لا يتوقع ان يحدثوا أي تغيير في المستقبل. وقال مصدر دبلوماسي في مقديشو ان ملايين الدولارات استخدمت لرشوة اعضاء البرلمان للتصويت للرئيس الحالي شيخ شريف احمد. وقال المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية الموضوع "يقدر ان سبعة ملايين دولار جاءت من مصادر خليجية وان هذه الاموال تهدف الى ضمان اعادة انتخاب الرئيس شريف." وقال المصدر ان الاموال جاءت من مصالح تجارية صومالية في دول الخليج العربية بعضها له صلة بامراء حرب يريدون ابقاء الوضع الراهن على ماهو عليه. وقال المصدر "حتى الان حققت العملية نتائج مثيرة للاعجاب جدا ونخشى ان يتم اختطافها في اخر دقيقة.. هناك صراع الان بين هؤلاء الذين يريدون الوضع الراهن والذين يريدون التغيير." وحث المصدر النواب على "التصويت وفقا لضمائرهم." ونفى احمد مرارا ارتكاب اي اخطاء. ووجد تقرير لمجموعة بالامم المتحدة لمراقبة الصومال في يوليو تموز ان من بين كل عشرة دولارات تلقتها الحكومة الانتقالية الاتحادية فيما بين عامي 2009 و2010 لم تصل سبعة دولارات الى خزينة الدولة. ورفض احمد هذه الادعاءات. ورغم احتمال ان تكون الانتخابات معيبة يشعر كثير من الصوماليين بالفرح لاجراء بلادهم هذه الانتخابات. وقالت نجمة احمد عبدي التي تدير منتدى صوماليا للشباب "انه شيء يتعين ان نشهده وان نكون جزءا منه حتى اذا لم نصوت. لقدد مررنا بمخاض عسير ووصلنا اخيرا للولادة." واضافت "(النواب) لديهم مسؤولية مهمة جدا على عاتقهم. غدا سيكون مثل اليوم الذي انتخب فيه الرئيس الامريكي باراك اوباما. نأمل ان يكون لدينا اوباما." (اعداد علي خفاجي للنشرة العربية- تحرير محمد هميمي)