صمد وقف اطلاق النار في سوريا بين النظام والمعارضة الذي دخل حيز التنفيذ صباح الخميس رغم بعض الخروقات، في حين يستعد الطرفان للدخول في مواجهة جديدة الجمعة بعد ان دعت المعارضة الى تظاهرات ضخمة مستفيدة من الهدوء النسبي السائد، الامر الذي رفضته السلطات مؤكدة ضرورة الحصول على ترخيص مسبق قبل التظاهر. وحصلت خطة الموفد الخاص للامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان على دعم اضافي، عندما اكدت روسيا موافقتها على صدور قرار من مجلس الامن لانشاء قوة مراقبة تتوجه الى سوريا في اسرع وقت، واكد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان الجنرال النروجي روبرت مود سيصل الى دمشق الجمعة لانجاز الخطوات التمهيدية التي تسبق نشر المراقبين. ومنذ صباح الخميس تبادل الطرفان الاتهامات بمحاولة تقويض خطة انان. فقد تحدثت مسؤولة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني السوري المعارض بسمة قضماني من جنيف عن معلومات حول مقتل ثلاثة مدنيين في سوريا بعد بدء تطبيق وقف النار، وعشرات الاعتقالات في حلب وحمص ودرعا. وردت السلطات السورية بالاعلان عن مقتل ضابط في الجيش السوري واصابة 24 شخصا آخرين بينهم ضباط وجنود ومدنيون في تفجير عبوة ناسفة قامت به "مجموعة ارهابية مسلحة" في حلب، حسب ما نقل التلفزيون. من جهته اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان ان ستة قتلى سقطوا الخميس في مناطق عدة من سوريا هم خمسة مدنيين وعسكري. ورغم هذه الخروقات بدا واضحا ان اعمال العنف انحسرت بشكل واسع منذ بدء وقف اطلاق النار الساعة السادسة صباحا (3,00 ت غ)، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان وناشطون. الا ان المرصد اشار الى ان "القوات السورية النظامية وآلياتها لم تنسحب من المدن". وردا على اتهامات السلطات السورية للمعارضة بالسعي لضرب خطة انان اعلنت القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل الخميس التزامها الكامل بوقف اطلاق النار، مطالبة بارسال مراقبين دوليين الى سوريا لمراقبة وقف اطلاق النار. وقال المتحدث باسم القيادة المشتركة العقيد الركن قاسم سعد الدين في اتصال مع وكالة فرانس برس "نحن ملتزمون بوقف اطلاق النار مائة بالمائة، ولن نرد على استفزازات النظام". وبعد ساعات على استتباب الهدوء النسبي في سوريا بدا ان النظام والمعارضة يستعدان للدخول في مواجهة جديدة مع دعوة المعارضة الى التظاهر بكثافة ورفض السلطات للتظاهر من دون ترخيص. فقد دعا رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون السوريين الى التظاهر مشيرا الى ان "الحق بالتظاهر السلمي نقطة اساسية من نقاط خطة انان". واضاف في تصريح لوكالة فرانس برس "لا قيمة لخطة انان اذا لم تنقل البلاد الى حكومة ديموقراطية تعددية، وبداية هذه العملية الانتقالية الحرية واطلاق حق الشعب في التظاهر والتعبير عن نفسه وحرية الصحافة". كما دعا الناشطون المعارضون جميع السوريين، لا سيما المترددين منهم، الى اي ديانة او تيار انتموا الى الخروج في تظاهرات الجمعة تحت شعار "ثورة لكل السوريين". ونشرت هذه الدعوة على صفحة "الثورة السورية ضد بشار الاسد 2011" على موقع "فيسبوك" الالكتروني تحت عنوان "13 نيسان/ابريل، جمعة ثورة لكل السوريين". ونشرت صفحة "شبكة شام" المعارضة على فيسبوك الدعوة نفسها، الى جانب شريط فيديو ترويجي لحث المترددين على المشاركة في التظاهر ضد النظام الجمعة. وجاء في الشريط "ايها المترددون لتخرجوا عن صمتكم او فلتصمتوا الى الابد". وسرعان ما اعلنت وزارة الداخلية السورية ان اي تظاهرة يجب ان تحصل على "ترخيص من الجهات المختصة"، بحسب ما اوردت وكالة الانباء السورية (سانا) الرسمية الخميس. في نيويورك حيث مقر الاممالمتحدة وفي واشنطن تسارعت الاتصالات المتعلقة بالملف السوري. فقد قدم الموفد الخاص للامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان عرضا باخر تطورات مهمته امام اعضاء مجلس الامن عبر دائرة فيديو، واصدر بيانا اعتبر فيه ان وقف اطلاق النار في سوريا "يتم الالتزام به على ما يبدو". وقال انان "ان سوريا تشهد على ما يبدو فترة نادرة من الهدوء على الارض" معتبرا انه من الضروري "الحفاظ" على هذا الهدوء. واضاف "على جميع الاطراف المعنيين الالتزام بالتطبيق الكامل لخطة النقاط الست" التي وضعها لحل الازمة في سوريا، ومن ضمنها "البنود العسكرية للخطة والالتزام ببدء عملية سياسية". وقال انان ايضا "اطلب من جميع السوريين الاستفادة من هذه الفرصة" داعيا الى "التحرك سريعا لاطلاق حوار سياسي جدي ياخذ في الاعتبار مخاوف وتطلعات الشعب السوري". وافاد دبلوماسيون يعملون في مقر الاممالمتحدة في نيويورك ان انان دعا مجلس الامن خلال مخاطبته له الى مطالبة النظام السوري بسحب قواته من المدن التي تشهد اضطرابات والعودة الى ثكناتها. وقال المصدر نفسه ان انان اعتبر ان دمشق لم تلتزم من الناحية التقنية بخطته للسلام، الا ان وقف اطلاق النار الهش يشكل "فرصة يجب انتهازها". من جهته اعلن بان كي مون من جنيف ان الجنرال النروجي روبرت مود سيتوجه الجمعة الى دمشق على رأس فريق فني للاعداد لوصول المراقبين الدوليين المكلفين التحقق من وقف اطلاق النار في سوريا. وقال بان كي مون في مؤتمر صحافي انه يأمل التمكن من ارسال المراقبين "في اسرع وقت ممكن" داعيا مجلس الامن الى اتخاذ موقف موحد والموافقة على بعثة المراقبين. واضاف "فور موافقة مجلس الامن سنكون قادرين على ارسال البعثة سريعا جدا" مشيدا بالدعم الذي تلقاه في هذا الاطار من موسكو الاربعاء. وللتاكيد على دعم روسيا لخطة انان قال المندوب الروسي في الاممالمتحدة فيتالي تشوركين الخميس ان مجلس الامن الدولي قد يصدر الجمعة قرارا بارسال قوة مراقبة دولية الى سوريا تستطيع بدء العمل الاسبوع المقبل. وصرح تشوركين للصحافيين ان روسيا، التي استخدمت في السابق حق النقض لمنع صدور قرارين ينددان بسوريا، ستدعم القرار. واضاف "نامل ان نتمكن غدا (الجمعة) من تبني قرار في مجلس الامن حول نشر مجموعة طليعية من المراقبين" مضيفا انه من "المهم" نشر المراقبين بسرعة. وقال تشوركين ان الفريق الطليعي من المراقبين يجب ان يتالف على الاقل من 20 الى 30 مراقبا على ان ينتشروا في سوريا مطلع الاسبوع المقبل. واثار المندوب الروسي المخاوف من ان تسفر الدعوات الى الخروج في تظاهرات حاشدة ضد الرئيس السوري بشار الاسد عن "استفزازات" في سوريا. وقال "نحن قلقون من احتمال حدوث استفزازات. وقلقون من الدعوات الى تظاهرات حاشدة .. وهذا هو عكس ما نريد ان يحدث الان في سوريا. نريد ان نستفيد من الوضع الخالي من العنف". واضاف "بدلا من الحديث عن تظاهرات، على قادة المعارضة صياغة موقفهم من الحوار السياسي". وفي المواقف ايضا قالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان وقف اطلاق النار في سوريا "خطوة مهمة" اذا تم تنفيذه. وقالت "اذا تم التقيد به فان وقف اطلاق النار هو خطوة مهمة، الا انه ليس سوى عنصر واحد" في خطة الموفد الخاص للامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان التي تتألف من ست نقاط. واضافت ان على نظام الرئيس السوري بشار الاسد تنفيذ النقاط الست جميعها التي تتضمنها خطة انان، مؤكدة انه "لن يكون بامكان سوريا ان تختار من تلك الخطة ما تشاء وتترك ما تشاء". كما حث الرئيسان الاميركي باراك اوباما والفرنسي نيكولا ساركوزي الخميس السلطات السورية على التقيد "الدقيق وغير المشروط" بالالتزامات الواردة في خطة انان، حسب ما اعلنت الرئاسة الفرنسية. واجرى الرئيسان محادثات عبر دائرة فيديو مغلقة اتفقا خلالها على "تعزيز جهودهما، بالتنسيق مع شركائهم خاصة العرب، بما في ذلك في مجلس الامن لكي يتوقف بشكل نهائي القمع الوحشي ضد الشعب السوري"، حسب ما جاء في بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية. ورحبت وزارة الخارجية الصينية الخميس بقرار الحكومة السورية الالتزام ب"وقف اطلاق نار شامل". ورأى المتحدث باسم الخارجية ليو ويمين ان "هذا القرار سيساعد على الحد من التوتر في سوريا ويشكل خطوة مهمة نحو التوصل الى حل سياسي للازمة". وفي القاهرة رحب الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي في بيان ب"التطور الايجابي" الذي حصل في سوريا الخميس، وطلب من انان العمل على "ايفاد المراقبين الى الأراضى السورية سريعا لمراقبة تنفيذ وقف اطلاق النار وللتحقق من الالتزام بالعناصر الأخرى للخطة". ودعت وزارة الداخلية السورية الخميس السوريين "الذين اضطروا رغما عن ارادتهم الى مغادرة بيوتهم، سواء داخل القطر او الى دول مجاورة الى العودة اليها وعدم الالتفات للدعايات والاخبار المضللة". ودعت وزارة الداخلية، بحسب ما اورد التلفزيون الرسمي السوري، "المسلحين الذين لم تتلطخ ايديهم بالدماء الى تسليم انفسهم واسلحتهم الى اقرب مركز شرطة"، مشيرة الى انه "سيتم الافراج عنهم ووقف التبعات القانونية بحقهم". ولا تقر السلطات السورية بوجود حركة احتجاجية في البلاد، وتتهم "مجموعات ارهابية مسلحة" بزعزعة الاستقرار في البلاد والتخريب. وكتبت صحيفة "الوطن" السورية الخميس ان الحديث عن انسحاب القوات النظامية من المدن "اعتداء سافر على السيادة السورية"، معتبرة ان الجيش سيعود الى ثكناته عند انتهاء مهامه "في اجتثاث الارهاب".