مشكلة تعاطي المخدرات واحدة من أخطر المشاكل النفسية والاجتماعية التي تواجه العالم كله بمختلف مجتمعاته العربية والغربية، وهناك كثير من الدلائل المتعددة التي تكشف عن مدىّ خطورة هذه المشكلة، فأصبحت لا تهدد مجتمع واحد فحسب وإنما تهدد كل المجتمعات سواء المتقدمة أو النامية، وأيضًا تمثل المشكلة أضرارًا مادية وصحية ونفسية بالغة . من المؤسف انتشار المخدرات في مختلف الطبقات الاجتماعية ومختلف الأعمار، لاسيما مرحلة "المراهقة والشاب"، وهى المرحلة التي تعتمد عليها الدولة في إنتاج أبنائها.
الآن، أصبح الأمر أكثر من خطر، فدخلت أنوع جديدة من المخدرات ك (الرقمية والصناعية) على العالم في الأعوام القليلة الماضية، ما أدى إلى استنفار الجهات المعنية "حكومية كانت أم مدنية"؛ لدرء خطرها عن الشباب عامة والمراهقين خاصة.
وحذر التقرير السنوي للأمم المتحدة من خطر ارتفاع استخدام المخدرات بشكل عام في دول جنوب شرق آسيا والخليج العربي.
ماهية المخدرات الرقمية :
مجرد وهم نفسي، وتقوم المخدرات الرقمية التي تنساب من الأذنين على شكل نغمات، لتصل إلي الدماغ وتؤثر على ذبذباتها الطبيعية، وتُدخل متعاطيه إلى عالم آخر من الاسترخاء.
تتم تجارة هذا النوع من المخدرات عبر الإنترنت، وتأخذ منتجاته شكل ملفات صوتية (mp3) تحمل أولًا بشكل مجاني كعينة تجريبية، غالبًا ما تحقق غرضها وتوقع المستمع إليها ضحية الإدمان، فيوجد للمخدرات الرقمية قواعدها الخاصة، إذ ينصح بشراء كتاب توجيهات وهو عبارة عن 40 صفحة، فيه جميع المعلومات عن هذا المخدر وطريقة تعاطيه، فبإمكان أي جرعة زائدة أن تفتك بدماغ المستمع.
ماهية المخدرات الصناعية:
نوع جديد من المخدرات، ومن أبرزها مادة "الجوكر"، ونظرًا لسهولة الحصول عليها، عبر المواقع الإليكترونية، انتشرت بسرعة البرق بين أوساط الشباب، لاسيما الفئة العمرية ما بين 19 و25 عامًا، ومنها "الانفيتامين والاكستاسي"، وتباع المخدرات الصناعية عادةً على شكل "بخور أو أعشاب طبيعية"، ويتم التسويق لها على أنها طبيعية 100في المائة، وليس لها أي أضرار جانبية ولا يمكن الكشف عنها في الفحوصات التقليدية، ولأنها لم تكن من المواد المحرمة قانونًا ك "الحشيش"، ولكن تأثيرها مشابه للحشيش، بل أقوى، فمن السهل ايجاد مكوناتها لصنعها في المنزل.
احصائيات حول المخدرات الصناعية:
بلغ حجم التجارة العالمية في المخدرات والأدوية والعقاقير الممنوعة والمواد المسموح بها قانونيًا في بعض بلدان العالم تجاوز حاليًا (800) مليار دولار سنوياً، حسب إحصائيات الأممالمتحدة لعام (2012م) وهو ما يزيد على مجموع ميزانيات عشرات الدول النامية والفقيرة.
وأصبحت تجارة المخدرات الصناعية تشكل خطرًا عالميًا لأنها ضربت جميع دول العالم، وقد وضع التقرير حجم مشكلة المخدرات في مصاف حجم التجارة الدولية في النفط والسلاح.
وعلى الرغم من أنَّ هذه التجارة لا يستفيد منها سوى تجار المخدرات إلا أن ثمنها وتكلفتها النهائية دائمًا ما تكون باهظة للأفراد وللمجتمعات والدول.
ففى بريطانيا، وحسب تقريرالجهات الحكومية، فإنَّ إدمان المخدرات الصناعية يكلف الاقتصاد أكثر من (20) مليار جنيه إسترليني سنويًا، من خلال ما ينتج عنه من جرائم وأمراض وفقدان للإنتاجية.
وفي الولاياتالمتحدة، وبحسب دراسة نشرت عام 2004م، كلف إدمان المخدرات الصناعية الاقتصاد الأمريكي عام 2002م حوالي (180 مليار دولار)، وتضاعف هذا الرقم خلال الوقت الراهن نتيجة زيادة حجم المشكلة في الولاياتالمتحدة وفي العالم.
وأوضح تقرير الهيئة الدولية للمخدرات في عام (2010م) ، أن حجم تجارة المخدرات الصناعية تجاوزت الرقم المشار إليه، وأن عدد مدمني المخدرات الذين تم تنويمهم في المصحات العلاجية تجاوز (5.700.000) ألف حالة في العالم وهذا يعود للإزدياد العالمي في تجارة المخدرات الصناعية وزيادة الدول المنتجة لها وسهولة التنقل ووسائل الاتصال وتطور وسائل النقل.
بحوث ودراسات : المخدرات الرقمية:
أكّد متخصصون وأطباء، أنَّ "ما يسمى بالمخدرات الرقمية «مجرد وهم نفسي»، ولا يوجد دليل علمي حولها ومدى ضررها"، فضلًا عن أنَّ "الترويج لذلك جاء من جهات باحثة عن الإثارة وجذب الجماهير". وأضاف أستاذ علم النفس الدكتور "نزار الصالح"، أنَّ "«المخدرات الرقمية» مجرد ضجة إعلامية وهمية، ومن المفترض ألا يُنشر عنها إعلاميًا بهذا الحجم".
من جهته، قال الدكتور أسامة ابراهيم: "لم تسجل أي حالة وفاة متعلقة بالمخدرات الرقمية، والموضوع فيه كثير من المبالغة، لابد من وجود دراسة علمية للوصول إلى إجابات دقيقة، وأن تأثيرها مجرد إيحاء يعتمد على مدى تقبل الشخص لها، وأن منشأها نفسي وليس كيمياوياً".
بدورها، قالت خبيرة الأممالمتحدة في علاج الإدمان الدكتورة "منى الصواف": أن إطلاق تسمية «المخدرات الرقمية» على هذا النوع من المؤثرات الصوتية هو «مسمى خاطئ» كونها ليست مخدرات، إذ أثارت حالة من الهلع بين عامة الناس بما سببته من لغط من دون أساس علمي، ما أدى إلى حرف الانتباه عن المشكلة الأساسية التي تواجه الإنسان في العصر الحديث وهو "ازدياد المخدرات التقليدية".
المخدرات الصناعية تغزو أميركا على شكل أقراص:
ظل تعاطي المخدرات في أميركا حتي وقت قريب يقف عند مستوى ثابت لا يتغير، لكن السنوات الأخيرة شهدت تغيرات كبيرة، ترجع في الأساس إلى تقلبات السوق وعدم إستقراره نتيجة مباشرة لتشدد السلطات الأمريكية في مكافحة المخدرات، دفع ذلك التشدد الي تراجع كبير في مبيعات "الحشيش والكوكايين"، لكن تجار المخدرات سلكوا ثمة طرق أخرى مختلفة لترويج المخدرات في أرجاء القارة الكبيرة، أهمها هو التصنيع المعملي ومن ثم ترويجها على هيئة أقراص تشبه أقراص الدواء.
وحذرت وكالة "الدواء الأوروبية" في تقريرها السنوي الصادر في نهاية عام( 2011)، حيث ذكر التقرير أن المخدرات الصناعية المركبة كيميائيًا تنتشر بشكل مكثف الآن عبر أقطار القارة المختلفة.
التحايل على السلطات بالتغير الدائم لمركبات المخدرات:
يقول التقرير العالمي الصادر عن المكتب المسؤول عن المخدرات في الأممالمتحدة في السنة الماضية : "إنه قد تم رصد حركة إستيراد واسعة للمواد الخام التي تدخل بطرق غير مشروعة إلى أميركا، ويتم إستخدامها في إنتاج المخدرات الصناعية.
وفي هذا الصدد أصدر الإتحاد قائمة تتضمن (16 نوعًا) من المخدرات التي يحذر التعامل فيها بمقتضي القانون، مضيفًا أن المنتجين الغير شرعيين للمخدرات يتحايلون علي القانون بشكل مستمر، فيقومون بتغير تركيبة المخدرات المحظورة في كل مرة يتم إكتشافها وتحريمها من قبل السلطات .
وعلى الفور يقومون باستخدام تركيبات تختلف في موادها، لكنها تشترك في نفس التأثير المخدر، ما يتسبب في عجز الحكومات عن إصدار قوائم ثابتة بالمخدرات المحظورة .
خطورة المخدرات : المخدرات الصناعية:
خطورة المخدرات الصناعية أنها تصنع من مواد كيميائية لها نفس تأثير المواد المخدرة الطبيعية والمخلوطة، إلا أنَّها "أشد ضررًا على الجسم" منها على سبيل المثال (الإمفيتامين و الكبتاجون وعقار الهلوسة المعروف ب”إل .إس.دي” والميكالين).
وتَكمن المشكلة الحقيقية في أن المتعاطين لايعرفون التركيبة الكيميائية لها، ولا يعرفون أثر ذلك علي الصحة العامة.
قال مدير الوكالة الأوروبية للأدوية "فولفجانغ جوتس": "هذه العقاقير المخدرة الغير مشروعة والتي لايعرف متعاطيها الخليط الكيميائي الذي استخدم في صناعتها يمكن أن يؤدي بطبيعة الحال الي مشاكل صحية كبيرة قد تصل بصاحبها الي الموت" .
المخدرات الرقمية:
قالت الدكتور شتاين في منظمة (nida) المركز القومي لأبحاث الإدمان والمخدرات في أمريكا في رده العلمي عن مثل هذه المخدرات، بوصفه لما تفعله هذه المخدرات الرقمية على خلايا الدماغ أنها تعمل موجات مختلفة للأذن اليمنى عن اليسرى، يسمعها الشخص عن طريق سماعات، وتسبب اضطرابًا في تناغم كهرومغناطيسية الدماغ.
ولم يثبت علميًا في كل الأبحاث أنها تسبب "الإدمان"، إضافة إلى كونه يمكن استخدامها للتعرف على الأشخاص التي تبحث عن "الإثارة" وأنها تحت الملاحظة العلمية منذ (150 )عامًا، كما أثبت العلم أن استخدام الموسيقى في التأثر على الحالات المزاجية واستخدام الموسيقى للإسترخاء.
وقال الخبير الدولي في مجال المخدرات الدكتور "عايد علي الحميدان": أن "ما يثار عن المخدرات الرقمية هو وهمٌ نفسي صنعه الخاسرون فساءت تجارتهم وما يمكرون".
وأضاف ملخصًا لهذه الحقائق، أنه لا يوجد ما يسمى ب «المخدرات الرقمية»، ولكن هى جرعات الموسيقى الرقمية التي تنجم عن سماع الموسيقى الصاخبة أو النغمات الصوتية أو الذبذبات أو الترددات العالية، ويلجأ لها أحيانًا بعض المدمنين بعد تعاطيهم أنواع محددة من المخدرات ليحققوا حالة من الطرب غير المألوف والصراخ والصخب.
وتابع: "أن الإدمان على الموسيقى الرقمية يصاحبه تأثير خطير لهذه الموسيقى المرتفعة ذات الذبذبات العالية فتؤثر على العصب السمعي ويصاب بالغالب بالصمم، وأن الحالات التي ذكرت في العديد من التقارير هي حالات منخفضة جدًا وتمت المبالغة في تضخيم أرقام المدمنين على ما أسموه «المخدرات الرقمية» في بعض الدول العربية والغربية رغبةً في الإثارة (الشو) الإعلامية".
وذكر مدير أمانة اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات "سمير الخطيب"، أن صناعة الحروب الإليكترونية والكثير من الأدوات العالية التقنية والتكنولوجيا من الأقمار الصناعية والموجات والإشعاعات الميكروفيه( IR) والترددات الالكترونية والمغناطيسية، هي علوم قديمة منذ عام (1954 وحتى 1971)، تمت عليها دراسات وبحوث علمية من (IBC) وجهات حكومية عسكرية غربية "هى بكل المعرفة ليست «مخدرات رقميه»"، ولكنها حرب إليكترونية مقتنه ومدمرة لحياه الإنسان والبيئة بأكملها والجديد منها ينطوي منذعام ( 2008 ) تحت جرائم الإنسانية والاقتصادية والمعلوماتية بما يعرف حرب «السايبر الرقمي. Cyber digital crimes».
وهذه ليست نهاية، فإن موضوع المخدرات أو المواد المخدرة بشكل عام موضوع «صعب وشائك»، حيث تختلف فيه الأبحاث والآراء ولكن لا يختلف أحد حول الأضرار والخسائر الناجمة عن هذه الظاهرة التي يعانى منها العالم أجمع، والتي تحتاج لتكاتف جميع الجهود العالمية والإقليمية والعربية حتى تستطيع أن نتصدى لهذه المشكلة الخطيرة التى تواجه مجتمعات العالم بأسره، وبالرغم من تباين حدتها الواضح من مجتمع إلى أخر فيجب على الإنسان أن يكون على ثقه تامة في نفسه وتكون إرادته قوية وألا يضعف أمام هذه «المهلكات».