واصل الجيش السوري الاربعاء عملياته العسكرية في مناطق عدة من البلاد غداة اعلان دمشق موافقتها على خطة المبعوث الدولي كوفي انان للخروج من الازمة. وفي الوقت نفسه حضت الصين السلطات السورية والمعارضة على الالتزام بخطة أنان، بينما قالت دمشق انها "لن تتعامل" مع اي مبادرة تصدر عن جامعة الدول العربية التي يعقد وزراء خارجية الدول الاعضاء فيها اجتماعا في بغداد اليوم ستوقع ان تهيمن عليه الازمة السورية. وتجددت الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوري النظامي ومنشقين في بلدة قلعة المضيق في ريف حماة اليوم الاربعاء بعد اقتحامها صباحا. وقال عضو المكتب الاعلامي لمجلس قيادة الثورة في حماة ابو غازي في اتصال عبر سكايب مع فرانس برس ان "القوات النظامية اقتحمت قرابة الساعة السادسة (4,00 تغ) قلعة المضيق والقرى المجاورة لها معززة بالمدرعات وسط اطلاق نار كثيف (..) قبل ان تعود وتتراجع الى اطراف المدينة وتعاود القصف عليها". واضاف ان "المقاومة من قبل الجيش الحر مستمرة حتى الان"، موضحا ان العناصر المنشقين "يخوضون معارك كر وفر مع القوات النظامية". واضاف ابو غازي ان البلدة "محاصرة وتتعرض للقصف منذ 17 يوما" مشيرا الى تعرض القلعة الاثرية فيها لنيران القوات النظامية على مدى ايام. واكد المرصد السوري لحقوق الانسان هذا الخبر، وقال في بيان ان "اشتباكات عنيفة تدور في بلدة قلعة المضيق بين القوات النظامية السورية ومجموعات مسلحة منشقة تعيق تقدم القوات النظامية داخل البلدة". وتعرضت بلدة قلعة المضيق في الآونة الاخيرة لعدة محاولات اقتحام من الجيش النظامي باءت بالفشل. وفي ادلب (شماب غرب)، اقتحمت القوات النظامية قرية خان السبل المجاورة لبلدة سراقب، ونفذت فيها حملة اعتقالات، بحسب المرصد الذي اشار الى تخوف اهالي خان السبل من أن يتكرر في قريتهم ما جرى في سراقب التي انسحبت منها القوات النظامية امس بعد ثلاثة ايام من العمليات العسكرية. ودخلت قوات النظام السبت سراقب بالدبابات ونفذت عملية عسكرية واسعة فيها تخللها اطلاق نار وعمليات دهم واعتقالات واعدامات ميدانية طالت مدنيين ومنشقين، بحسب المرصد وناشطين. واعلن المجلس الوطني السوري المعارض سراقب في ريف ادلب "مدينة منكوبة" داعيا الى "تحرك دولي فوري" لاجبار النظام على "سحب دباباته وايقافه عملية الإبادة التي يشنها على سكان المدينة". وطالب المجلس في بيان الاربعاء "منظمة الصليب الأحمر الدولية والمنظمات الإنسانية الدولية بتوفير المساعدات العاجلة للمدينة وإخلاء الجرحى ودفن الشهداء" مشيرا الى ان عددا من الجثث "ملقاة في الشوارع منذ يومين". كما طالب "دول الجوار وتحديدا الصديقة تركيا بفتح ممرات إنسانية فورية لإيصال المساعدات الإغاثية والطبية بأسرع وقت ممكن". وكان المرصد افاد ان مدينة سراقب "شهدت حالة نزوح كبيرة ازدات وتيرتها خلال الساعات ال48 الفائتة مع بدء العملية العسكرية في المدينة السبت الفائت وطالت سبعين في المئة من سكانها". ويبلغ عدد سكان سراقب حوالى 38 الف نسمة، وهي خارجة عن سيطرة النظام منذ حزيران/يونيو الماضي، وتشهد حركات احتجاجية مستمرة اضافة الى نشاط واسع للمنشقين. وتكتسب سراقب اهمية لوقوعها على الطريق الدولي الذي يربط دمشق وحلب (شمال). وقد اعاق المنشقون حركة القوات النظامية وتعزيزاتها مرات عدة على هذا الطريق في الاشهر الماضية. وفي ريف حمص (وسط) حاولت القوات النظامية فجر اليوم اقتحام مدينة الرستن الخارجة عن سيطرة النظام منذ اسابيع، ما اسفر عن مقتل ثلاثة جنود نظاميين بحسب المرصد. وفي مدينة حمص "تتعرض احياء حمص القديمة لقصف عنيف يتركز خصوصا على حي الحميدية" بحسب ما افاد الناشط كرم ابو ربيع في اتصال عبر سكايب مع فرانس برس. واضاف "سقطت عدة قذائف قرابة الساعة العاشرة (8,00 تغ) على حي بستان الديوان اصاب عدد منها كنيسة ام الزنار الاثرية". وافاد المرصد بمقتل مواطن في حي باب هود برصاص القوات النظامية. وافادت لجان التنسيق المحلية بوقوع اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية وعناصر من الجيش السوري الحر في حي العباسية فجرا. وفي درعا (جنوب) دارت اشتباكات عنيفة فجر اليوم الاربعاء بين القوات النظامية السورية ومجموعة مسلحة منشقة في بلدة بصر الحرير و"ذلك بعد تهديد ضابط لاهل البلدة بتسليم المجموعة المسلحة المنشقة او البدء بعملية في البلدة" بحسب المرصد السوري الذي لم يسجل "سقوط ضحايا حتى اللحظة". سياسيا، دعت الصين الحكومة السورية والمعارضة الى احترام "التزاماتهما" في اطار خطة المبعوث الدولي كوفي انان الى سوريا لحل الازمة. وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية هونغ لي ردا على اسئلة حول خطة انان "نامل في ان تحترم الحكومة السورية والاطراف المعنية في سوريا التزاماتهما". واضاف "نحن مسرورون لموافقة الحكومة السورية على خطة المبعوث الخاص انان الواقعة في ست نقاط ونعتقد انها ستؤدي الى نتائج بالنسبة للتسوية السياسية للازمة السورية". وياتي ذلك غداة اعلان متحدث باسم انان أن الحكومة السورية وافقت على خطة المبعوث الاممي. وتنص خطة انان على وقف كل اعمال العنف المسلح وهدنة انسانية يومية لساعتين وتسهيل وصول الاعلاميين الى كل المناطق المتضررة من جراء القتال في سوريا. كما تدعو الى اطلاق عملية سياسية والافراج عن المعتقلين تعسفيا. واعلن وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي الاربعاء ان انان سيزور طهران الاسبوع المقبل لاجراء مشاورات مع المسؤولين الايرانيين حول الوضع في سوريا. وقال صالحي للصحافيين على هامش زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الى ايران ان "كوفي انان سيزور طهران الاسبوع المقبل، الاثنين على الارجح".واضاف ان "هناك بعض الخلافات بين ايران وتركيا بخصوص المسالة السورية". وقالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الثلاثاء ان موافقة سوريا على خطة مبعوث الاممالمتحدة والجامعة العربية كوفي انان للسلام يحب ان تقترن ب"افعال فورية" مثل وقف اطلاق النار. وتلقت الدول الغربية في مجلس الامن الثلاثاء بشيء من الحذر اعلان السلطات السورية موافقتها على خطة الموفد الاممي والعربي كوفي انان لحل الازمة في سوريا. وفي بغداد، يناقش وزراء خارجية الدول العربية، مشروع قرار حول سوريا يدعو الحكومة السورية الى "الوقف الفوري لكافة اعمال العنف والقتل" ويدعو في الوقت نفسه الى حوار بين الحكومة والمعارضة للخروج من الازمة في سوريا. كما يطالب مشروع القرار الذي حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منه المعارضة ب"توحيد صفوفها"، متهما السلطات السورية بارتكاب "جريمة ضد الانسانية" في بابا عمرو في حمص. وقد اكد المتحدث باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي لوكالة فرانس برس الاربعاء ان السلطات السورية "لن تتعامل" مع اي مبادرة تصدر عن جامعة الدول العربية. وقال مقدسي ان "سوريا لن تتعامل مع اي مبادرة تصدر عن جامعة الدول العربية على أي مستوى كان". ودعت المعارضة السورية التي اجتمعت في اسطنبول الثلاثاء الرئيس السوري بشار الاسد الى سحب دبابات الجيش من المدن السورية بحلول الاربعاء لاثبات حسن نيته. وقال المعارض وليد البني باسم المعارضة في مؤتمر صحافي "نحن لا نثق بهذا النظام، يجب تطبيق المبادرة، غدا سحب الدبابات، اخراج الجيش من المدن وقراها، يجب ان يتمكن الشعب من التظاهر دون ان يطلق الرصاص على صدره".