يشن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الاربعاء هجوما على خصمه فرنسوا هولاند الذي يتصدر استطلاعات الراي في الانتخابات الرئاسية في فرنسا منذ حوالى عام، وذلك في مناظرة تلفزيونية تعتبر فرصته الاخيرة لقلب الموازين قبل التصويت في الدورة الثانية الاحد. وقبل ساعات على المناظرة الوحيدة التي تنظم بين الدورتين، ابدى كل من الرئيس اليميني المنتهية ولايته والمرشح الاشتراكي ثقة وتصميما. وقال هولاند عبر قناة بي اف ام تي في "أعلم بوجود تحرك لصالحي. وعلي ان اكون جديرا به لان الغطرسة ليست ما هو مطلوب". وكان هولاند تلقى نصائح من شريكته السابقة سيغولان رويال التي ترشحت ضد ساركوزي عام 2007 واجرت مناظرات معه. واكد هولاند انه سيكون "هجوميا من أجل الفرنسيين" لكنه لا يريد تحويل النقاش الى منازلة. اما معسكر ساركوزي فأكد ان النصر ما زال ممكنا. واشاد وزير الخارجية الان جوبيه "بالشخصية القوية" للرئيس المنتهية ولايته و"وضوحه" على عكس المرشح الاشتراكي "الذي يستخدم ورقة الغموض". وتبث المواجهة التي تستغرق ساعتين ونصف عبر حوالى عشر قنوات وتبدأ في الساعة 21,00 (19,00 ت غ) ويتابعها حوالى 20 مليون مشاهد. وبحسب سحب القرعة سيتكلم هولاند اولا. كل شيء مدروس بدقة، كقياسات الطاولة التي تفصل بين الرجلين وحرارة الغرفة وزوايا الكاميرات بحيث لا يبدو انف ساركوزي من لقطة جانبية ولا صلعة هولاند. ويتمتع المرشح الاشتراكي بموقع جيد امام ساركوزي بعد فوزه ب28,6% من الاصوات في الدورة الاولى مقابل 27,2% لخصمه. فقبل اربعة ايام على الاستحقاق ما زال ساركوزي وراء خصمه الذي اشارت استطلاعات الراي الى فوزه الاحد بنسبة 53 الى 54% من الاصوات، حتى لو تمكن من تقليص الفارق في الايام الاخيرة. ويراهن الرئيس الفرنسي كثيرا على هذه المناظرة للتعويض عن الفارق مع خصمه بالرغم من تاكيد المحللين السياسيين ان المناظرات السياسية بين الدورتين لا تغير كثيرا في ميزان القوى. وقال جيروم سانت-ماري من معهد سي اس آه للاستطلاعات "كي تؤدي مناظرة الى قلب نتائج عملية انتخاب ينبغي ان يفوز احد المشاركين فيها بوضوح على الاخر، وان يكون الفارق بينهما في نوايا التصويت ضئيلا. لكن الحال اليوم ليست كذلك تماما". وتريد القناتان المنظمتان الخاصة تي اف 1 والعامة فرانس 2 نقاشا ينطلق من الهواجس التي تشكل اولوية للفرنسيين (القدرة الشرائية والوظائف) ليتطرق الى السياسة الخارجية والديون والمسائل الاجتماعية (الهجرة) واسلوب الرئاسة الذي يريد كل من المرشحين تجسيده. واعتبر رئيس الوزراء السابق جان بيار رافاران ان على الرئيس المنتهية ولايته "المجازفة" والسعي الى دفع هولاند، الذي لعب ورقة "الثبات" و"التوازن"، الى ارتكاب خطأ والتشديد على قلة خبراته. ويأمل اليمين في استغلال الفارق البارز في الشخصيتين لصالح ساركوزي الذي يتمتع بمزاج هجومي فيما يرى اليسار ان الروح الجامعة لدى هولاند وحسه الفكاهي سينتصران. منذ الدورة الاولى انطلق الرجلان البالغان 57 عاما في سباق لاستقطاب ناخبي حزب الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) الذي احرزت مرشحته مارين لوبن نتيجة تاريخية (حوالى 18%) مما سيجعل اصوات انصارها ترجيح احدى الكفتين. ولم يحدث اعلان لوبن انها ستصوت بورقة بيضاء مفاجأة، ما يشكل دعوة ضمنية لناخبيها الى ان يحذو حذوها، حيث سخرت من محاولات جذب انصارها الذين كانوا "عنصريين" ليتحولوا الى اشخاص "يمكن معاشرتهم". واجبر ذلك ساركوزي الذي يشن حملة يمينية الى اقصى الحدود الى تشديد خطابه في ملفي الامن والهجرة، فتحدث الى الفرنسيين العاديين مصورا نفسه حامي الشعب بمواجهة النخب. وسعى هولاند قبل المناظرة الى نزع فتيل ملف الهجرة الحساس. فمنذ ايام والصحافيون يسألونه ان كان يعتبر كما خصمه ان عدد الاجانب في فرنسا يتجاوز الحد المقبول، وكان يجيبهم بان السؤال ساذج. غير انه اكد صباح الاربعاء ان "عدد المهاجرين الشرعيين غير كبير" لكن عدد "المهاجرين غير الشرعيين اكثر مما ينبغي".