رام الله (الضفة الغربية) (رويترز) - تواجه السلطة الفلسطينية ضغوطا بسبب انفاقها على قطاع غزة وقيام خصمها السياسي حركة حماس بمنع تدفق الايرادات اليها في الوقت الذي تعاني فيه من العجز المالي. وتقول السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب والتي ينتمي زعماؤها لحركة فتح انها ضخت نحو سبعة مليارات دولار في قطاع غزة منذ أن سيطرت حركة حماس عليه عام 2007 لكنها تشكو من ان الحركة الاسلامية تحبط جهودها لموازنة دفاترها. وكان تبادل الاتهامات في الاسابيع القليلة الماضية قد زاد الفجوة بين حماس وفتح في ظل توتر لدى كلا الجانبين بسبب تعثر جهود المصالحة والركود الاقتصادي. وأضاف انقطاع التيار الكهربائي المتكرر في القطاع الساحلي الى حالة التوتر ورفع الستار عن التمويل الفلسطيني المحاط عادة بالسرية. وتقول السلطة الفلسطينية انها تنفق 120 مليون دولار شهريا أي أكثر من 40 بالمئة من ميزانيتها الاجمالية على الرواتب والخدمات في غزة على الرغم من اخراجها من القطاع في حرب أهلية قصيرة مع حماس قبل خمس سنوات وذلك في محاولة لتظهر للعالم أنه بالرغم من الخلاف السياسي مازال الفلسطينيون شعبا واحدا له ادارة واحدة. ولم تعترف السلطة الفلسطينية التي مازالت تتمتع بحكم ذاتي محدود في الضفة الغربيةالمحتلة من اسرائيل بحكم حماس لغزة ومازالت تدفع أجور العاملين السابقين لدى السلطة في القطاع. ولا تزال اسرائيل تفرض حصارا محكما على القطاع بمساعدة مصر. وقال أحمد عساف المتحدث باسم فتح في الضفة الغربية ان حماس في المقابل لا تدفع تكلفة أي من احتياجات السكان في غزة بل على العكس فانها تبيع الدواء الذي تتلقاه من السلطة الفلسطينة مجانا وتحتفظ بالمال. وتنفي حماس ذلك وتقول ان السلطة الفلسطينية انما تقوم بتحويل المساعدات الاجنبية المخصصة للشعب الفلسطيني. وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس ان قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة لا تتلقى دعما من السلطة الا بشكل متفرق ويأتي في صورة منح من بعض الدول. وتواجه السلطة الفلسطينية التي تعتمد بشدة على المساعدات الخارجية خاصة من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة والدول العربية عجزا مقدرا بقيمة 1.3 مليار دولار في 2012. ورغم ان أغلب الدول الغربية لا تتعامل مع حماس بسبب رفضها نبذ العنف والاعتراف باسرائيل فانها تسمح للسلطة الفلسطينية باستخدام المساعدات لتقديم العون للفلسطينيين في غزة. ويقول الاتحاد الاوروبي انه أسهم بمبلغ 837 مليون يورو (1.1 مليار دولار) للسلطة الفلسطينية منذ 2008 تم توجيه 34 بالمئة منه الى قطاع غزة لتغطية رواتب ومعاشات العاملين بالسلطة هناك. وقال مسؤول من الاتحاد الاوروبي طلب عدم نشر اسمه "بحسب معلوماتنا لا تدفع حكومة حماس الا لرواتب موظفيها ولجهازها الامني." وحاولت حماس دعم ماليتها عن طريق اجتذاب أموال من حلفائها بالخارج مثل ايران في حين تدرس فرض ضرائب خاصة بها على التجارة والاعمال داخل غزة. لكن المحللين يقولون انها أيضا تواجه ضغوطا على الميزانية وغير مستعدة على الاطلاق لرعاية سكان غزة البالغ عددهم 1.7 مليون نسمة يعيش نحو 70 بالمئة منهم تحت خط الفقر وفقا لاحصاءات الاممالمتحدة. وقال ناصر عبد الكريم أستاذ الاقتصاد بجامعة بيرزيت في الضفة الغربية ان حماس تريد أن ترسم صورة عن نفسها بأنها مستقلة ماليا عن السلطة الفلسطينية. لكنه اضاف أن هذه أسطورة اذ ان السلطة الفلسطينية لو توقفت عن تحويل الاموال الى القطاع فان واقع الحياة في غزة سيتدهور على الفور. وتقر حماس بأنها لن تدفع كل رواتب العاملين في السلطة الفلسطينية لكنها تعلل ذلك بأن أغلب المعنيين لا يعملون بعد أن وجهت فتح أوامر للموظفين الحكوميين المنتمين اليها بعدم التعاون. ومن القضايا الحرجة كذلك بالنسبة للسلطة الفلسطينية قضية الضرائب التي يتعين عليها جبايتها من غزة. وتقول السلطة ان حماس وتجار غزة يعلنون للسلطات الاسرائيلية باستمرار قيمة أقل من القيمة الفعلية لوارداتهم وهو ما كلف السلطة الفلسطينية 400 مليون دولار من التهرب الضريبي منذ عام 2007. وتجمع السلطات الاسرائيلية الرسوم الجمركية نيابة عن السلطة الفلسطينية. وقال رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض ان غزة جمعت اثنين بالمئة من اجمالي الايرادات الضريبية الفلسطينية في عام 2011 بالمقارنة مع 28 بالمئة في عام 2005. وأقر علاء الرفاتي وزير الاقتصاد في حكومة حماس بأن الحركة تحتجز اقرارات جمركية تحتاجها السلطة الفلسطينية لجمع ايرادات بنحو 95 مليون دولار وأنها ستستمر في ذلك حتى توافق السلطة الفلسطينية على تحويل الاموال الى غزة مباشرة. وقال الرفاتي لرويترز بالهاتف من غزة ان هذه الاقرارات لم ترسل الى رام الله منذ ان سيطرت حماس على القطاع. ويرجع جزئيا ظهور هذه الخلافات المالية بين الجانبين في العلن الى أزمة الوقود التي تترك جزءا كبيرا من غزة بدون كهرباء لعدة ساعات يوميا منذ أوائل فبراير شباط الماضي والتي نتجت عن قرار مصر بالحد من تدفق الوقود المهرب الى القطاع عبر شبكة من الانفاق. ويقول منتقدو حماس انها مخطئة في اعتمادها بشدة على الوقود المهرب الرخيص بدلا من التعاون مع السلطة الفلسطينية للحصول على امدادات بديلة. وتقول السلطة الفلسطينية انها تدفع ما يزيد على 50 مليون دولار شهريا لشركة طاقة اسرائيلية تمد غزة بالكهرباء لكن حماس ترفض تسليم الاموال التي تحصلها من فواتير الكهرباء. ويقول عمر كتانة رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية ان السلطة طالبت حماس مرارا بتحويل الاموال التي تحصلها لتتمكن الهيئة من الاستمرار في امدادهم بالوقود لكنهم لم يرسلوا شيئا. وتقر السلطة الفلسطينية بأن شيئا لن يتغير قريبا. فمثل العديد من القضايا التي تفسد الحياة السياسية الفلسطينية يصر كل من الجانبين على موقفه. وقال غسان الخطيب المتحدث باسم السلطة الفلسطينية ان الاسهام بجزء كبير من ميزانية السلطة الفلسطينية من أجل قطاع غزة أصبح الوضع القائم ولن يتغير قريبا. (اعداد لبنى صبري للنشرة العربية - تحرير عبد المنعم هيكل)