ما زال الغموض يحيط بظروف مقتل قائد اركان جيش المعارضة الليبية عبد الفتاح يونس العبيدي (وزير الداخلية والدفاع السابق) الذي تم في ظروف غامضة وبعد شائعات قالت ان العبيدي اعتقله المجلس وحقق معه، وان الجنرال اتصل مع عائلته وقال انه في طريقه الى بنغازي. واعلن المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل المعارضة الليبية مقتل عبد الفتاح يونس قائد الحملة العسكرية للمعارضة ضد الزعيم الليبي معمر القذافي برصاص مهاجمين في حادث يغلفه الغموض، وقد يشير الى انقسامات عميقة داخل الحركة التي تحاول انهاء حكم القذافي. وقال أحد أقارب يونس ان مشيعين حملوا نعشا به جثمان يونس وطافوا به الجمعة في الساحة الرئيسية في بنغازي. وقال عبد الحكيم وهو يسير خلف النعش 'تسلمنا الجثة أمس (الخميس) هنا في بنغازي. لقد اطلق عليه الرصاص وأحرق. لقد اتصل بنا الساعة العاشرة (صباح الخميس) ليقول انه في الطريق الى هنا'. وقال زعيم المعارضة الليبية ورئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل ان مهاجمين قتلوا يونس بعد استدعائه من الجبهة للمثول امام لجنة قضائية كانت تنظر في العمليات العسكرية. وقال عبد الجليل للصحافيين في معقل المعارضة في بنغازي بعد يوم من الشائعات ان يونس واثنين من حراسه قتلوا قبل ان يتمكن من المثول امام اللجنة القضائية. وأضاف 'وردت اخبار تفيد تعرض اللواء يونس ورفيقيه لاطلاق نار من قبل مسلحين بعد ان استدعي اللواء للمثول امام لجنه قضائيه لتحقيق في موضوعات تتعلق بالشأن العسكري'. ولم يتضح أين قتل يونس وحراسه، أو كيف علم عبد الجليل بموتهم. وزاد من الغموض انه قال انه لم يتم العثور على الجثث وتبذل كل الجهود الممكنة للعثور عليها. ولم يشعر بعض المعارضين بالراحة نحو قائد للجيش كان حتى فترة قصيرة مقربا من القذافي، وكان يونس طرفا في نزاع بشأن قيادة قوات المعارضة. لكن مقتل القائد العسكري لحركة المعارضة قد يوجه ضربة قوية للحركة التي حظيت بمساندة نحو 30 دولة لكنها تجاهد لتحقيق تقدم على أرض المعركة. ويخشى ان يؤدي مقتله الى تصاعد العنف القبلي ووصول الحزازات الى قلب مركز المعارضة في بنغازي. وكان يونس مثار جدل بين المقاتلين واتسمت علاقته مع الجنرال خليفة حفتر بنوع من التوتر حيث تنافسا على القيادة في شهري نيسان (ابريل) وايار (مايو) وانتهت بان دعم المجلس قيادة العبيدي. ولدى الجنرال الكثير من الاتباع من المقاتلين، فيما يرى اخرون ان يونس ليس قائدا متمرسا وانه قام بعدد من المحاولات الفاشلة كانت اخرها محاولة السيطرة على مدينة البريقة. وكان يونس واحدا من رفاق القذافي في الانقلاب على الملكية عام 1969 وهو الذي مزق علمها ليعود وينضم الى المعارضة ضد رفيقه السابق - القذافي. وكان مقتله قد جاء بعد سلسلة من الشائعات والاحاديث التي قالت انه اعتقل ومساعدين له على خلفية الاشتباه بعقدهما لقاءات مع ممثلين للنظام. وترى صحيفة 'نيويورك تايمز' ان مقتل يونس اثار مخاوف من ان تؤدي الولاءات القبلية الى تمزيق قوات المعارضة، حيث استقبل افراد قبيلة الجنرال انباء مقتله باطلاق النار. وقالت ان منظور العنف القبلي الذي سيتغلب على اهداف المعارضة التي تسعى لبناء ديمقراطية يخيف الغرب. واشارت الى احاديث عن تداخل المصالح القبلية واهداف المعارضة بدأت تتطفو على السطح عندما قيل ان لجنة من اربعة قضاة تابعة للمعارضة في بنغازي دعت يونس للحضور الى البريقة للتحقيق معه. وينتمي يونس الى واحدة من اكبر القبائل في الشرق. واندلاع الخلافات القبلية في بنغازي مركز المعارضة يعتبر ضربة للاخيرة خاصة انها تحاول تقديم نفسها على انها حركة تتجاوز الولاءات القبلية والعرقية والدينية. ونظرا لقوة القبيلة فقد تأخر اعلان مقتل الجنرال الى ما بعد العاشرة مساء. وحسب مسؤول في المعارضة فقد بذلت الجهود من اجل احتواء القبيلة ورد فعلها. ومن جهة اخرى حذر السناتور الجمهوري الامريكي المعارضة الليبية في بنغازي، داعيا اياها الى وقف الانتهاكات ضد حقوق الانسان او يقطع عنها الدعم الامريكي. وجاء هذا في رسالة نشرتها صحيفة 'اندبندنت' البريطانية. وجاء في الرسالة التي وجهها ماكين وهو من اكثر النواب الامريكيين تأثيرا، الى مسؤول الشؤون الخارجية في المجلس محمود جبريل 'ادعوك للتحقيق في حالات الانتهاكات الاخيرة والموثقة، وان تحاسب من قام بها، والتأكد من التزام قوات المعارضة بمبادئ العدل وحقوق الانسان'. ومضى المرشح السابق للرئاسة الامريكية يقول 'كما تعرف، فنقاد المجلس الوطني الانتقالي في داخل الولاياتالمتحدة وحول العالم يبحثون عن اي تجاوز من اجل تشويه المجلس والشعب الليبي الذي يقاتل من اجل الحرية'. وفي الوقت الذي يدعم فيه ماكين العمل العسكري للاطاحة بنظام القذافي، فإنه مثل بقية الجمهوريين وعدد كبير من الديمقراطيين الذين وجهوا انتقادات حادة للرئيس باراك اوباما حول العملية العسكرية التي يديرها الناتو منذ اكثر من اربعة اشهر. وتعود الرسالة الى 20 تموز (يوليو) الحالي حيث قال فيها ماكين 'ان اصدقاءكم وداعميكم اشاروا الى الحوادث الموثقة لانتهاكات حقوق الانسان التي ارتكبها اعضاء من المعارضة في بلدات في غرب ليبيا 'العونية والريانية وزاوية البقول والقواليش'. وواصل قائلا 'حسب تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش، وهي منظمة تتمتع بمصداقية عالمية، قام المقاتلون التابعون للمعارضة وداعموهم بتدمير الممتلكات وحرق بعض البيوت ونهب المستشفيات والبيوت والمحلات التجارية واعتدوا بالضرب على افراد اتهموا بدعم قوات الحكومة'. ومضى ماكين قائلا 'انا واثق من انكم واعون لهذه الاتهامات.. ولان المجلس الوطني يتمسك بالمعايير الديمقراطية فإنه من الضروري لكم كمجلس اتخاذ اجراءات حاسمة من اجل وقف اية انتهاكات لحقوق الانسان'. كما اتهم ماكين المعارضة التي لم تستطع حتى الان تحقيق تقدم بالانقسام والتناقض في تصريحاتها. واشارت الصحيفة الى التشوش في تصريحات المعارضة ما اعتبره منسق المجلس في بريطانيا جمعة القماطي تصريحات 'سخيفة' تلك التي اطلقها مصطفى عبد الجليل والتي قال فيها ان بامكان القذافي وعائلته البقاء في ليبيا، حيث ان رحيله هو شرط تتمسك به المعارضة. وقال القماطي اعتقد اننا وصلنا الى نقطة النهاية في كل هذه المبادرات السخيفة والحديث حول بقاء القذافي في ليبيا. وعلقت 'الاندبندنت' في افتتاحيتها على المهمة في ليبيا التي قالت انها تزحف، واشارت فيها الى ان اعتراف بريطانيا بالمجلس لن يغير من حقيقة الواقع في الغرب، وان استمرار تمسك القذافي في الحكم قد يقود الى تنازلات جديدة. وهي وان اعتبرت ان خيارات الغرب كانت تتمحور حول دعم معارضة ضعيفة او ترك قوات القذافي للتقدم نحو بنغازي وارتكاب مجزرة على غرار سربينتسيا في البوسنة. وقالت ان بريطانيا محقة في عدم السماح بسيناريو مثل هذا لكن القرار 1973 الذي اتخذ لحماية المدنيين تمدد بحيث صار يشمل ضرب اهداف لا علاقة لها بحماية المدنيين بل من اجل الاطاحة بالقذافي. واعتبرت ان الاعتراف بالمجلس الانتقالي يرفع سقف التوقعات اكثر ولكنه خطوة في الطريق الخطأ. وتقول انه بعيدا عن التصريحات التي تطلق فإن ما تسمى الحكومة الانتقالية لا تسيطر الا على جزء من الاراضي الليبية، كما اننا لا نعرف حتى الان قدرات النظام ونواياه. وهي ايضا متهمة بدماء وانتهاكات ومن هنا صعوبة الاعتراف بها كحكومة شرعية وممثلة وحيدة لليبيين، واننا نعتقد بما اصبح واضحا من ان نتيجة الحرب في ليبيا ستكون فوضوية وبين سلطتين متنافستين في بنغازي وطرابلس.