تحت هذا العنوان المقتضب، وعلى كامل الصفحة السابعة والعشرين من صحيفة الصنداي تلغراف البريطانية الصادرة اليوم، نطالع تحقيقا ميدانيا لأندرو غيليغان من قلب العاصمة السورية دمشق يرسم من خلاله صورة لما يحدث في تلك البلاد التي تشهد منذ الخامس عشر من شهر مارس/آذار الماضي احتجاجات ضد نظام الرئيس بشار الأسد. يقول غيليغان إن الأسد يحاول أن يتدبَّر أمر الانتقال إلى الديمقراطية بينما يعيش شعبه في خوف من نظام قمعي، وممَّا قد يلي فيما لو سقط النظام . في الباحة الضيقة أمام منزل دمشقي قديم يختفي خلف شارع تملأه محلات بيع الأمتعة، كان هنالك شيء ما غير عادي يحدث: المعارضة تعقد مؤتمرا صحفيا علنيا لإدانة الحكومة السورية . بهذا المشهد الذي يرصده في أحد أحياء دمشق القديمة، يبدأ غيليغان تحقيقه الذي ترفقه الصحيفة بصورة كبيرة يظهر فيها حشد من المتظاهرين ضد النظام السوري في منطقة الحولة بالقرب من مدينة حمص التي تقع وسط البلاد وتشهد أعمال عنف ربما كانت الأخطر منذ بداية الاحتجاجات في سورية قبل حوالي ثمانية أشهر تقريبا. ينقلنا المراسل بعدها إلى داخل قاعة المؤتمر حيث نستمع إلى زهير مشعل الذي يصف نفسه بأنه قائد ميداني للحركة الشعبية جاء من محافظة دير الزور الواقعة شرقي البلاد، وقد خرج من السجن قبل نحو أسبوعين فقط. يقول مشعل في المؤتمر الصحفي: ندعو إلى إطلاق سراح السجناء السياسيين، وإلى إيقاف أعمال القمع والقتل وتدمير الممتلكات، وإلى توحيد البلد من سبيل الحق بتغيير ديمقراطي . المشهد الثاني الذي يقدِّمه لنا المراسل هو أيضا من داخل قاعة المؤتمر الصحفي ذاتها، حيث تنبري هذه المرة صحفية تعمل لصالح الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون السوري، إذ راحت تصرخ في وجه مشعل بنبرة ملؤها الغضب متسائلة: وماذا تقولون لأولئك الجنود الذين يُقتلون؟ وتتابع المرأة توجيه أسئلتها الهجومية للمعارض قائلة: تفكيركم غير صحيح. فإن كنتم سلميين، فلماذا لا تخرجون من الشوارع؟ صورة أخرى ينقلها المراسل لنا عبر لقائه مع أحد أبرز رموز معارضة الداخل، وهو قدري جميل الذي يعلِّق على الحوار الذي دار بين الصحفية المذكورة ومشعل، قائلا بامتعاض واضح: إنها المرَّة الأولى التي يقابل فيها الإعلام الرسمي الحركة الشعبية . ويضيف جميل قائلا: سوف يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يعتاد الطرفان على بعضهما البعض . ومن حديث المعارضة، ينقلنا غيليغان بعدها إلى لقاء حصري أجراه مع مفتي سورية، الشيخ أحمد بدر الدين حسون، الذي يقدِّم لنا رواية أخرى لما يجري في سورية، وهو أحد الرموز التي تعيب عليه المعارضة قربه الزائد من النظام. يقول الشيخ حسون، والذي فقد مؤخَّرا ابنه الشاب سارية الذي قضى على أيدي مسلَّحين: أنا أدعو إلى تغيير نظام الحزب الواحد، وإلى إجراء انتخابات حرََّة في غضون ستة أشهر، قد تنتهي بخسارة الأسد، وبالتالي مغادرته سدَّة الحكم . ويضيف: نحن في سورية ليس لدينا نظام وراثي، وعلى أولئك الذين يقولون إنه لدينا نظام لتوريث العرش أن يأتوا ويروا بأم أعينهم . ولا ينسى غيليغان تذكيرنا في تحقيقه بأنه كان أول مراسل غربي يجري مقابلة مع الأسد منذ بداية الأزمة في البلاد ، مشيرا إلى اللقاء الذي كان قد أجراه مع الرئيس السوري الأسبوع الماضي، والذي حذَّر فيه من زلزال سيهزُّ منطقة الشرق الأوسط برمتها في حال مهاجمة الغرب لبلاده. بعدها يعرِّج بنا المراسل على ما تشهده محافظتا حمص ودرعا من أعمال عنف وقتل، لينطلق بعدها من هناك إلى الحديث عن رفض المجلس الوطني السوري الانتقالي المعارض لأي شكل من أشكال الحوار مع النظام، بل يطالب علنا بإسقاطه، حتى وإن اقتضى الأمر رفض مبادرة الجامعة العربية التي أعلنتها يوم الأربعاء الماضي ودعت إلى سحب الجيش من الشوارع وإطلاق سراح المعتقلين والبدء بحوار شامل بين السلطة وكافَّة أطياف المعارضة. وإلى شوارع دمشق، التي يرى المراسل أنها تبدو هادئة، ينطلق بنا المراسل ليطلعنا على وجهات نظر العديد من المواطنين السوريين العاديين الذين يتحدثون علنا ليصبُّوا جام غضبهم على رموز الفساد في السلطة، وإن كانت حدود انتقاداتهم تتوقف عندما يصل الحديث إلى الرئيس نفسه. وعن طبيعة الحراك الشعبي الذي لمسه في الشارع السوري، يقول غليغان: لا تزال الغالبية العظمى من المظاهرات تبدو سلمية، تماما كما كانت كافة الاحتجاجات في بدايتها. لكن من الصحيح القول أيضا، كما يردد النظام، إن خصومه قد بدأوا على نحو متزايد بحمل السلاح . وللتدليل على ذلك يلمح المراسل إلى العسكريين الذين تقول السلطات إنهم يتعرضون لهجمات المسلحين عليهم، إذ يقول: في مستشفى تشرين العسكري بدمشق ترى الجنود الذين يحملون إصابات بليغة يتماثلون للشفاء ، مشيرا إلى أن ما مجموعه 4168 عسكريا تلقوا علاجا من الإصابات التي تعرَّضوا لها منذ بداية الاحتجاجات. ورغم التنظيم والفاعلية اللذين أبداهما المتظاهرون على الأرض طيلة الأشهر الماضية، يقول غيليغان، إلاَّ أن مقتل الانتفاضة السورية هو غياب القيادة التي ترسم لها الاستراتيجيات وتضع التوجُّهات العامَّة للحراك الشعبي لكي يكون أكثر فاعلية. يقول التحقيق: لم تطرح المعارضة رسالة قوية تقنع طبقة التجَّار النافذة في دمشق والأقليتين العلوية والمسيحية الكبيرتين من أنها ستكون قادرة على المحافظة على وحدة البلاد واستقرارها . ومن النتائج التي يتوصَّل إليها الصحفي البريطاني في ختام تحقيقه تلك التي لخَّصها بقوله: في الوقت الذي يتضح فيه أنه ليس بمقدور الانتفاضة أن تهزم النظام، فإن النظام أيضا غير قادر على هزيمة المعارضة . ويختم المراسل تقريره بتحذير أصدرته منظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان، بأنه في حال واصل النظام خلال الأيام المقبلة قمع الاحتجاجات السلمية، فمن المؤكَّد أن تحصل مواجهة أكثر عنفا وخطورة بين الجانبين. وقولها أيضا: إن الانتفاضة تتجه بشكل متسارع نحو نقطة تحوُّل جدُّ خطيرة . ونبقى مع حديث الاحتجاجات وانتفاضات الربيع العربي، ولكن هذه المرة مع صحيفة الإندبندنت أون صنداي التي تنشر على صفحات الرأي مقالا تحليليا لجوان سميث بعنوان تشارلي ومفجِّرو القنابل الحارقة وقضية حماقة أخلاقية ، تحاول أن تقدِّم من خلاله قراءة لمستقبل وأبعاد ما تشهده بعض الدول العربية من تطوُّرات وانعكاسات ذلك على أوروبا والعالم. تشير الكاتبة إلى النتائج التي أفضت إليها ثورتا كل من تونس وليبيا حتى الآن، والتي تتمثل برأيها بشكل أساسي بصعود نجم الحركات والجماعات الإسلامية التي تتخذ من الشريعة الإسلامية مصدرا أساسيا للتشريع. وتختتم بقولها: إن العديد من العرب علمانيون، وهم من يحتاج تضامننا ودعمنا، وليس الإسلاميون الذين يردُّون على التهكُّم بغضب غير مترابط . وفي صحف الأحد ثمَّة حضور لافت للشأن الليبي الذي ترصده أكثر من صحيفة بالنقد والتحليل والتغطية الأخبارية المعتادة. فعلى الصفحة الثانية والثلاثين من الصنداي تايمز نطالع تفاصيل لقاء مطوَّل أجرته الصحيفة مع عبد الرحيم الكيب، رئيس الوزراء الليبي المكلَّف، والذي يقول إن المهمة الأكبر التي تنتظر حكومته هي التعامل مع الخطر المتمثِّل بآلاف الشباب الذين تأذُّوا خلال الحرب . فتحت عنوان قنبلة ليبيا الموقوتة هي العقول المتأذية ، تنشر الصحيفة المقابلة التي أجرتها ماري كولفين مع الكيب الذي يقول إن الصراع الذي شهدته البلاد مؤخَّرا، وانتهى بالإطاحة بنظام العقيد معمَّر القذافي، بعد 42 عاما أمضاها في الحكم، قد خلَّف جروحا عميقة لدى الضحايا الأبرياء، ولدى أولئك الذين شاركوا في القتال . وعلى الصفحة نفسها نطالع أيضا تحقيقا مقتضبا ذا صلة جاء بعنوان نهاية الطريق للعشيقة السابقة لنجل القذافي . يتحدث التحقيق عن طرد إحدى شركات الاتصالات لإحدى موظفاتها، وهي العارضة فينيسا هيزلر، وذلك بسبب دفاعها عن العلاقة الرومانسية التي كانت تربطها بنجل القذافي، المعتصم، والذي قضى مع والده على أيدي الثوار في مدينة سرت في العشرين من الشهر الماضي. أمَّا الأوبزرفر، فتنشر تحقيقا مصوَّرا مطوَّلا لبيتر بومونت بعنوان سقوط القذافي يفتح عهدا جديدا لحضارة الصحراء الأفريقية الضائعة . يقول التحقيق إن الزعيم الليبي الراحل لم يبدِ اهتماما بالثقافة القديمة لسكان الغرامانتيز (المدن) من البربر الذين بنوا ذات يوم حضارة مزدهرة في قلب الصحراء. إلاَّ أن علماء الآثار يستبشرون خيراً بأن يجري الآن بعد رحيل القذافي تسليط الضوء على تلك الحقبة الهامة والمنسية من تاريخ الصحراء الأفريقية. وبعيدا عن الربيع العربي وثوراته، نعود إلى الصنداي تايمز حيث نطالع على صفحتها الحادية والثلاثين تحقيقا مطوَّلا يميط اللثام عن التفاصيل الحقيقية لعملية اغتيال أسامة بن لادن، الزعيم السابق لتنظيم القاعدة، على أيدي عناصر كوماندوز من القوات الخاصة الأمريكية. يقول التحقيق إن عناصر الكوماندوز أولئك، والذين قتلوا بن لادن في منزله في مدينة آبوت آباد الباكستانية في وقت سابق من العام الجاري، شعروا بالانزعاج من الرواية الرسمية للعملية، الأمر الذي دفعهم إلى كشف تفاصيلها الحقيقية. وينقل التحقيق عن منفِّذي الهجوم في أول حديث علني لهم عن العملية قولهم: لقد قُتل أسامة بن لادن في غضون 90 ثانية من قبل عناصر من البحرية الأمريكية الذين قاموا بعملية إنزال في مجمَّعه السكني، وليس بعد معركة مطوَّلة بالرشاشات . ويضيفون المشاركون في الهجوم الذي أودى بحياة المطلوب رقم واحد في العالم لسنوات عدَّة: لقد كانت العملية محكمة للغاية، وذلك إلى درجة أنه تم خلالها إطلاق 12 رصاصة فقط .