انتشرت في الساحة الرياضية مؤخراً أنواع متباينة من المضاربة والمساومة والمبادلة واندثرت فيها أخلاقيات الفرسان وتعاملات الشجعان.. تحكم المال بشكل طاغ وسيطرت الماديات بأساليب مسفة وقل الالتزام بكلمة الشرف ولم يعد هناك مجال لوعود الأحرار وعهود الثوار.. وأصبح من السهل فسخ العقود والنكوص عن العهود.. وفي ظل هذا الارتداد الأخلاقي ظهرت عمليات الضرب تحت الأحزمة والخطف والقنص والإغواءات والإغراءات لاستمالة هذا واستقطاب ذاك.. كانت هذه الأمور في الماضي تتم بصورة خفية وتجري بطريقة غير عملية وكنا نخجل ونحن نتابعها ونستحي ونحن نستعرضها.. غير أنها أصبحت اليوم متفشية بشكل وبائي ويستخدمها العامة ويتباهي بها من يفعلها وكأنها هي القاعدة وغيرها هو الاستثناء.. مثلاً عندما سعت القيادات بالمعقل الأبيض في خطف المدرب الكفء إيهاب جلال من ناديه إنبي المتعاقد معه لثلاثة مواسم وفي منتصف الموسم والمنافسات علي أشدها لم تستغرق عملية انتقاله من التجمع إلي ميت عقبة سوي سويعات حيث طغت أصوات المصالح وتعالت أصداء الملايين وتمت النقلة دون إبطاء أو معوقات.. تقبل الرجل ورضخ لبريق المادة أو حتي انبهر بالخطوة الحضارية التي تصور أنها ستضيف لمستقبله الفني أبعاداً ومعالم جديدة وهجر فريقه ولاعبيه عارضاً استعداده لدفع الشرط الجزائي بالتعاون مع ناديه الجديد مهما كان كبيراً.. ما أحزنني وأفزعني أن قيادات نادي إنبي بعد أن أعربت عن غضبها وأسفها علي ما ارتكبه جلال في حقها حاولت القيام بنفس المؤامرة وارتكاب نفس الاعتداء علي أحد أقرانها من الأندية وهو المصري.. فعندما أعياها البحث عن بديل علي نفس المستوي والأهلية من جلال وجدت ضالتها في التوأم حسن الموجود علي رأس الإدارة الفنية لنادي المدينة الباسلة.. وليكون الإغراء مغرياً والعرض ملفتاً رصدوا للتوأم 600 ألف جنيه وما يقارب ضعف مرتبه هناك.. وكأن قيادة الزعيم البترولي أرادت أن تنتقم مما فعله نادي الزمالك فيها فحاولت القيام بنفس المؤامرة.. ولعلي أرفض التعامل بهذه الأساليب الرديئة بالرغم من وجود رجالات يجيدون استخدام مفرداتها ويتفقون في تطبيق قواعدها لأنهم في الأصل تجار وشطار.. أحدهم رئيس شركة لتبادل الأوراق المالية وتمكن خلال الفترة الأخيرة من إضافة عدة ملايين من الجنيهات إلي رصيد ناديه عن طريق بيع أفضل لاعب بالفريق علي الإطلاق للأندية الخليجية ومن ثم تقهقهر الترتيب للمنطقة الخطرة وتعرض لهزة شديدة.. أما الثاني فرغم مركزه الفخيم وشعبيته الإقليمية غير أنه يجيد فن الربحية عن طريق التعاملات التجارية من منطلق بدايته الغذائية.. وقد أجري العديد والعديد من الصفقات الفنية غير أن فريقه يحافظ علي موقعه المتقدم بالجدول بفضل المدير الفني الكفؤ الذي استقدمه معه وقضي نصف الموسم تقريباً.. وإذ كنا قد استعرضنا بعض التعاملات غير الطيبة فإن الأمثلة الحسنة لاتزال موجودة.. والنماذج الطيبة ستظل هي السائدة ولعل هذه وتلك تضفيان بعض النقاء وتضيفان بعض الصفاء علي ساحتنا الرياضية التي هي في أمس الحاجة إلي السماحة والتسامي والنزاهة.