ما ننشره الآن هو ترجمة بتصرف لعدد من التقارير التى وردت خلال اليومين الماضيين وحتى صباح اليوم من كبرى معاهد الأبحاث والدوريات المتخصصة والتى وصفوا فيها ما يحدث في مصر بأنه ركلة مصرية على المؤخرة الرخوة للنفوذ الامريكي في الشرق الأوسط وسط توقعات بإنحسار النفوذ الأمريكي ربما بأسوء مما شهدته فترة جمال عبد الناصر في الستينات مع تحليل دقيق لطريقة نشر الجيش المصري وإستخداماته لطائرات الهليكوبتر التى وصفت بأنها رسالة للبنتاجون وجيش الدفاع الإسرائيلي مفادها أن أي مواجهة حتى لو كانت أمريكية على الأراض المصرية ستكون مكلفة للغاية وجاء ضمن تلك التقارير ما أجملناه مترجما كالآتي: لا أحد يحب البلطجة ولا دمي واشنطن في حلف الناتو التى مارست التخويف لستة عقود لكنهم يحبون دولارات أمريكا ويمارسون الدعارة السياسية بأنفسهم وبأوطانهم طلبا للمال الأمريكي لكن قادة أوروبا عندما وجدوا أن واشنطن لا تدفع بما يكفي عندما تكشفت حقيقة مدفوعات أمريكا لتوني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق والتى سمحت له بأن يقتنى يختا طوله 200 قدم وثمنه خمسين مليون دولار وشاليه فاخر في ضاحية فاخرة بباريس وإرتداء ساعة مرصعة قيمتها سبعمائة ألف دولار وتوني بلير هو مجرد مثال على ما تقدمه أمريكا لأصدقائها لمنحها الغطاء الشرعي لصنع (شرق أوسط على طريقتها الخاصة) التى إستخدمت فيها ستراتيجية خاصة بدأت بنشر الفوضي حتى إنهيار الإتحاد السوفيتى السابق والذي يبدو أنه يبرز حاليا مرة أخرى بإسم جديد تحت قيادة قيصر روسي صارم ومتحفظ هو بوتين الذي يبدو أنه قد بدأ رحلة العد التنازلي لإعلان فوزه الإنتقامي هذه المرة والمفارقة أن تكون بداية إنهيار المخطط الذي أنفق عليه الأمريكان طوال العقود الست الماضية من مصر التى كانت أول من طرد النفوذ السوفيتى من مصر في مصر تدور الآن المعركة الفاصلة لطرد أمريكا إلى ماوراء المحيط بكل ستراتيجيتها التي تسببت في إفساد الكثير من السياسيين في اوروبا وداخل حلف الناتو وكانت مطمأنة تماما لنجاح ستراتيجيتها التى قامت على دعم ديكتاتوريات شبه عسكرية قررت أن تستبدلها في مرحلة العرض النهائي بديكتاتوريات دينية تجيد التعامل معها وكانت فخورة جدا بالإخوان المسلمين في مصر وإحتياطيهم من السلفيين في مصر لكن يبدو أن رجل المخابرات الشاب الذي أصبح أشهر جنرال في العالم خلال الأيام الماضية والذي يحمل إسما سهل على الأذن الغربية بخلاف كثير من الأسماء في الشرق الأوسط (الجنرال سيسي ) وجه ركلة قدم قوية للمؤخرة الرخوة للمخطط الأمريكي لتبدأ رحلة الإنحسار الأمريكي من منطقة الشرق الأوسط والتى يبدو أنها ستكون أكثر فداحة وخطرا على أمريكا من الضربات الموجعة التى سددها لهم ناصر قبل عقود المفارقة أن السيسي تلقي معظم دراساته في أمريكا بعكس جنرالات مصر السابقين الذي تلقوا تعليمهم في الإتحاد السوفيتى وربما كان ذلك السبب في أن السيسي يجيد التعامل مع الأمريكان بطريقتهم الإستعراضية فما يمارسه الجيش المصري من نشر سريع وإستخدام كثيف للمروحيات ووحدات القتال الخفيفة أرهق البنتاجون في ملاحقته ليخرج آخر تقرير له يتحدث عن صعوبة حقيقية في مجاراة ما يحدث على أرض مصر من نشر للقوات على مساحة مثل تلك المساحة وبهذا العدد مع إحكام السيطرة وبينما كان المتظاهرين يداعبون طائرات الهليكوبتر التى تطير فوق الرؤوس في ميدان التحرير وعلى شواطئ الإسكندرية كان هناك تعمد واضح لتحليق الطائرات على إرتفاعات تسمح للمتظاهرين برؤية وجه الطيار وربما ظن المتظاهرين أن الأمر موجه إليهم لكن الرسالة كانت موجهة تحديدا إلى البنتاجون وجيش الدفاع الإسرائيلي وهي رسالة يفهمها جيدا صناع الحرب في الدولتين: يمكننا أن نقوم بعمليات إبرار خارج نطاق رصد الرادارات إلى داخل عمق إسرائيل أو غيرها وقت الحاجة كانت الطائرات تتعمد البقاء على هذا الإرتفاع لفترات طويلة وغير معهودة بينما كان إستخدام طائرات الهليكوبتر الروسية القديمة على أطراف المدن مبهرا فالطائرات تبدو بحالة جيدة فنيا رغم صوتها المرتفع وكانت النهاية في السويس التى قدم فيها الكوماندوز المصري عرضا مجانيا في الشوارع ومرة أخرى كانت الرسالة عابرة للحدود فهناك تغيير حقيقي في العقيدة القتالية للجيش المصري الذي يمارس على الأرض وأمام أعين المراقبين العسكريين عمليات واضحة للقتال الخفيف وقتال المجموعات الصغيرة وهو ما يزعج كثيرا جيش الدفاع الإسرائيلي الذي لم يكن يمانع في إدخال وزير الدفاع السابق لقوات مدرعة كبيرة إلى سيناء في أثناء ثورة 25 يناير لكنه الآن ينظر لطريقة نشر الجيش المصري لآليات خفيفة ومجموعات قتالية بكثير من القلق فما يحدث مثير للقلق لجيش الدفاع الإسرائيلي لكنه مزعج للغاية بالنسبة للبنتاجون الذي أنفق كثيرا على الجيش المصري وجاء الوقت الذي يكشر هذا الجيش عن أنيابه له في رسالة مؤداها أنه ليس جيش العراق الذي يعتمد تكتيكات عتيقة وآليات ثقيلة لكنه يمكنه أن يمارس أعمالا ضد إنزال بحري أو جوي بسهولة شديدة والأكثر إزعاجا أن الجنرال السيسي يعلم نقاط ضعف للموقف الأمريكي لم يتنبه لها أحد من قبل فقدرات أمريكا على التدخل في مصر ضيقة للغاية بسبب قناة السويس وأمن إسرائيل مصر وجهت اللطمة الأولي والحاسمة ضد أمريكا في المنطقة والتى لمن تكن تنتظر أن تأتيها الصفعة من مصر تحديدا لكن يبدو أن هناك من يميل دائما داخل مصر لتقمص شخصية الزعيم الأكثر إحتراما في مصر حتى الآن جمال عبد الناصر الذي مازالت صوره معلقة في كثير من دول أمريكا اللاتينية وحتى اللحظة يلقي الأمريكان بباقي كروتهم وميليشيات الإسلاميين لكنهم يدركون أنهم إذا خسروا المعركة هذه المرة سيكون عليهم أن يدبروا إنسحابا مكلفا للغاية من الشرق الأوسط قد يشغله بأسرع مما يتوقع الجميع الدب الروسي الذي قرر أن ينتقم من الفوضي التى خلقتها له أمريكا في العقدين السابقين. رابط التقرير الأصلى :- http://www.mylifefeed.reappost.com/?p=147