تضمنت الحركة الصهيونية عدة مفاهيم مختلفة حول من هو اليهودى ومن هو الآخر غير اليهودى الذى يتعامل معه اليهودى وهل هذا المفهوم مجرد مفهوم دينى لا يمتد إلى الفكر الصهيونى ؟ أما أن الفكر الصهيونى قد تضمن بعض المفاهيم الدينية التى تم إستخدامها وإستغلالها داخل الحركة الصهيونية. ونعرض أولاً لمفهوم "الآخر" أو غير اليهودى – أو مفهوم "الأغيار" الذى تم تداوله فى كل الكتابات اليهودية ، سواء الدينية أو الفكرية القصائدية والذى يعتبر دائماً عن من لا يدين بالديانة اليهودية أو ليس يهودى ، وبالتالى هو غير اليهودى. أما بالنسبة للصهيونية فقد تناول عدد من مفكريها هذا المصطلح الأغيار وبدأوا فى العمل على إحلاله وتجديده بمصطلح أثر تفاهماً وتواضعاً". وأطلقوا عليه لفظ " الآخر " وقد استخدم هذا المصطلح الباحث والمفكر اليهودى "مارتن بوبر" النمساوى الأصل 1878 – 1965 حيث أهتمت كتاباته بعلاقة اليهود مع الآخرين وأطلق عدة مؤلفات تبحث علاقة اليهودى بالآخر أهمها (الإنسانية العبرية) ، (إسرائيل والعالم) وكانت تشمل هذه الرؤية ذلك التوجه الصهيونى الجديد الذى أضاف أوصافاً أكثر إنسانية على هذا المفهوم "الأغيار" وإستبداله بكلمة " الآخر " حيث جاءت هذه الكلمة بمعنى مسىء لهذا "الغير" حيث تعتبره كل الكتابات اليهودية مفهوماً أقل شأناً من اليهودى فمن لا يدين باليهودية هو أقل شأنا من اليهودى صاحب الاختيار الآلهى. والذى خصة إله اليهود بالاختيار ومد يد العون والتمييز المتواصل عن باقى الشعوب وباقى الأمم أو من يطلق عليهم "الأغيار" وعند بداية الحركة الصهيونية 1897 – لم تكن تلك الأوصاف مريحة أبدأ لغير اليهود للتعامل معهم. حيث ظهرت كنوع من التمييز غير المبرر والذى لا داعى له ولا إحتياج له فى محنة اليهود آنذاك, ومثل نوعاً كبيراً من العنصرية الموجهة من اليهود تجاه الآخرين. ومثل هذا الاتجاه غالبيته من تيار الصهيونية الإشتراكية " والذى سبق الحديث عنه " حيث أن تيار الصهيونية الإشتراكية مثل حلقة الوصل بين اليهود والكثير من أبناء دول العالم المختلفة , فكان هو حركة الوصل فى عدة بلدان منها جنوب أفريقيا. وروسيا . ومصر وسوريا . فهؤلاء اليهود الإشتراكيين هم أصحاب التوجه الإنسانى والأكثر تعاون وإنسانية تجاه الآخرين منهم مؤمنون بحق هؤلاء الآخرين فى الإشتراك فى قواعد وعوامل الإنتاج المتاحة فى أى بلد وبالتالى هم على قدر وإن كان بسيط من المساواة مع هؤلاء الأغيار. وسعى بوبر – ومن قبله لبونسكر صاحب أفكار التحرر الذاتى اليهودى ، إلى غررا أفكار خاصة بالتواصل والتعامل بل التكامل الإنسانى والمجتمعى مع الآخرين ، والذين منحهم مارتن بوبر مسمى (الآخر " عوضاً عن كلمة "الاغيار" السيئة المدلول. وكان لتطور مفهوم الاغيار فى العقيدة الصهيوينة . مع ثباته فى الديانة اليهودية فضلاً كبيراً فى إعتناق الكثيرين من مسيحين أوروبا وبعض مسيحين الوطن العربى الفكر السياسى الصهيونى – وذلك لوجود تيار يسارى إشتراكى يعبر عن ذوبان الفروق الأنسانية بين اليهودى وغير اليهودى. والتى أقرتها ووضعتها الشريعة اليهودية فكان للأحزاب الشيوعية على مستوى العالم الفضل فى دمج اليهود بغير اليهود وجعلهم فى بوتقة واحدة تتحدث دائماً عن مفوم العدالة الاجتماعية وتحقيق طموحات الشعب وهو على قدم المساواة . شاملا فى تكويناته كل الأفراد بجميع الديانات . سواء مسيحية . أو إسلامية . أو يهودية, وحتى من لاينتمى لعقيدة تمت مساواته باليهودى فى العقيدة الصهيونية الجديدة, والتى أطلق عليها اليسار الصهيونى. فما كان من هؤلاء اللذين آمنوا بتلك العقيدة إلا لأن حاولوا تجميل الفكر الصهوينى بإستيعابه لكل التيارات المتاحة على مستوى العالم. وكان لهذه النظرة الإنسانية" نوعاً ما" والتى بدأت تنتشر فى الحركة الصهيونية إذ إستمالت بعض الفئات التى تعرضت لهذا النوع من الاضطهاد والذى لاقاه اليهود . فكان التعاطف من الافارقة تجاه اليهود وهو ما أثار إنتباه الباحثين العرب من كل جهة وصوب. حيث ان التلك النظرة الإنسانية الشائعة فى الصهيونية إحتوت فيما يبدوا هؤلاء الأفارقة اللذين عانوا ويلات العنصرية فى الاستعمار الأووربى ومنحوا أعذارا هائلة لليهود وتأيداً كاملاً لأفكارهم وصراعهم المستمر لتمسكهم بديانتهم اليهودية وعقيدتهم الصهيونية. وكانت نقاط التلاقى التى أعلنها اليهود خاصة الصهانية اليساريين مع الأفارقة تتمثل فى تعرض الفريقين "اليهود-والافارقة" إلى ضغوط وإضطهاد عنيف من جانب الرجل الاوبى, إلى جانب نظرة التعاطف التى أبداها اليهود تجاه الأفارقة المضطهدين إلى جانب إستبعاد اليهود لفكرة "الاغيار" وتبينهم لفكرة "الأخر" المتساوى معهم فى المعاناة , وبالإضافة لحصول كل من الفريقين فى فترة من تاريخه على ما يسمى بمنحة" الانعتاق ". فهناك ما يسمى بمرحلة الانعتاق التى حصل عليها اليهود أثناء فترة حكم" نابليون بونابرت" " والتى أطلق عليها فترة حكم الجمهورية الباتافية "1795– 1813". حيث عتق نابليون اليهود فى هولندا ، وسمح لهم بالهجرة لجنوب افريقياوعدد من بلده العالم. بعدما كان محظور عليهم التنقل خارج حدود الامبراطورية- ثم حصل الأفارقة على ما يسمى بمرحلة الانعتاق ايضا . والخاصة يإنتهاء فترة العبيد فى أوروبا والأمريكتين . والقضاء على تجارة الرقيق فى أوروبا, وكان لهذا التلاقى فى المعاناة أن توحدت الأفكار وتلاقت وتعاطف الجانبان تجاه بعضهما البعض.وبالتالى وجهت الحركة الصهيونية نشاطها بصورة مكثفة إلى داخل القارة الأفريقية خاصة الدول الأفريقية غير المعربية حيث وحدة المعاناه ووحدة لمصير. وعلى هذا فقد كان لاستخدام الحركة الصهيونية من خلال مفكريها لبعض الأفكار الحديثة التى تزيل العنصرية من مكوناتها ما أدى إلى إكتساب العديد من المؤيدين والداعمين لهذه الحركة بكل تياراتها. وبناء على ذلك فقد استبدل الفكر الصهيونى عدة مصطلحات دينية ذات مدلول عقائدى دينى لإستخدامها سياساً وكان من ضمنها هذا المفهوم موضوع حديثاً وهو مفهوم "الاغيار ". والذى استبدله الصهاينة بالمفهوم الحديث الآخر . وإلى اللقاء فى حديث قادم حول مفهوم ومدلول آخر فى الفكر الصهيونى.