جاءت التفجيرات التي شهدتها مدينة الريحانية في إقليم هاتاي جنوب شرق تركيا السبت الماضي والتي خلفت عشرات القتلي ومئات الجرحي لتدفع إلي السطح بمؤشرات غضب شعبي وإضطراب طائفي في الاقليم الملاصق للحدود السورية. وهنا نقطة إيضاحية ضرورية في البداية... إن هذا الاقليم في شرق تركيا على حدود سوريا هو فسيفساء طوائف ولغات، يسكنه مواطنون أتراك يتحدثون اللغة العربية، وسنيون وعلويون (من أبناء الطائفة العلوية التي لا تماثل الطائفة العلوية السورية)، وأكراد وأقليات اخرى نجحت في ان تعيش حياتها عشرات السنين، برغم أن عددا منها ما زالوا يرون هذا الاقليم جزءا من سوريا سلب منها حينما ضمته تركيا اليها في سنة 1939. وقد انضم الى الطوائف التي تسكن هذا الاقليم في السنتين الماضيتين (منذ بدء الأزمة السورية) آلاف اللاجئين وهم جزء من مئات آلاف اللاجئين السوريين (300 350 ألفا) الذين تستضيفهم تركيا، والذين بدأوا في زعم سكان الاقليم يتصرفون كأنهم أصحاب الارض لا ضيوف. "تناولوا الطعام في مطاعم دون ان يدفعوا، وحصلوا على علاج طبي على حساب مواطني الاقليم في حين اضطر مواطنون أتراك الى الانتظار. وجاءوا معهم بأمراض المجتمع السوري ومنها الدعارة والتجارة بالمخدرات"، وذلك حسب قول سكان أتراك لوسائل إعلامية. ووصل الأمر لصراخ مواطنين أتراك "أيها السوريون انصرفوا من هنا"، موجهين ذلك الى لاجئين سوريين تجمعوا لمساعدة جرحى تفجير السيارات المفخخة. وطُلب الى اطباء سوريين يعملون في المستشفى المحلي ان يعودوا سريعا الى بيوتهم وطُلب الى سائقين جاءوا الى المدينة من سوريا بسياراتهم أن يزيلوا ألواح التعريف السورية. إن العمليات التفجيرية جعلت مئات من الجنود ورجال الشرطة الاتراك يهبون سريعا الى المدينة على خشية اعمال عنف لا توجه ضد آلاف اللاجئين السوريين فقط، بل خشية نشوب إضطرابت طائفية في الاقليم بأكمله. وأخذ التوتر بين اللاجئين والمواطنين يقوى حينما اتهم مواطنون اللاجئين الذين يتمتعون بحرية تنقل كاملة بأعمال سرقة وسطو، وبمضايقة النساء وبأنهم يُخلون في الأساس بتوازن الاقليم السكاني، فأكثر اللاجئين مسلمون سنيون وجزءا كبيرا من سكان الاقليم علويون يؤيدون بشار الاسد خلافا لموقف الحكومة التركية بل قاموا بعدة تظاهرات تأييد للنظام السوري. وزعم مواطنون اتراك سنيون ان نظام الاسد يحاول ان يجند العلويين الاتراك للحرب في سوريا أو ليكونوا على الأقل عملاء لمخابراته يقدمون تقارير عن حركة اللاجئين السوريين. وكانت النتيجة ان بدأ التوتر والشك اللذان ميزا العلاقات بين اللاجئين والاتراك ينتقلان الى العلاقات بين الاتراك العلويين والاتراك السنيين وسببا عددا من الصدامات العنيفة بين هذين الجزئين من السكان الاتراك. ويضاف الى خليط التوتر هذا مؤخرا مبادرة مصالحة حكومة تركيا مع حزب العمال الكردي، وهي التي تثير معارضة عند جهات قومية تركية ومتطرفين أكراد غير راضين عن مضامين في الاتفاق. وحسب خطة المصالحة بدأ مسلحون أكراد يتركون الدولة وحينما سينتهي هذا الاجراء سيبدأ تفاوض في رزمة الحقوق التي سيحصل عليها الاكراد لتعزيز هويتهم الثقافية. وهي خطة تراها دوائر قومية خضوعا تركياً للارهاب و"تخليا عن الدم الذي سُفك" طوال ثلاثين عاما، ولن تأتي للدولة بالاستقرار. كما أن متطرفين أكراد يرفضون الاتفاق الذي يصفونه بأنه يصفي القضية التركية ويذهب بالتضحيات التي بذلت أدراج الرياح. في المقابل يري حزب "العدالة والتنمية" الحاكم بأن هذه الجهات لها مصلحة في الاضرار بالاستقرار والبرهان على ان الارهاب في الدولة مستمر. وفي الحقيقة وقبل ان يوجه رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان اصبع الاتهام الى "جهات سورية" أو الى المخابرات السورية قال إنه يوجد من يريد ان يزعزع المصالحة وهو المسؤول عن العمليات التفجيرية. فيما أفاد نائبه بشير أتالاي أن الاستخبارات التركية أصبحت تعرف من الذين نفذوا العمليات وأنهم مواطنون اتراك لا سوريون. وأفاد نائب آخر هو بولانت ارينج في المقابل ان هوية منفذي العمليات ما زالت في قيد الاستيضاح. لكن ليست هوية المنفذين هي المهمة بل من الذي بادر الى العمليات ولماذا.
وتوجه إصبع الاتهام الى سورية بأنها لها مصلحة مباشرة في تصدير الحرب الى جاراتها ولا سيما تركيا والاردن للبرهان على زعم الاسد ان المنطقة ستحترق كلها من غيره. لكن حتى لو كان هذا التخمين صحيحا فسيوجد عدد من الجهات التركية التي تريد استغلال العمليات لتدفع ببرنامج عملها السياسي مضاد لتوجهات أردوغان وتسوقه في الشارع التركي، وهذا ما يخشاه اردوغان الذي يستعد لرحلته الهامة والشاقة الى واشنطن التي سيلقى فيها الرئيس باراك اوباما الخميس المقبل. معلق سياسي متابع لاحداث الشرق الاوسط كتب ما يلي: "....- الريحانية كلمة عربية ؟ - نعم والبلدة عربية واغلب سكانها عرب سوريون من ضمن اقليم الإسكندرون - تم إتهام سوريا بالتفجير فلماذا وكيف ومتى ؟ - لماذا تقتل سوريا مواطنيها الذين يخرجون تأييدا لها وأحتجاجا على اردوغان ومسلحي المعارضة طالما لا معسكر للميلشيات ولا اي من قادتها ؟ - حسنا كيف ؟ - بسيارات مفخخة وصلت للحدود عبر مناطق سيطرة المعارضة ؟ - ألم يكن اقوى وافضل تفجيرها بمواقع وقادة هذة الميليشيات في سوريا؟ - إذن جاءت من قلب تركيا نحو الحدود ؟ - ألم يكن افضل تفجيرها في انقرة أو إسطمبول طالما الهدف رسالة لأردوغان ؟ - بالمقابل متى ؟ - بعد فشل مشروع أردوغان نتنياهو بالحرب وفشل العداون المشترك بإسقاط دمشق - بعد تسليم واشنطن بالحل التفاوضي في موسكو الذي يرفضه أردوغان واوغلو - قبيل سفر أردوغان إلى واشنطن للتحريض على الحل السياسي وقرع طبول الحرب على سوريا - من يحتاج التفجير ويعيش المأزق سوريا أم اردوغان ؟ - فعلها اردوغان ليتهم سوريا كما كل المجازر التي تم توقيتها عشية مجلس الأمن!!! ".