مارس دعاة الفتنة هوايتهم في إضرام الحرائق وتأجج وتعميق الفوارق بين الفصائل المدنية والفئات الرياضية وكأن ساحتنا الخربة ينقصها هؤلاء الخونة أو أنها تنعم بالاستقرار وتحظي بالتوافق والتناغم.. لم يرحموها وهي في حالة الهوان والضعف ولم يعينوها علي الاستفاقة ولم يأخذوا بأيديها كي نتخطي الاخفاق الذي دام لسنوات عجاف وانقضوا بمعاولهم وحناجرهم لتقويض نهضتها قبل آخر خطوة في طريقها نحو التأهل لنهائيات افريقيا ومن ثم لتصفيات كأس العالم.. الغريب انه من خلال متابعتي للأزمة التي أطلقوا عليها غالي ونبيه لم أطالع كلمة واحدة نقية أو عبارة واحدة نزيهة أو رأياً واحداً صائباً أو حتي توجهاً واحداً وطنياً.. الجميع يدلي برأيه وكأننا في حلبة لمصارعة الثيران أو ميدان مصغر للاقتتال وليته قتال شريف عفيف يتم استخدام الأسلحة المشروعة فيه وإنما حوّلوه إلي ميدان حسيس وغير عفيف يتم فيه استخدام كل الأسلحة الممنوعة من تضليل لبهتان لإفك لعدوان.. لم أجد من ينبه للمصلحة الوطنية العليا أو يلفت النظر إلي الصالح المجتمعي الشامل.. الكل إما يستعدي العناصر البيضاء لمناصرة لاعبيه الزملكاوي أو يجيش العناصر الحمراء لدعم غالي وكافة الاجتهادات تطالب بنصرة طرف وهزيمة الآخر.. حتي الأجانب الذين من المفروض أن يعملوا لانجاح مهمتهم بصرف النظر عن الانتماءات والفئويات خرجوا عن وقارهم وانزلقوا لهذا المعترك الوضيع واعلنوا انحيازهم لطرف مضحين بالطرف الآخر.. ولعلي اتساءل ألم يكن هناك صوت للعقل؟ أتفتقد الساحة لرجل رشيد إذا تحدث أنصت له الجميع وإذا تفوه أقنع الكل وإذا أشار جرف الأنظار إلي إيماءاته.. ولن تنتهي هذه الزوبعة حتي بعد أن ارتضي المتخاصمون بالحلول المؤقتة والتي تمسك بها طرف يتصور انه في سدة الحكم وفي موقع السلطة ونزل عليها آخر يري أنه الأقل رجاحة والأدني صواباً وستظل الأمور كامنة تحت فوهة البركان الخامد إلي أن يجد متنفثاً ليرمي بحممه ميقضي علي الأخضر الذي لم يكد نلتقط ونجني ثماره وتصيب المصالح الوطنية في مقتل.. وإذا ما دلوت بدلوي الذي أعرف أنه لن يشغل بال المتصارعين الذين يصمون الآذان ويفتقدون للبيان فإنني أري أن وجود غالي ونبيه معاً في هذه المواجهة غير المتكافئة يدل دلالة قاطعة علي حالة الخواء والاهتراء التي سادت الأجهزة الفنية وأن كل من فيها وحتي المشرفين عليها لا يستحقون البقاء في مواقعهم لحظة.. كل هذه الأسماء الرنانة والشهيرة قصار الفكر صغار الرأي ضعاف البصر والنظر عديمي البصيرة.. ما هذا السخف وأي هذا الحمق الذي يسود المنتخب الوطني الأول لكل عناصره.. حوار كلامي بين لاعب ومدرب يمتد ويتصاعد ويتجزر ليصبح أزمة يهدد فيها الأرجنتيني كوبر بالرحيل ويتدخل فيها رؤساء الأندية القطبية وينحاز كل المنتمين للأبيض إلي المدرب ويستقطب اللاعب كل المنتمين للأحمر.. أين أبو ريدة بحصافية وكياسته؟! وأين كوبر بخبرته وحنكته؟! وأين لهيطة بقيادته وصلابته؟! بل أين الوزير الهمام صاحب السلطة وحامل السهام؟! لن يتأثر المنتخب بغروب شمس غالي وبانقشاع قمر نبيه لن تتوقف مسيرة المنتخب حتي لو قرر كوبر الآن الرحيل لأنه يهدد بمستقبله وليس مستقبل المنتخب كرة القدم المصرية ستتقدم مسيرتها وتجتاز قافلتها كل العراقيل المتبقية أمامها نحو غايتها المنشودة بدون كل هذه الشراذم والأشخاص.. ومن يريد أن يعلي الكلمة الوطنية النزيهة والمصلحة الرياضية السامية فليبقي في المضمار.. أما من يتحيز للألوان ويتحزب للفئويات فليغرب عن وجهنا لأننا مللنا من هذه الصراعات والصدامات الكاذبة والمثبطة