** اراد ان يرحب بي في بيته بالعمرانية وانا اسلمه نسخة من المذكرات التي كتبتها عن حياته ونشرتها الكورة والملاعب عام "1980" في 17 حلقة.. كان الكابتن محمد لطيف.. يركن سيارته المرسيدس الزيتي في ميدان عبدالمنعم رياض ثم يأتي الي مقر جريدة الجمهورية القديم مشيا علي الاقدام.. واحيانا يستبدل المرسيدس بأخري صفراء "131".. وكنا اذا مشينا معا بعض هذه المسافة نقطعها في اكثر من ساعتين رغم انها لاتحتاج اكثر من ربع ساعة لان الناس في كل خطوة تستوقفه.. وتسأله وهو يجيب ويسلم ويتكلم ويضحك ولاتخرج من فمه العيبة ابدا.. ** ومن باب الترحيب اراد ان يقدم لي قطعة شيكولاته كان يحتفظ ببعضها بعيدا عن ايدي احفاده واكبرهم خالد لطيف الذي سار علي دربه ومن قبله كان والده المرحوم ابراهيم مخرجا لمباريات الكرة والبرامج الرياضية. وحتي يقدم لي الشيكولاته اغلق الباب خوفا من مافيا عيال اذا عرفوا بمخزن الشيكولاته.. ولانه لايدخن ولايشرب الشاي أو القهوة.. ويحب المشي.. كان يأكل الحلويات بلا خوف ويحتفظ في شنطة السيارة بالحمصية والسمسمية حتي في غير مناسبة مولد النبي صلي الله عليه وسلم. مذكرات لطيف اتاحت لي أن اعرف تاريخ مصر السياسي والاقتصادي والرياضي والاجتماعي.. فقد كنت اسأل في كل شئ فاذا قال لي انا اول لاعب يشتري سيارة ملاكي سألته بكام وماركتها ايه ولانه يحمل الكثير من لقبه فهو "لطيف" وابن نكته.. وغير متعصب.. والناس لاتعرف انه بقدر ما حول كرة القدم الي لعبة شعبية وجعل من التعليق علي المباريات متعة.. بقدر ما ساهم في نهضة الكثير من اللعبات وما العجيب في ذلك وهو اول شرق اوسطي يحصل علي بكالوريوس تربية رياضية واول عربي أفريقي يرتدي بدلة التدريب "تريننج سوت".. وقد تعلم التعليق من رجل اسمه "ريكسي" كان يصحب مجموعة من المكفوفين الي ملعب رينجرز في اسكتلندا لكي يصف لهم ما يحدث في الملعب لحظة بلحظة فاذا هب الجمهور واقفا مع هجمة وقف المكفوفون ايضا وصفقوا للهدف اذا جاء معهم.. من دقة وصف "ريكسي".. ولم يسبق لطيف في التعليق سوي الكابتن محمود بدر الدين.. لكن لطيف استفاد من التليفزيون وكان محبوبا من ملوك ورؤساء العرب جميعا وهو الذي اوصي الي الرئيس عبدالناصر باعادة الكرة بعد نكسة "67" وقد جري تكريمه محليا وعربيا ودوليا علي أعلي المستويات.. وقد كتبت له مادة سجلها علي شريط كاسيت عبارة عن مباراة بين فريقين وهميين واخذت الشكل الكوميدي مع الذكريات التي لاتنتهي من جرابه وكانت هذه هي المرة الاولي والاخيرة التي يصدر فيها شريط من هذا النوع لمعلق رياضي. كابتن لطيف حكاية لا تنتهي ومدرسة تعلمنا منها الكثير وأهم ما خرجنا به معه ان التعصب يعمي البصر والبصيرة.. وان الرياضة هي الاخلاق.. فان ذهبت اخلاقها ذهبت الي غير رجعة!