وكأن الكاتب الكبير ثروت أباظة قد استدعى عبدالعزيز عبدالشافى «زيزو» وحسام حسن مدربى الأهلى.. وعقد معهما اجتماعاً طارئاً قبل القمة 106 وزرع فى نفس كلا الرجلين تفاصيل روايته الشهيرة «شيء من الخوف».. وقرر الراحل حسين كمال أن يعود من مثواه الأخير ليخرج لنا تفاصيل هذه المباراة التى شهدت نهاية أسطورة وجبروت عتريس على يد فؤادة! كانت قمة من نوعية مباريات الأبيض والأسود وكان فيلم «شيء من الخوف» قد ظهر على الشاشة عام 1969 بتصوير أبيض وأسود رغم ظهور تقنية الأفلام الملونة.. لكن المخرج حسين كمال قرر اللجوء إلى الأبيض والأسود حتى يعطى ظلالاً مطلوبة عن مشاعر الخوف والرعب لدى أبطال الفيلم مع كل تصرف يقوم به «عتريس». قرر زيزو وحسام حسن أن يرتديا جلباب الراحل حسين كمال.. ولم يغامر أحدهما خوفاً من عتريس ذلك الشخص المرعب الذى كان ينتظر الكثيرون ظهوره بالأهلى عن طريق محمد أبوتريكة ليدخل نادى المائة.. ومحمود عبدالرازق شيكابالا فى الزمالك ليؤكد سطوته فى موسم 2010-2011 .. وضع المديران الفنيان تشكيلا يميل إلى التأمين الدفاعى وأزاح كلاهما بأوراق كانت أساسية خلال الآونة الأخيرة.. وعليه فقد اختفى محمود أبوالسعود حارس مرمى الأهلى الأساسى خلال المباريات الأخيرة وادخر زيزو عفروتو ومحمد ناجى جدو إلى جواره على دكة الاحتياطى وأعاد محمد طلعت وبركات للتشكيل الأساسى.. ودفع بكل أوراق الخبرة حسام غالى وجمعة وعبدالفضيل فى قلب الدفاع وفتحى ومعوض على الطرفين وحسام عاشور وشهاب الدين أحمد فى خط الوسط أمامهما محمد أبوتريكة ومحمد بركات على الورق ومحمد طلعت كرأس حربة وحيد.. وكان زيزو مرعوباً من خسارة موجعة ينهى بها تجربته المؤقتة بفشل ذريع إذ لم يحقق غير فوز يتيم خلال 6 مباريات متتالية والخسارة من الزمالك كانت تعنى إكلينيكياً انهيار الجيل الذهبى فى الأهلى وتعميق الفارق مع الزمالك إلى 9 نقاط. فى المقابل.. كانت فوبيا الخوف قد تأصلت بدورها داخل عقل حسام حسن رغم أن كفته الفنية والنفسية كانت أرجح للفوز لكنه خشى من نكسة لن يتوقف مفعولها عند حد خسارة ثلاث نقاط فقط ولكنها قد تحدث انكساراً فى صفوف فريقه وتمتد آثارها إلى فترة طويلة ما قد يهدد حلم اقتناص الدرع الغائب عن الزمالك منذ 6 سنوات.. أربك حسام حسن لاعبيه بتشكيل غير مبرر لم يلعب برأس حربة صريح وادخر أبوكونيه وأحمد جعفر على دكة البدلاء ودفع بحازم إمام ومحمد إبراهيم فى خط الهجوم مع شيكابالا وحافظ على باقى الأوراق بدءاً من عبدالواحد السيد وفتح الله والصفتى مرورا بعبدالشافى وأحمد غانم سلطان وعمر جابر وانتهاءً بحسن مصطفى وإبراهيم صلاح لاعبى الارتكاز. وفقاً لهذه التركيبة.. تحول شيكابالا ومحمد إبراهيم وحازم إمام الصغير إلى ثلاثة أقطاب متنافرة لأنهم جميعاً يلعبون دوراً واحداً وهو لاعب خط الوسط المهاجم وعليه ألغى الثلاثة بعضهم واختفى شيكابالا تماماً وتفرغ حازم إمام الصغير للركض فقط وعملت عضلاته كثيراً لكن عقله لم يكن فى الصورة إطلاقاً بينما ألقى محمد إبراهيم نفسه فى أحضان وائل جمعة قلب الأسد الذى كان يبحث عن كبريائه الذى تعرض لوابل من الحجارة.. فإذا به يجمع كل المقذوفات ويحولها إلى سلم يؤكد من خلاله أنه لا يزال الأفضل فى مصر رغم أنه تولى رقابة لاعب يصغره ب18عاماً كاملة!! نصف ساعة كاملة من الشوط الأول مرت وكلا الفريقين لا يقدم مردوداً يذكر الأهلى يعتمد على تمريرات طويلة لمهاجمه الشاب محمد طلعت ورغم أن الأخير كان بعيداً عن فورمة المباريات إلا أنه كان صاحب الغلبة فى كل المواجهات الثنائية مع عمرو الصفتى الذى اكتفى كعادته السيئة دائماً بالسقوط مع كل كرة مشتركة وفى المقابل كانت السيطرة نسبياً للزمالك فى وسط الملعب وكاد حازم إمام يحرز هدفا فى فترة الرهبة الأولى للأهلى لكن خبرة جمعة حسمت الموقف ببراعة كبيرة.. بعد نصف ساعة.. قرر حسام غالى أن يصنع الفارق للأهلى.. تقدم للمشاركة فى الهجمات أنهى فلسفة البالونات الطولة وقاد زملاءه لتمرير أرضى سليم وعليه دانت الغلبة للأهلى وظهرت خطورة محمد طلعت وتفوق سيد معوض ومحمد بركات بتحركاتهما المؤثرة لكن عبدالواحد السيد ظل فى النهاية شأنه شأن أحمد عادل عبدالمنعم ضيفين عزيزين على مائدة اللقاء ولم يتعرض أحدهما لاختبار حقيقى ولم يتصد لفرصة تهديف حقيقية. انتهى الشوط الأول وسط امتعاض حسام حسن وزفرة رضا نسبى لزيزو وإذا كان الأول غاضباً فإنه أثار علامات الاستفهام بتشكيله غير المبرر إلا بالخوف ولم يسع إلى تغييره رغم أنه أعطى إشارة إجراء تدريبات الإحماء لأبوكونيه وعاشور الأدهم وحسام عرفات لكنه خشى أن يجرى التغيير وترك الأمور تسير فى إطار سيناريو صبرى عزت وحوار عبدالرحمن الأبنودى بفيلم «شيء من الخوف» وبدا أن حسام يشدو بأغنية القديرة شادية التى لعبت دور فؤادة وهى تقول «ياعينى ع الولد» قاصداً بذلك شيكابالا الذى أصيب بغيبوبة تامة ربما بسبب تفرغه لمهاترات المدرجات. فى الشوط الثانى.. انتظر الجميع أن يفتح أحد المديرين الفنيين الهويس الهجومى على طريقة هويس الماء الذى تحدت به فؤادة عتريس لكن الآمال تبخرت قرر زيزو مواصلة الاعتماد على أسطول الخبرة دون تغيير وحاول حسام حسن تعديل خطئه بإشراك أحمد جعفر بدلاً من حازم إمام لكن السيطرة الأهلاوية ظلت مستمرة وواصل حسام غالى صنع الفارق فى وسط الملعب ودعم زميليه شهاب الدين أحمد وحسام عاشور ليتفوق خط وسط الأهلى على نظيره فى الزمالك.. ولم ينجح حسن مصطفى وإبراهيم صلاح فى إعادة الاتزان لخط وسط الأبيض ولم يشعر أحد بحسن مصطفى إلا فى الاحتكاك الذى حدث مع حسام غالى فى كرة مشتركة ارتكب خلالها غالى خطأ نال على إثره بطاقة صفراء ولكن حسن مصطفى قرر بدوره الظهور فى الكادر بالاعتداء على غالى لينال بطاقة صفراء كانت هى كل إنتاجه فى اللقاء قبل أن يخرج من المباراة فى الدقيقة 65 ويشارك بدلاً منه عاشور الأدهم. رويداً.. رويداً يقترب الأهلى من مرمى عبدالواحد السيد.. ويشعر لاعبوه أن الفوز ليس ببعيد كما كانوا يتصورون ويظهر أحمد فتحى فى تسديدة قوية مرت بجوار القائم الأيسر لعبدالواحد السيد. وتبعه شهاب الدين أحمد بالتسديدة الوحيدة التى كانت الاختبار الأول والأخير لعبدالواحد وتصدى لها بثبات.. تمر الدقائق ثقيلة باعتبار أن المباراة من استايل الأبيض والأسود أليست قمة الخوف؟.. ويستمر السيناريو على طريقة التصوير البطئ يتخلله تغييرات لم تقدم شيئاً ملموساً خرج بركات فى الدقيقة 72 بعد أن أدى دوراً معقولاً قياساً إلى غيابه عن التشكيل الأساسى منذ أكثر من شهر ويلعب جدو الذى حاول دون تأثير قوى ويلعب عفروتو بدلاً من طلعت فى الدقيقة 77 لكن عفروتو اكتفى بمشاحنة بسيطة مع عاشور الأدهم ولم يقدم شيئاً يذكر ويشارك أحمد شكرى بدلا من سيد معوض فى الدقيقة 88 لكنه لم يختبر. فى المقابل.. سحب حسام حسن شيكابالا الذى أصيب بذهول ظناً منه أنه سيكمل اللقاء حتى النهاية لكنه خرج فى الدقيقة 83 ليشارك أحمد توفيق فى تغيير عكس رغبة حسام فى الحفاظ على التعادل السلبى الذى يكفل له الحفاظ على فارق الست نقاط.. انتهى اللقاء بالتعادل السلبى.. وهو نتيجة تبدو مريحة جداً لزيزو وهو يسلم مقاليد الأمور للمدير الفنى الأجنبى المنتظر الذى تشير دلائل عديدة إلى أنه قد يكون مانويل جوزيه ونفس الأمر بالنسبة لحسام حسن الذى لا يهمه الفوز على الأهلى بقدر ما كان يهمه عدم الخسارة حتى يحافظ فريقه على فارق النقاط وكان له ما أراد.. وبقى لاعب واحد فقط فى برواز التألق والنجومية.. هو حسام غالى الذى استعاد ذاكرة التألق وأصبحت عودته للمنتخب منطقية جداً وغاب النجمان المنتظران أبوتريكة وشيكابالا ولم يقدما شيئاً يذكر وإذا كان حسام حسن قد سحب شيكابالا فإن زيزو كان يطمع فى أن يفعلها أبوتريكة لكنه اكتفى بدور ضيف الشرف لتنتهى قمة الخوف بفشل «عتريس» وأقصد به شيكابالا وتريكة وانتصار فؤادة.. وإذا كنتم تبحثون عن فؤادة فى اللقاء فراجعوا شريط المباراة لتعرفوا من المقصود بالضبط «!!».